لحظة فاصلة
فى التاريخ
فى يوم الثلاثين من يونيو عام 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع والميادين فى مشهد مهيب، غير مسبوق فى تاريخ الشعوب، ليقولوا كلمتهم، رافضين اختطاف الوطن، رافضين لحكم لا يعبر عن هويتنا ولا يمثل إرادتنا»، لم يكن ذلك اليوم مجرد احتجاج أو مظاهرة عابرة، بل كان إعلانا شعبيا حاسما، وتأكيدا على استرداد مصر لهويتها، وتأكيدا أن الوطن لا يدار إلا بإرادة شعبه وتحت رايته الوطنية التى لا تقبل الطائفية أو الانقسام والتقسيم.
لقد كانت ثورة 30 يونيو لحظة فاصلة فى التاريخ المصرى الحديث، جسدت وعيا شعبياً حقيقيا، واستحضرت فى وجدان الأمة معانى السيادة الوطنية والاستقلال الحقيقي، أعلن الشعب المصرى فى هذا اليوم أن مصر لكل المصريين، وأن قرارها لا يؤخذ من خارج حدودها ولا يفرض عليها من أى فصيل أو جماعة، بل ينبع فقط من مصلحتها الوطنية.
ولم تكن تلك الثورة وليدة لحظة غضب، بل كانت نتاجا لتراكمات من الألم والخوف على وطن يعيش فينا، وإحساس متزايد بأن الوطن يسرق من بين أيدى أبنائه، وأن مستقبله يرسم فى الغرف المغلقة بعيدا عن أعين وإرادة الشعب، ومع ذلك، لم يستسلم المصريون، بل واجهوا بشجاعة معتادة ما لم تجرؤ عليه شعوب أخرى كثيرة حطموا قيود الصمت والخوف، وانتفضوا بكل طوائفهم وفئاتهم رافضين الظلم والاستبداد.
لتخوض مصر الجديدة بعد ذلك حروب بقاء بالمعنى الحرفى للكلمة، ضد أخطر جماعات الإرهاب وأكثرها تنظيماً وشراسة، وكان أبطال القوات المسلحة والشرطة فى الصفوف الأولي، يدفعون من دمائهم وأرواحهم ثمنا لحماية الوطن، لتتحول مصر من دولة كانت على شفا حرب أهلية إلى نموذج للاستقرار فى منطقة تموج بالصراعات ومخططات التقسيم وتركيع الدول ونهب ثرواتها.
وبينما كان العالم يتساءل عن سر تلك الصلابة، كانت الإجابة واضحة، إنها العلاقة الفريدة بين المصريين ومؤسساتهم الوطنية، خصوصا جيشهم وقواتهم المسلحة، كانت وستظل أقوى من أى مؤامرات خارجية.