أتابع تحركات وإجراءات الحكومة وأرصد ملامح إصلاح حقيقى بنوايا تحتاج الاستمرارية والإصرار، وهو اتجاه محمود يجسد شجاعة فى مواجهة السلبيات والتحديات التى عانينا منها كثيراً خلال العقود والسنوات الماضية فلا يعقل أن دولة تتجه إلى التقدم، وتظل هذه السلبيات مستمرة، بل هناك منها ما يهدد طموح الدولة ذاتها خاصة فيما يتعلق بالروتين والبيروقراطية وتعطيل الإجراءات، ولمست من خلال تحركات الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء، ووزير النقل والصناعة، أن لديه إصراراً وإرادة صلبة على تنفيذ رؤية وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولديه سلاح مهم يضمن له النجاح، وهو التواجد فى موقع الحدث والتفاعل مع الجماهير، ويلتقى أصحاب المصانع والمستثمرين والراغبين فى إقامة مشروعات من أجل تحفيز الاستثمار وتشجيع وتمكين القطاع الخاص والنهوض بقطاع الصناعة الذى يمثل محوراً إستراتيجياً لصناعة الفارق، وتحقيق أهداف الدولة الاقتصادية على كافة الأصعدة واستطاع أن يرصد ويضبط الكثير من العقبات والمعوقات، والتباطؤ والبيروقراطية وجاء التحرك والقرار أسرع مما يتوقع الجميع، وبدأ يضع يده على العلاج وملامح الإصلاح الحقيقي، من خلال التيسيرات والإسراع بالتراخيص، والمشاكل المعلقة وأيضا وحتى لو تطلب الأمر إجراء تعديلات تشريعية لتقنين أوضاع المصانع المقامة على الأراضى الزراعية، فلا توجد مشكلة ليس لها حل وأن الدولة يجب أن تنطلق بقوة وسرعة فى اتجاه النهوض بقطاع الصناعة.
الفريق كامل الوزير يجيد الانصات والاستماع للناس ولديه قدرة على التحاور وحل الأزمات وإعطاء كل ذى حقاً حقه، وهو نموذج للمسئول الجريء والشجاع الذى لا يريد إلا الإصلاح، لذلك فإن تجربته فى وزارة النقل، وتحويلها من وزارة مكبلة بالمشاكل والأزمات والديون إلى نجاحات وإنجازات وأرباح، بل وتوطين الصناعة فى هذا القطاع الحيوي، وقد لمست ذلك بنفسى فى قطاع السكة الحديد، سافرت إلى سوهاج بالقطار، هناك حالة من الانضباط وعدم الشكوي، استغرقت الرحلة من الجيزة إلى سوهاج 6 ساعات ونصف الساعة، والقطارات نظيفة، واختفت ملامح الزحام، والتكدس، والأعطال، وظهر التطوير على محطات السكة الحديد، هناك بصمات واضحة للإصلاح والتطوير، لذلك سوف ينتصر الفريق كامل على امبراطوريات البيروقراطية والروتين والأبواب الخلفية، وسوف تشهد الصناعة نقلة حقيقية، لأن الوزير استوعب رؤية ومدرسة الرئيس السيسى فى الإدارة، رؤية، وشجاعة وقرار، وبالتالى إصلاح ونجاح.
أيضا الحكومة بدأت تضع يدها على أمور سلبية غاية فى الأهمية مثل سرقة التيار الكهربائي، وحذرت منها فى أكثر من مقال، لكن من الواضح أن هناك اهتماماً على محاربة هذه الآفة التى تعد تعدياً وإهدار لحق الدولة التى توفر الخدمة وتتحمل فى سبيل ذلك نفقات باهظة، وانفقنا ما يقرب من تريليونى جنيه على قطاع الكهرباء وأيضا فى استيراد شحنات من الغاز والمازوت وقامت بحل أزمة انقطاع التيار، وتخفيف الأحمال، خاصة أن هناك استباحة واستمراراً من البعض معدومى الضمير الذين يقومون بفصل الوصلات لعداد الوحدة، ويقومون بتشغيل أجهزة التكييف والإسراف فى استهلاك الكهرباء دون فواتير تعبر عن قيمة الاستهلاك الحقيقية، وربما قرأت رقمين لا أدرى أيهما الأصح أن خسائر سرقة التيار بلغت 35 مليار جنيه وأخرى أنها 15 مليار جنيه سنوياً وفى ظنى أن الرقمين أقل بكثير من تكلفة سرقات الكهرباء، التى تتم بالفهلوة واستحلال الحرام، ومعدومية الضمير، لذلك فإن الإسراع فى إيجاد حل لهذه الالاعيب أمر مهم للغاية، فى إطار الإصلاح.
أيضا نحتاج إعادة تدقيق وتصحيح لقواعد البيانات الخاصة بالفئات الأكثر احتياجاً، والمستحقين للدعم وسوف نكتشف كوارث لدرجة أن هناك من يمتلكون معدات ثقيلة تقدر بالملايين تدر عوائد هائلة فى المشروعات والإنشاءات يحصلون على الدعم العينى والمعاشات، وهناك من لديهم أملاك ومساحات كبيرة من الأراضى يحصلون على نفس الدعم والمعاشات ويعتدون على حقوق المستحقين وفى ظنى أن الجهاز الإدارى يتحمل هذه الأخطاء، وافتقاد المراجعة والتدقيق أو الأبواب الخلفية، والمجاملات، تضرب القواعد والمعايير بقوة، لذلك فإن مراجعة وتدقيق قواعد البيانات أمر مهم، فمن يسرق الكهرباء بطبيعة الحال لديه استعداد على سرقة الدعم أو الحصول عليه بوجه حق، فهناك من الناس من يعتقدون أن أموال الدولة التى تنفق على الدعم حق مشروع لهم.
قواعد البيانات الحقيقية ترتكز على الزيارات على أرض الواقع، وجمع المعلومات من الناس، ولابد من إشراك فرق عمل مختلفة خاصة العُمد فى القري، والجيران أو القرية، أو الشارع، أو إجراء التحريات، فالأمر لا يتوقف عند استيفاء أوراق قد تتم بطرق ملتوية من تحت الطاولة وهى أمور ليست بجديدة حتى يستبعدها البعض، فأموال الدولة بمئات المليارات يجب أن تذهب إلى المستحقين الفعليين، ثم إن الحكومة مطالبة بمساعدة الفئات الأكثر احتياجاً على الكسب أو إيجاد مصدر رزق، أو مشروع أو تعلم حرفة أو مهنة وبالتالى فإن قواعد البيانات سوف تخلو من هذه الفئات التى باتت قادرة على الكسب.
أيضاً هناك إرادة لدى الحكومة فى مواجهة والقضاء على ظاهرة الكيانات التعليمية الوهمية التى تدعى أنها معتمدة وتزعم منح شهادات معتمدة دون الحصول على تراخيص واجبة، ولابد من نشر هذه القوائم على الرأى العام فى الإعلام لتعريف أولياء الأمور والطلاب، وتغليظ عقوبة الإقدام على إنشاء مثل هذه الكيانات، وأتمنى أيضا مواجهة حاسمة لظاهرة مراكز الدروس الخصوصية، سواء بالقضاء عليها أو تقنينها والحصول على حق الدولة من ضرائب ومراجعة نشاطها واعتمادها، فى إطار القوانين واللوائح، أو إيجاد بدائل مشروعة لها من خلال وزارة التربية والتعليم التى تتحدث كثيراً على مدار عقود دون وجود بديل حقيقى لهذه الظاهرة التى تعمل فى عشرات المليارات.
قضية مهمة للغاية، واجهت مصر خلال العقود الأخيرة، وهى فوضى الفتاوى التى استباحت صحيح وجوهر الدين ومنحت رخصاً للإرهاب والقتل والتدنى الأخلاقي، ونجحت مصر فى مواجهة هذه الظاهرة برؤية واضحة، وتبنت مصر مؤتمراً عالمياً للإفتاء، وضع فى هذه الدورة قضية مهمة وهى «الفتوى والبناء الأخلاقى فى عالم متسارع» وهو إدراك تستحق دار الإفتاء المصرية التحية عليه فى ظل ما يحدث من متغيرات وأفكار وثقافات، ولتخرج مصر بهذه القضية من نطاق المحلية بعد إنجاز كبير وتاريخى إلى آفاق العالمية، وهى رسالة تليق بمصر وبمكانتها الدينية والحضارية والثقافية.
تحيا مصر