«إذاعة القرآن الكريم من القاهرة».. أيقونة مصرية انطلقت عام 1964 لتعلن على العالم الإسلامى نبأ وميلاد أعظم إذاعة عرفها التاريخ الحديث.. تلك الإذاعة التى تحملت مسئولية تثقيف البسطاء وحماية عقائدهم من تيارات التشدد والعنف.. وكانت منبرا لأئمة الفكر الوسطى المعتدل.. وبينما كانت الدولة المصرية تحمل السلاح دفاعا عن الوطن ضد التهديد الداخلى أو الخارجي.. كان جنود الميكرفون فى إذاعة القرآن الكريم يشعلون حماس المصريين للتماسك عقب أحداث عام 67، والاستعداد لرد الحق فى 73، وحينما نشأ التطرف على يد الجماعات الإرهابية منتصف الثمانينات وقفت إذاعة القرآن تحارب بالكلمة مناهج القتل واستباحة الدماء.. وعقب انتصارنا الوطنى فى ثورة الـ ـ30 من يونيو واصلت الإذاعة دورها فى حماية الوطن فكريا ومن تجار العقائد وسماسرة الأفكار.
اليوم تحتفل الإذاعة الأكثر استماعا عالميا بالذكرى الــ61 على انطلاقها.. والجمهوريةتحتفى معها بتلك الذكرى من خلال حوارات مع أيقونات الإذاعة المعاصرين.. حيث حاورت الدكتورة هاجر سعد الدين أول سيدة تترأس إذاعة القرآن الكريم.. كما حاورنا من رؤسائها الدكتور حسن سليمان والدكتور رضا عبدالسلام.
د. هاجر سعد الدين:
نحن صوت الدين المسموع.. وأحد أدوات القوة المصرية الناعمة

مسيرة حافلة بالإنجازات حققتها الدكتورة هاجر سعد الدين منذ التحاقها بالبرنامج العام، فهى أول سيدة تتولى رئاسة شبكة إذاعة القرآن الكريم ونالت مكانة كبيرة لدى المستمعين فى مشوارها الإذاعى من خلال عديد من البرامج الدينية بصوتها المميز، حتى أصبحت قدوة لكثير من إعلاميات الوطن العربي، كما تولت رئاسة اللجنة الموحدة لاختبار القراء والمبتهلين من 2000 حتى 2006، وحصدت جائزة الأمم المتحدة «رسول السلام» عام 1996، وحققت رغبة والدها فى الالتحاق بكلية بنات جامعة الأزهر حيث ورثت حب العلم عن جدها لوالدها.. واستطاعت ترك بصمة واسعة لدى جمهور المستمعين لصوتها العذب المميز الذى يبعث فى القلوب طمأنينة وسكنية
ومتى التحقتى بالعمل الإذاعي؟
فور تخرجى من الكلية قررت الالتحاق بالعمل الإذاعى وقام باختبارى بابا شارو، عبدالحميد الحديدي، وأحمد طاهر ونجحت فى الاختبار وتم توزيعى على البرامج الدينية بالبرنامج العام برئاسة عبد الرحمن عبد اللطيف وكنت أقوم بتحضير جميع التسجيلات حيث كان يقدم برنامج رأى الدين، وتم إسناد الإشراف على أحاديث الصباح الدينية والتى كانت تضم أعلام الفكر وعلماء الأزهر ورجال الدين، وثم أسند لى فاروق شوشة الإشراف على أحاديث السهرة الأدبية وقمت بتطويرها لتكون أحاديث متنوعة نتحدث فيها عن شتى جوانب الحياة .
هل عقب ذلك انتقلتى للعمل بإذاعة القرآن الكريم؟
استمررت فى البرنامج العام لفترة، وعندما توفى عبد الرحمن عبد اللطيف رحمة الله عليه، أسند لى على عيسى برنامج رأى الدين لتقديمه واستطاعت بفضل الله تعالى تقديمه على مدار 28 عامًا بجانب عدد من البرامج فى المناسبات الدينية مثل» سهرات الهدى والنور « وتدور كل حلقة عن مناسبة دينية فى وقتها مثل مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى شهر ربيع الأول، الإسراء والمعراج وهكذا، وقدمت أيضًا برنامج « سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون « وتدور حلقاته عن أثر اختلاف الليل والنهار على الكون.
متى بدأتى التقديم الإذاعى بصوتك؟
بدايتى كانت فى برنامج « دنيا ودين « عام 1972وكانت تدور أحداثه عن تفسير آية قرآنية ويقوم ضيف من رجال الدين والأزهر الشريف بإلقاء الدلالات العلمية الموجودة بالآية القرآنية، وهذا البرنامج كان بمثابة أول فكرة تقدم بالإذاعة والقنوات ثم انتشر بعد ذلك، وكان يقدم فى شهر رمضان قبل الانتقال لصلاة الفجر، ولنجاحه قدم بالعام التالى قبل الفطار ثم لمردوده العام أصبح يقدم باستمرار مرة أسبوعيًا، وهذه كانت أهم البرامج التى قمت بإعدادها وقدمتها بالبرنامج العام قبل انتقالى للعمل بإذاعة القرآن الكريم.
ما هو أول برنامج من بنات أفكارك تم تقديمه بشبكة القرآن الكريم؟
برنامج فقه المرأة فى رمضان وكان أول برنامج يقدم هذه الفكرة، ثم انتشر فى جميع القنوات والإذاعات وقدم بأسماء مختلفة مثل «فقه المرأة « و»فقه المرأة المسلمة « وللأسف فى البداية حدث جدل، فهناك من قال لا يوجد فرق بين فقه الرجل وفقه المرأة وتم الموافقة عليه ولاقت الفكرة قبولاً جماهيريًا كبيرًا.
كيف تصفى اذاعة القرآن الكريم؟
نحن صوت الدين المسموع فى كل أرجاء الأرض ولقد تفوقنا حتى أصبحنا إحدى أدوات القوة المصرية الناعمة، وأذكر أنه عندما أحيل الدكتور عبد الصمد دسوقى لسن التقاعد قمت بتسيير الأعمال بشبكة القرآن الكريم، قدمنا الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وفى ليلة واحدة نقلنا صلاة العشاء من الكعبة المشرفة، وصلاة الفجر وهو موعد معراج الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصي، وكان لهذا الاحتفال صدى ومردود رائع لدى المستمعين، وعندما توليت رئاسة شبكة القرآن الكريم فى سبتمبر عام 1998 قمت بتثبيت أوقات البرامج، وكذلك عقد اجتماع شهرى لكل العاملين بالإذاعة لتطوير والارتقاء بالبرامج، ولارتفاع أسعار الكتب استطعت إقامة أول مكتبة تضم أمهات الكتب، حتى يكون الكتاب فى متناول جميع العاملين بشبكة القرآن الكريم، بحيث تكون المعلومة سهلة وميسرة لتقدم لدى المستمع، كما قدمنا احتفالا بمرور 14 قرناً على دخول الإسلام مصر، واستمر هذا الاحتفال لمدة 4 سنوات ونقلنا الاحتفالات من العالم الإسلامى أيضًا، وكانت البداية بمسجد عمرو بن العاص، ثم مسجد الزيتونة بتونس، ومسجد محمد الخامس بالمغرب، والمسجد الأموى بسوريا، ومسجد الراشدية بالإمارات، والملك عبدالله بالأردن ووصلنا لطشقند ومسجد الاستقلال فى جاكارتا، والمسجد الأقصي، وكان هذا أول انتقال للميكروفون لنقل صلاة العشاء والتراويح على الهواء مباشرة من الدول الإسلامية، وكان لذلك صدى رائع لدى المستمع، وقمت أيضًا بإعداد برنامج يقدم باللغة الإنجليزية وهذا البرنامج كان لتوضيح حقيقة الإسلام للمستمعين غير الناطقين باللغة العربية المقيمين داخل مصر أو خارجها.
ما هو البرنامج الأقرب لقلبك ؟
«دنيا ودين» لأنه أول برنامج قدمته بصوتي، وبفضل الله تعالى مستمرة فى تقديم برنامج موسوعة الفقه الإسلامى منذ قرابة ثلاثون عامًا فهو قريب من قلبى أيضًا ويذاع يوميًا فى تمام الساعة 12:10 ظهرًا «الثانية عشرة وعشر دقائق «
أصبحت قدوة ومثل أعلى للإعلاميات والنساء بالعالم العربى فكيف تحقق ذلك؟
اهتمامى بالمرأة كان له بصمة واسعة لدى المستمعات، فقد قدمت بفضل الله تعالى العديد من البرامج عن المرأة، مثل مسلمات حول الرسول بإلقاء الضوء على بعض الشخصيات النسائية التى كان لها دور فى بداية الرسالة المحمدية، وكذلك برنامج « نساء ذكرن فى القرآن الكريم وهذا البرنامج لتوضيح مكانة المرأة فى الإسلام، قدمت برامج تدعو للتفكر والتدبر فى ملكوت الله عزوجل مثل برنامج يحمل اسم فى ملكوت الله، وأيضًا قدمت برنامج عن القضايا المطروحة على الساحة مثل برنامج دعوة للحوار باستضافة متخصصين لإلقاء الضوء على حدث ويتم شرحه من منظور إسلامي.