الزواج ليس مجرد احتفالات وأغان وتبادل تهانى وأمنيات !لكنه هدف لتحقيق حلم الارتباط بين شاب وفتاة تأكدا من التوافق المطلوب لبناء العش السعيد بناء أسرة قوية..وبالتأكيد تراودنا هواجس أمراض الوراثة واحتمالية نقلها للأبناء والخوف من إصابة أحد الزوجين بمشاكل نفسية تهدد السعادة الأسرية
لذا جاءت اختبارات قبل الزواج بمثابة الحل الهدية للشباب المقبل على الزواج.
يمر عام على بدء تطبيق التجربة ضمن المبادرة الرئاسية «100 مليون صحة»
تعالوا نعيد قراءة هذه التجربة وخصوصا الاختبار النفسى الإضافة المطلوبة مع النصيحة والمشورة.. ونأمل تطبيقها بشكل واسع وسليم لأن السلامة النفسية هى أساس الزواج السليم بشرط التعامل معها بالاقتناع وليس صيغة الاختبار!
استبيان ذاتى
البداية من 26 فبراير 2023 مع تدشين مبادرة فحص المقبلين على الزواج والذى يبلغ عددهم لمليون و332 ألف شاب وفتاه بهدف الوصول لجيل خال من الأمراض الوراثية والمعدية تشمل 12 فحصا طبيا متنوعا يبدأ من الدم وينتهى بالاستبيان النفسى مع جلسات إرشاد وتوعية للصحة الإنجابية..
الاستبيان النفسى موجود على موقع الأمانة العامة للصحة النفسية تحت عنوان «شريك حياتك»وهو استبيان ذاتى لتحديد الاضطرابات النفسية البسيطة من خلال 28 بندا لتقييم الأعراض الجسدية والقلق والأرق، والخلل الاجتماعى والاكتئاب الشديد… الأمر الذى يعتبر طوقا للنجاة من هاجس المشكلات الزوجية بسبب الاضطرابات النفسية أهمية هذا الفحص تكشفه الكثير من الحالات الزوجية التى أنتهت بسبب أزمات نفسية تحكى عتاب عبدالله – 34 سنة – عن تجربة زواج فاشلة بسبب إصابة الزوج بالوسواس القهرى والولع المرضى بالنظافة والترتيب لدرجة المبالغة فى استخدام منتجات التنظيف الكيميائية والتى كان ضحيتها الابن بعد إصابته بحساسية مزمنة فى الصدر والرئة
ولم تلاحظ هبة الفيومي– 28 سنة– بكالوريوس تجارة –بوادر العنف أو بذور الشك فى فترة الخطوبة التى لا تكفى أحيانا لإظهار المشاكل النفسية ولكن بعد الزواج سقطت الأقنعة وبدأت دومات الشك وعواصف العنف لدرجة حرمانها من الذهاب إلى عملها بأحد البنوك وبعد استنزاف أعصابها كان الطلاق الحل الوحيد.
ويشكو ابراهيم عسل – 30 سنة – صيدلي– من عزلة الطرف الآخر الدائمة لدرجة التغيب عن المناسبات العائلية الهامة حتى الأفراح أو المآتم ومع هذه العزلة كانت العصبية المفرطة لدرجة تحول البيت إلى أسلاك شائكة من التوتر وخلال 3 سنوات خطوبة وزواجاً لم يفلح فى حل طلاسم الطرف الآخر فكان الطلاق كلمة النهاية لهذه العلاقة والآن فقط يدرك أن السبب هو الاكتئاب العدو المستتر وراء فشل زواجه.
الحل فى التوعية
رحب الشباب بالاختبار النفسى كبداية لطريق التوعية النفسية الثنائية قبل خوض رحلة الحياة معا ..ليتكيفا مع ضغوط الحياة و يتعاملا مع رواسب التربية والاختلافات الشخصية ..
تعتبر منة الله قرشي– –بكالوريوس إعلام –أن الاختبار النفسى خطوة ضرورية على ألا يكون شكليا بل مفصلا فى مراحل أو خطوات تسمح فعلا بالكشف عن الأعراض والأمراض النفسية والمسألة لا تنتهى عند الزواج لذلك لابد أن تبدأ التوعية مبكرا فى المدارس والجامعات ليتعلم الشباب –فى مرحلة ما قبل الارتباط– أن المرض النفسى ليس عيبا
ويؤكد كريم السيد –معهد فنى صناعى عن حماسه لاختبارات ما قبل الزواج عموما والاختبار النفسى خصوصا ويتمنى ألا يتحول لمجرد إلزام يبحث الشباب عن وسائل للتحايل عليه بل يكون أقرب لإشارة تنبيه أو تحذير تسمح بالتعرف على أسباب الشقاق وتحد بالوقاية من فرص الطلاق المبكر التى زادت إلى حد الظاهرة المرعبة
وتتساءل هاجر عفيفى – ليسانس آداب– إذا كان كل منهما سيجرى الاختبار بسرية فما هو حدود ما يعرفه الطرف الآخر عن نتائج الاختبار؟؟ وما هى نسبة النجاح فى الإصلاح مقابل قرار الانفصال؟؟
فالمهم هنا أن تكون العلاقة الزوجية على نور بدلا من الإنكار أو الإحراج ويكون للعروسين حق اتخاذ القرار المناسب لإنشاء أسرة سوية.
روشتة طبية
حملنا آراء الشباب وتساؤلاتهم للطبيب النفسى –كانت إجابات د.حسام إمام – دكتوراه المخ والاعصاب – أن الصحة النفسية من اهم عوامل النجاح فى الحياة والعلاقات وتطبيق الاختبار النفسى بحكم القانون هو استكمال لنجاح مبادرة (100 مليون صحة) وهو ليس كشفاً –كما يتخيله البعض– ولكنه نوع من الاستقصاءات النفسية من خلال مجموعة من الاسئلة المقننة للكشف ما ان كان هذا الشخص يعانى او قد يعانى مرضا نفسيا فيما بعد، موضحا ان الامراض النفسية لا ترتبط بمشاعر معينة او صدمات او ما يشابه ذلك ولكنها فى الاخير استعداد جينى لتقبل او رفض تأثير تلك المشاعر ..وبالتالى لن يؤثر الاختبار فى السماح بالزواج من عدمه ولكنه سيرسم طريقا للعلاج لتفادى اى مشاكل نفسية قد تواجه الطرفين أو تؤثر على الحياة الزوجية .. مشددا أن الهدف ليس تقليل الزيجات أوتشويه المجتمع كما يقول رافضو الاختبار وانما العلاج والبناء الصحيح للعلاقات.. ويؤكد أن لا يوجد مرض نفسى يمنع الزواج الا فاقد الاهلية (المشاكل الذهنية) ونجاح الاختبار النفسى وتقبل نتائجه يتوقف على بصيرة الشخص : من يتقبلها (مستبصر) ولم ينكرها (غير مستبصر) المهم السير على الطريق الصحيح للعلاج سواء كانت وساوس قهرية او عنفا او ميولا انتحارية او انعزالا مجتمعيا او غيرها.
حماية المجتمع
وتعلق د.هند فؤاد السيد – استاذ الاجتماع المساعد– بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن النظرة المجتمعية للمرض والمريض النفسى تحسنت نسبيا وبدأت تميل للتقبل وفقا لدرجة المرض وأنواعه، بعيدا عن الوصم أو الخوف وهو تقدم بسبب ارتفاع الوعى وتطور طرق العلاج
ومنذ طرح الاختبارات النفسية قبل الزواج ظهر فريقان : المؤيد يعتبر وسيلة لحماية الأسرة من التفكك أو تجنب آثار للمرض النفسى فى حالة ظهوره أو تطوره بعد الزواج ، أما الفريق الرافض يتهمه بالقصورفى التنفيذ وعدم إظهار أنواع المرض النفسى كما ينذر بخطورة أكبر فى ظل الثقافة السائدة التى لا تفرق بين انواع المرض النفسى ودرجاته خصوصا الثقافة الذكورية التى ترفض وصم الذكور بالمرض بينما تتحامل على الإناث.
نحن –بالتأكيد– أمام خطوة مهمة لكنها حسب وعى الخاضعين للاختبار قد تصبح مجرد إجراء روتينى أو اتجاه نحو العلاج النفسى مما يجعل تطبيق الاختبار أمرا محفوفا بالمخاطر بزيادة معدلات العزوف عن الزواج وارتفاع معدلات العنوسة أو حتى البعد عن الزواج الرسمى واستبداله بطرق اخرى او التحايل على الاختبار وهكذا.
لذلك تدعو الخبيرة النفسية إلى حملات توعية بأهمية الاختبار والهدف منه وأنواع المرض النفسى فى شكل فيديوهات او رسائل قصيرة هادفة تخاطب جميع الفئات.. مما يضمن تحقيقه للهدف وتدعم شهر الحب بكل اللغات.