وصف د. يحيى وزيرى الأستاذ فى علوم العمارة الإسلامية الخطوة المصرية التى قررت إحياء مزارات آل البيت بأنها تفكير عبقرى خارج الصندوق يحقق أهدافا اقتصادية ويعيد الروح للموروث الدينى المصري..
وأوضح د. وزيرى صاحب أكبر موسوعة فى الزخارف الإسلامية فى حواره لـ«الجمهورية» أن حرص الحكومة على إحياء مزارات آل البيت يدخل ضمن مظلة محبة المصريين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام، بصورة تمتاز بالوسطية دون تطرف أو مغالاة.
> مصر قررت احياء مسار آل البيت على غرار إحياء مسار العائلة المقدسة برجاء القاء الضوء حول هذا المسار؟
>> عندما اقدمت الحكومة على خطوة إحياء مزارات آل البيت فإنها فكرة عبقرية خارح الصندوق لجذب موارد جديدة للدخل بالعملة الأجنبيَّة والمحلية، والإفادة من الموروث الدينى والتاريخى من خلال توسيع دائرة المزارات بعدما كانت قاصرة على المساجد الكبرى ممثلة فى الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة عائشة رضى الله عنهم أجمعين، والمتابع للمنطقة التى توجد بها أغلب مزارات آل البيت يجدها تقع فى دائرة مساحتها 32 كم مسطح، منها ما يقع فى القاهرة الفاطمية، ومنها ما هو فى القاهرة الطولونية، مما يفرض ضرورة الابتكار والتوسعة فى المزارات بالبحث عن مراكز أخرى يحرص مسلمو العالم على زيارتها نظرا لما تتمتع به من مكانة عندهم، وهذا الاهتمام ينعكس على المكان بتطوير مضمونه والمحافظة على قيمته التراثية، ويجب أن تتضمن أفكار التطوير جوانب تجارية بصورة تتميز بالحضارة، حتى تكون بمثابة رافد لزيادة الموارد الاقتصادية للدولة من خلال المنتجات التراثية المصرية الدينية التى تفتح موارد متعددة للصناعات الصغيرة اليدوية وتسهم فى زيادة الدخول المالية للأشخاص بما ينعكس على الحركة التجارية لدورات رأس المال، ويرفع من موارد العملة الأجنبية، ويزيد القوة الشرائية للعملة المحلية.
> ما هى رؤيتكم المعمارية لعمليات التطوير التى تقوم بها الحكومة حاليا لمزارات آل البيت؟
>> حرص الحكومة على إحياء مزارات آل البيت يدخل ضمن مظلة محبة المصريين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام، وهذا الحب من المصريين حب روحى يمتاز بالوسطية دون تطرف أو مغالاة، ولأن مزارات آل البيت منفصلة جغرافيا فعلى سبيل المثال: الإمام الحسين موجود فى مكان، والسيدة زينب فى مكان، وأما السيدة نفيسة وعدد من آل البيت يتجاورون فى شارع الأشراف، وهذه المنطقة المتصلة شوارعها ضيقة لا تسمح بمرور السيارات لذا يجب أن يصحب التطوير المعمارى إيجاد وسائل انتقال ووصول بين مختلف المزارات حتى يمكن لكبار السن زيارة أكثر من مكان، وتوفير مرشدين لديهم وفرة معلوماتية عن تلك المزارات، ويجيدون التحدث بأكثر من لغة، ويمتازون بصفات خاصة تتفق وقداسة الأماكن التى يعملون بها، ويمكن توحيد الزى الذى يرتديه المرشدين والعاملين فى تلك المزارات بحيث يكون معبرا عن الهوية المصرية، بما يعكس الثقافة الدينية والروحية لدى المصريين ويكون بمثابة دعاية مجانية وتفتح موردا اقتصاديا لفئات متنوعة فى مصر، كما يجب على الشركات المتخصصة فى الصناعات اليدوية أن تخلق لنفسها أماكن تسويقية عبر مندوبين لها، كما يجب ألا نغفل الرؤية الصديقة للبيئة، وأن نلتزم بمبدأ التخلية قبل التحلية، ونعمل على تعميم شبكات «الواى فاي» فى تلك المنطقة حتى يسهل للوافدين إجراء عمليات البث المباشر عبر صفحات السوشيال ميديا لما يمثل دعاية مجانية، ووضع «باركود» لتلك المزارات حتى يمكن للزائر التعرف على المحتوى وطريق الوصول مع مجموعة معلومات بسيطة بكل اللغات حتى يتمكن السائح من معرفة مزارات آل البيت على حدة والمزارات التاريخية الأخري، فقد بدأنا مرحلة التطوير، وهى تحتاج وقتاً حتى نستطيع تكملة الإبداع، ويمكننا ادماج الذكاء الاصطناعى كأداة مساعدة للواقع الافتراضى فى تحقيق أقصى قدر من الترويج لتلك المزارات وما تحويه من مظاهر جمال معماري.
> لماذا تتميز العمارة الإسلامية بطابع مختلف عن أنواع العمارة؟
>> العمارة بصفة عامة ليست مجرد بناء عبارة عن خليط من المكونات الصلبة لإقامة هيكل يستفيد به الإنسان فى المسكن أو العبادة أو العمل، إنها عمل إنسانى إبداعى يستخرج فيه المعمارى كافة أذواقه الجمالية مستعينا بالواقع والماضي، مستشعرا قيمة المبنى وأهدفه، فلا يمكن أن تقارن المبانى بالصعيد بالمبانى فى وجه بحري، ولا يمكن مقارنتهما بمبانى القاهرة أو الإسكندرية أو مطروح أو الوادى الجديد ولا شمال وجنوب سيناء، وكذلك اختلفت العمارة وفق العصور التاريخية درجة أن المؤرخين تعرفوا على العصور بالمباني، فتلك مبانٍ فرعونية وقبطية واسلامية ومملوكية وفاطمية، وهذا يعنى أن كل عصر من العصور يجب أن يكتب منجزاته الحضارية على المبانى التى تعكس الرؤية الحضارية لتلك الفترة الزمنية، ولأن مصر حاليا تقوم بتأسيس جمهورية جديدة فيجب أن تعكس المبانى الحالية طرازا مميزا فى بناء المساجد والكنائس العمارات المتاحف، والإفادة فى التصميم بالأساليب العلمية بما يتفق مع البيئة بشقيها الطبيعى والثقافى مع مراعاة الجوانب النفسية والإنسانية.
> هل يمكن لمصر الإفادة من المواهب لديها فى مجال العمارة الإسلامية؟
>> تمتلك مصر مواهب من المهندسين والفنيين والعمال فى مجالات العمارة الإسلامية، وهناك صناعات متعلقة بذلك الفن تصارع الانقراض، وللأمانة فإن ترك تلك الصناعات والحرفيين يواجهون المصير المجهول دون دعم فإنه يعتبر بمثابة تآكل للقوة الناعمة، فلا يجب قصر القوة المصرية الناعمة على الفنون والعلوم الدينية فقط، بل الحرف والصناعات اليدوية، كما يجب أن نضع فى الحسبان أن تلك الصناعات البسيطة أسهمت فى ارتقاء شعوب ودول عظمي، فكما تسعى الحكومة حاليا للتفكير الإبداعى فإنه يجب حصر الفنيين فى مجالات العمارة الإسلامية وتدريبهم على أحدث وسائل الإبداع والإتقان وإعداد برنامج قومى مرتبط بسوق العمارة العالمية فى مجالات إنشاء المبانى القومية للدول، بحيث يتم تصدير تلك المواهب للمشاركة فى إخراج منتجات معمارية تعكس ثقافة تلك الدول وحضارتها، وهذا لا يتحقق بممارسات الهواة بل يجب الإعداد له، وسيكون عائده كبيرا فى القضاء على البطالة ورفع مستوى المعيشة لتلك الطوائف المهنية، ويصب فى النهاية على الحركة المالية والتجارية فى الدولة ويفتح قنوات متنوعة للدخل الأجنبي.