تعمل دار الإفتاء بمنظومة عمل منضبطة حيث يوجد لديها مراصد إحصائية تقوم فى عملها على ناتج الفتاوى التى تستقبلها سواء من الفتاوى الهاتفية أو الإلكترونية أو الكتابية أو حتى على صفحات التواصل الاجتماعي فى الفيس بوك أو إنستجرام أو التليجرام أو الواتس آب أو التيك توك.. وقد رصدت تلك الاحصائيات أن دار الإفتاء استقبلت قرابة 100 ألف فتوى عن الإلحاد والشذوذ الجنسى.. وبدورها استطاعت الإفتاء الإجابة عن تلك الأسئلة لكنها قامت بدورها فى إضاءة الطريق أمام الجهات المختلفة للقيام بدورها فى حماية الخطر المؤكد زحفه على المجتمع.
علماء التربية والدين أكدوا ضرورة تحقيق انتفاضة شاملة من كافة الجهات الدينية المسئولة عن حماية الأمن المجتمعى عقائديا.. معلنين حتمية إيجاد آلية صحيحة فى الدعوة بعيدا عن أساليب الوعظ وضخ دماء فكرية تؤمن بـأهمية الرسالة ولا تعتبرها مجرد وظيفة «أكل عيش».
أشار د. إبراهيم محمد على الأستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر إلى أنه فى الآونة الأخيرة شهد المجتمع ظهور بعض الأفكار الغريبة والتى لا تتوافق مع صحيح الدين نتيجة العولمة والانفتاح الثقافى وضعف المعرفة الدينية الصحيحة، وهذه الأفكار تتسم بمحاولاتها تقديم تفسيرات غير مألوفة للنصوص الدينية، مما أدى إلى تحريف مفاهيم الدين بهدف جذب من يبحثون عن معنى جديد أو تجربة مختلفة، وتم استغلال هذه الأفكار لأغراض سياسية أو اجتماعية.
موضحا أن إعلان الإفتاء المصرية تلقيها الآلاف من الفتاوى والأسئلة التى تحمل أفكارا مغلوطة، إضافة إلى رصدها مناقشات واسعة بين الأفراد والجماعات حول الإلحاد سواءً فى الفضائيات أو على وسائل التواصل الاجتماعى نتيجة التغيرات الاجتماعية والثقافية العالمية التى أسهمت فى التأثير على المجتمعات المحلية، مما أثار فضول الشباب بالسؤال عن كيفية توافق هذه الظواهر مع القيم الدينية، وتبع ذلك ظهور جدل حول كيفية التعامل مع هذه القضايا، وتوافق حدوث ذلك مع دعم الحريات الفردية فى التفكير والاعتقاد ، ونتج عن هذا المجاهرة بتوجهات الإلحاد والترويج لأفكار التشكيك فى العقائد والثوابت الدينية باستخدام المتشابهات.
مشددا أن تلك الاحصائية التى ذكرها مرصد دار الإفتاء تكشف عن ضرورة المواجهة خاصة فى ظل دعم الدولة للمؤسسات الدينية بكافة أساليب التقدم التكنولوجى لأننا للأسف وجدنا المؤسسة المسئولة عن الدعوة والتعامل مع الجماهير بصفة يومية انحصرت اهتماماتها فى قضايا وعظية بصورة نمطية تدخل ضمن الوظيفة الإدارية بعيدا عن الرسالة الذى يعنى حرص حامل الرسالة فى تبليغها بكافة الوسائل المساعدة وابتكار طرق البلاغ وتحمل الأذى فى سبيل هداية الإنسان وحماية الأوطان وإقامة شعائر الأديان، لكن أصبح الكثيرين من الدعاة موظفين يشغلهم دفاتر الحضور والغياب وينشغلون بالحوافز والمكافآت ولا يتابعون ولا يطالعون المستجدات، وهذا ليس جناية عليهم بل إقرار بواقع كشفت عنه تلك الاحصائية الصادمة، ويجب أن تكون هذه الأرقام بمثابة إنذار بالحراك العاجل من المؤسسة الدينية لأداء دورها الوطنى فى حماية مستقبل الشباب من الوقوع فريسة تلك المؤامرات هادمة الأوطان.
فيما أوضحت د. فتحية الحنفى أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن تقرير مرصد الإفتاء عن استقبال أكثر من 100 ألف سؤال عن الإلحاد، يعد ناقوس خطر على المجتمع، خاصة أن كل وسائل التواصل سواء أكانت مرئية أو سمعية أو تكنولوجية مثل الفيس بوك واليوتيوب ساهمت بشكل عملى فى غزو أذهان أجيال معينة من الشباب والفتيات، مما ساعد على ظهور أجندات ممنهجة هدفها قلب الحقائق وتغيير المفاهيم لدرجة جعلتهم يصورون الملحد أنه شخص نبيل يمثل نموذجا للخير والتضحية سعيا إلى ترسيخ محبته فى القلوب وإكسابه التعاطف معه، واستخدام الخيال العلمى بهدف الوصول إلى أن العلم هو المؤثر فى الكون وأنه لا يوجد إله لهذا الكون سعيا إلى نزع الإيمان من عقول وقلوب الشباب مما يؤدى إلى صناعة الإلحاد والبعد عن الدين، ومطالبة المؤسسات الدينية القيام بدور محورى فى دعم جهود الدولة لمواجهة الأفكار المتطرفة من خلال نشر الوعى الدينى والقيم الأخلاقية التى تعزز الفطرة السليمة، وتحافظ على استقرار المجتمع، وتقديم التوجيهات الشرعية التى توضح خطورة هذه الأفكار على الأفراد والمجتمعات، وتنظيم حملات توعية تثقيفية داخل المساجد والمدارس والجامعات لتوضيح الأضرار النفسية والاجتماعية المرتبطة بالإلحاد، وتقديم بدائل إيجابية تحث على التمسك بالعقيدة الصحيحة والقيم الأسرية، والتعاون مع الجهات المعنية فى صياغة سياسات ومبادرات تعزز الهوية الدينية والثقافية، وتحصين المجتمع ضد التأثيرات السلبية التى قد تنشأ عن انتشار هذه الأفكار، والمشاركة فى المبادرات الوطنية التى تهدف إلى إعادة دمج الأفراد الذين تأثروا بالأفكار المتطرفة، حيث تمثل المؤسسات الدينية خط الدفاع الأول فى تعزيز الوعى المجتمعى والتصدى للفكر المتطرف بكل أشكاله بالتوازى مع جهود الدولة لحماية المجتمع بكل أفراده وفئاته.
فيما أشارت د. إلهام شاهين مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات ضرورة النظر إلى أسباب انتشار الإلحاد وخطورة تقبل المجتمع نفسه لمثل هذه الأفعال والأفكار الشاذة وهو ما يمثل خروجا على الأسس الدينية والعادات والتقاليد والأعراف المجتمعية ونذير خطر على الجميع، مما يستلزم البحث عن الأسباب ومعالجتها قبل تفاقم الأمر وخروجه عن السيطرة، مشيرة إلى أن أهم أسباب والإلحاد عدم تدريس الدين منذ مراحل الطفل الأولى فالدين لا يقتصر تعليمه على الأسرة وحدها لأن البيت قد يفتقد للتعليم الدينى وفاقد الشيء لا يعطيه، مشددة ضرورة وجود تعليم دينى بمنهجية موضوعة على يد متخصصين فى النواحى الدينية والتربوية لوضع مناهج جاذبة ومفيدة لجميع المراحل العمرية من الابتدائى والإعدادى والثانوى وحتى الجامعة بحيث يتم تدريسها اختياريًا للتخصص وليس مجرد اختيار دراستها من عدمه ليصبح لدينا شباب عالم بأصول دينه وعقيدته ولا يتأثر بتلك المفاتن الفكرية التى يثيرها أعداء التسامح والتراحم، وبهذا نستطيع بناء جيل قادر على مواجهة الصفحات المشبوهة والمغرضة والأشخاص المزيفين وشيوخ الطريقة على السوشيال ميديا إضافة إلى أصحاب الفكر المتطرف حيث نعانى الإفراط والتفريط نتيجة الجهل وعدم العلم بالدين.
مشيرة إلى أن المؤسسة الدينية جزء من أجزاء كثيرة جدا تقوم بدورها قدر ما تستطيع فى الدعوة الميدانية والسوشيال ميديا حتى أن وعاظ وواعظات مجمع البحوث الإسلامية بدأوا ابتكار مناطق جديدة للعمل الميدانى بالذهاب إلى النوادى ومراكز الشباب والجامعات والمطار والأماكن العامة مثل المقاهى ودور الرعاية وكل المناسبات والمعارض إضافة إلى التعاون والتنسيق مع الوزارات المختلفة والقوافل المتعددة لتغطية الأماكن النائية ولكن بالنظر إلى عدد الوعاظ والواعظات فى الأزهر نجد أنهم 3 آلاف على الجمهورية كلها بالمحافظات والقرى والنجوع فهو عدد قليل جدا.