تحدثت فى مقالات سابقة عن التكلفة الاقتصادية الباهظة لحماية الأمن القومى المصرى وتأمين دوائره وامتداداته والاستثمار فى ترسيخ الأمن والاستقرار وتأمين الحدود الممتدة على كافة الاتجاهات الاستراتيجية حيث الأزمات والصراعات الملتهبة والحرائق المشتعلة لكن النجاح والتفوق ان مصر لم تمسسها نار بفضل الله وجدار القوة والقدرة الذى بنى على مدار 01 أعوام فى استثمار تاريخى ثم حكمة القوة والقيادة، رغم انه من المؤكد ان كل ما يجرى من حولنا فى البر والبحر والجو، مصر هى الهدف منه وهى المطلوب رأسها وهى المراد تعطيل مشروعها القومى الوطنى لتحقيق التقدم، لأن صعود مصر خطر داهم على قوى الشر ومشروعاتها ومخططاتها التى تحاول انفاذها ولكن تقف قوة الدولة المصرية حجر عثرة وشوكة فى حلق هذه المؤامرات، فالمطلوب إجمالا ودعونا نتفق هو سيناء، كما ان مصر غير مسموح لها طبقاً لأوهام قوى الشر أن تصعد أو تتقدم واستشهد بمقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد العظيم «كلما سعت مصر للتقدم حاولوا كسر قدميها».. والحقيقة ان اقدام مصر فى عهد السيسى تقف على أرض شديدة الصلابة أساسها القوة والقدرة والحكمة بل واستباق الجميع فى معرفة وادراك ما يراد ويحاك لمصر وبالتالى تم الاستعداد لذلك مبكرا بعيدا عن الاندفاع أو الانجرار أو التهور ولكن إدارة تدير بعبقرية وثبات وصبر استراتيجى وهدوء طالما ان النيران بعيدا عنا وطالما ان أمننا القومى لم يتعرض لتهديد مباشر وتقف بالمرصاد سياسيا ودبلوماسيا للضغوط ومحاولات الابتزاز والتركيع والحصار وتنجح فى افسادها وتمتلك قرارنا وسيادتنا ونتحرك بحرية بما يحقق مصالحنا وأهدافنا الوطنية.
كتبت كثيرا أيضاً عن محاولات جر واستدراج وتوريط مصر فى مستنقعات ومواجهات إقليمية ولكن كل المحاولات والفخاخ باءت بالفشل فى كل الاتجاهات، بل ان مصر رفضت الدخول فى تحالفات ضد قوى اقليمية فى إطار ثوابتها عدم التدخل فى شئون الدول أو الاعتداء أو الهجوم عليها وهذا الزخم غير المسبوق من التحديات والتهديدات والاستدراج والفخاخ يفوق تصور أى عقل.. لكن الحقيقة ان التحية واجبة للقيادة المصرية التى تعمل بحكمة وعبقرية وبحسابات وتقديرات مواقف دقيقة والدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية خاصة المرتبطة بالأمن القومى وحمايته فى أعلى درجات اليقظة والنضج والاحترافية وتستطيع أن تقرأ ذلك ببساطة ووضوح، كيف ان مصر تعيش فى هذا المحيط المستعر والجو المشتعل وما حولنا من حرائق وصراعات وحروب ولم تفلح قوى الشر فى استدراجها أو جرها إلى ما تريده قوى الشر، لأن هذا الاستدراج يعنى الاستنزاف وإيجاد ذرائع لاصطياد مصر، لكنها أذكى من الجميع تستطيع أن تمعن النظر فى كافة الاتجاهات الاستراتيجية بل وامتداداتها، فالسودان يواجه تحديات وتهديدات وأوضاعا غاية فى الصعوبة وهو يمثل العمق الجنوبى للدولة المصرية وبحدود تزيد على 1200 كيلو متر ثم ليبيا التى مازالت تبحث عن العودة من جديد، لكنها فى حالة انقسام بين الغرب والشرق وانتشار الميليشيات فى الغرب وشبه غياب لمؤسسات الدولة الوطنية التى تستطيع انفاذ القانون وهناك حدود مصرية – ليبية تمتد إلى ما يقرب من 1200 كيلو أيضاً ثم الاتجاه شرقا لنجد ان العدوان الاسرائيلى الممنهج والموظف ناهيك عن بربريته ووحشيته ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة نحن على بعد 40 يوما لاكتمال العام الأول لحرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، ناهيك عن استفزازات صهيونية مدفوعة وضرب للقوانين الدولية والانسانية والقرارات الدولية والأممية عرض الحائط ومحاولات خبيثة لتفريغ الاتفاقيات السابقة من مضامينها.. فما يحدث فى الجانب الفلسطينى من معبر رفح فى استيلاء جيش الاحتلال عليه أو وجود قوات صهيونية فى محور صلاح الدين «فيلادلفيا» هو استفزاز ومحاولات شيطانية لاستدراج المنطقة إلى حرب شاملة ثم تداعيات هذا العدوان الفاشى على اضطرابات وتوترات المنطقة خاصة البحر الأحمر وباب المندب ثم تمضى اثيوبيا على خطى اسرائيل فى التعنت ومحاولات انتهاك الشرعية الدولية وسيادة الدول.. أيضاً المخاوف من تصعيد على الجبهة اللبنانية ثم التهديدات الايرانية للرد على اسرائيل والثأر لاغتيال الموساد لإسماعيل هنية فى طهران من شأنه مزيد من اشعال المنطقة وصولاً إلى الحرب الشاملة وبالتالى فإن البحر المتوسط قد يشهد اضطرابات وتهديدات فى حال دخول المنطقة إلى حرب شاملة خاصة الجبهة اللبنانية.
محاولات الاستفزاز والاستدراج المدعوم والمخطط والمدفوع ضد مصر لن تنجح على الاطلاق، فحالة الثبات والصبر الاستراتيجى التى تنتهجها الدولة المصرية ليس عن ضعف ولكنها ذروة القوة والقدرة والذكاء لتفويت وإحباط المخطط الذى يدار ضد مصر ويسعى لاستدراجها.. والنصر الحقيقى لمصر يتمثل فى اجهاض هذا المخطط والخروج منه بسلام، فمصر وان كانت لا تريد الحرب وتسعى إلى السلام والاستقرار وهذا موقف ثابت، لكنها فى الوقت ذاته تؤمن أو آمنت ان القوة والقدرة والردع تمنع العدوان ولعل كلمات الرئيس السيسى وصلت إلى الجميع «محدش يجرب مصر واللى عاوز يجرب يجرب» عن تدبير أمورنا ومواقفنا وثوابتنا والحفاظ على صبرنا بما يحقق مصالحنا وأهدافنا وقادرون على تحقيقها دون اطلاق رصاصة واحدة، فالمساس بأمن مصر القومى ثمنه فادح، لذلك تسعى مصر لتجنيب المنطقة مصيرا مجهولا.
تحيا مصر