واضح ان الزاد الثقافى واحد من أهم معالم المبادرة الرئاسية «بداية» لبناء الانسان.. بنود وأهداف المبادرة تؤكد ذلك وتحرص عليه بشدة وتدعو كل الاطراف الثلاثين المشاركة الى العمل على تحقيق ذلك.. تعلن اللائحة بوضوح فى البندين التاسع والعاشر للاهداف:
– خلق أجيال صحيحة رياضياً تتمتع بالثقافة وتحافظ على القيم والأخلاق والمبادئ بدعم الأزهر والكنيسة والأوقاف.
– خلق أجيال قادرة على الإبداع والابتكار والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
عملية التحريك والتنشيط الجدى لادوات الثقافة تفتح افاقا واسعة للحوار وتملأ فراغا كبيرا على الساحة وتساهم فى عملية التصحيح لوضع الثقافة والنظرة اليها ودورها فى الرقى بالمجتمع خاصة بعد ان تسيدت التفاهة المشهد فى كثير من الوسائل وابتعدت الادوات الجادة عن المنافسة أو المزاحمة وتركت الساحة شبه خالية لانصاف الانصاف وتوارت الاعمال الجادة وغاب اصحاب الفكر الحقيقيين وبات الرأى العام فى حيرة يبحث عن طريق وسط أمواج عاتية تتقاذفه دون ان يمتلك اى من اطواق النجاة.
تابعت البرامج المعلنة للجهات المشاركة فى المبادرة على الصعيد الثقافى فى اهم ثلاث هيئات مثل الازهر والاوقاف ووزارة الثقافة.. نشاط واسع ومكثف حقيقة على الخريطة ويغطى اماكن عديدة فى المحافظات.
لفت نظرى مشاركة الازهر وخطته الشاملة الواعية المستوعبة لدور ومعنى التثقيف والنهوض بالجانب العقلى والفكرى وقد وضع مجمع البحوث الاسلامية شعارا جميلا لحركته مع المبادرة.. الازهر مع الناس وحددها فى محاور سبعة تركز على بث روح الأمل والتفاؤل فى نفوس الجميع خاصة الشباب توضح لهم دور كل منهم فى المجتمع. مستخدما كل ادوات ووسائل الاتصال الجماهيرى فى إدارة الحوار والتواصل مع الجماهير سواء ندوات فكرية مباشرة أو لقاءات عبر النت والفيس بوك والمواقع الالكترونية للازهر ومؤسساته المتعددة ومن خلال الاصدارات المختلفة سواء الاسبوعية أو الشهرية.
الاوقاف لها ايضا خطة موسعة فى التواصل خاصة من خلال المساجد فى كل المحافظات سواء من خلال خطب الجمعة أو الدروس ومجالس الوعظ والافتاء وكذا معارض الكتب للمجلس الاعلى للشئون الاسلامية..
وزارة الثقافة لم تكن بعيدة فى محاولة سريعة لتوظيف ما تملكه من قواعد فى قصور الثقافة بالمحافظات وفرقها الفنية والموسيقية ومعارض الكتاب فى عدد من المحافظات.
الحقيقة التى لايمكن غض الطرف عنها ان قضية اتاحة الثقافة مسألة بالغة الاهمية والحيوية لكل مجتمع وتزداد خطورتها فى الاوقات التى تعم فيها الفوضى ويختلط الحابل بالنابل وعندما تكون القيم الاخلاقية والدينية محل تهديد ويتم امتهانها والتعدى عليها دون اكتراث ودون ان يأبه احد للوجع العام وحتى الخاص ايضا لذلك كان اهتمام المصلحين قبل الفلاسفة وغيرهم بالجانب الثقافى وضرورة معالجته بما يحقق الاهداف المرجوة نحو الرقى والحفاظ على قيم الحب والخير والجمال وايضا فى معارك مواجهة القبح المستشرى فى اوصال المجتمعات المعاصرة وهو قبح قبيح خبيث يتسلل رويدا رويدا وفى غفلة من الناس ولا يفيقون معه الا مع كارثة لا قدر الله.. فى مثل هذه الاحوال لا غنى عن الزاد الثقافى ولا مناص من اتاحة الثقافة للجمهور سواء من الراغبين أو من هم على الحافة وينتظرون من ينتشلهم من حالة الضياع أو التيه الفكرى والضلال الاجتماعى المعاصر الذى زاد عن الحد وتطاول الى افاق مزعجة ومرعبة ايضا..
كنت اتمنى ولازلت من الجهات المشاركة فى المبادرة ان تتبنى مشروعا خاصا بالمبادرة لاتاحة الثقافة باسعار زهيدة وفى طبعات شعبية لكتب ودراسات حديثة وقديمة ايضا تلقى اضواء على اشكالات الواقع تفك معضلات القضايا المعاصرة وتفتح افاقا نحو الفهم والاستيعاب الصحيح لحقيقة التحديات التي نواجهها وحقيقة ما يراد لنا فى اتون المعارك الضارية حاليا وفى مقدمتها المعركة الاخلاقية والحضارية والدينية من قبل ومن بعد..وهى امور لم يعد السكوت عليها ممكنا خاصة وان الحرب باتت على المكشوف ولم يعد هناك خجل أو مواراة ولم يعد هناك احترام لأى قواعد من القيم والاخلاق والقانون الدولى ولا المؤسسات القائمة عليه فى زمن صارت فيه الابادة والتطهير العرقى حق وواجب لتبرير الظلم والاضطهاد والاغتصاب وصار فيه القانون الدولى العقوبة فى ايدى الطغاة والمتجبرين ولا مكان ولا عزاء للضعفاء واصحاب الحقوق.
اتاحة الثقافة والزاد الثقافى سلاح قوى ومطلوب فى المواجهة ليس فقط للتحصين وانقاذ ما يمكن انقاذه ولكن لتقوية خطوط الدفاع وحوائط الصد الحيوية وعلى كل المستويات.. والله المستعان.