بداية لا ينكر أحد ان القطاع الخاص شريك أساسى فى التنمية الاقتصادية من خلال مايقوم به من مشروعات صناعية إنتاجية وشراكات تجارية اقتصادية تساهم فى زيادة معدلات النمو بما يساعد على تحقيق أهداف برنامج الاصلاح الاقتصادى، ولا بديل عن هذه الشراكة وتعزيز دور القطاع الخاص وكل شركاء التنمية، وبما ان الجميع يتفق على ذلك فبالتالى يقع على هذا القطاع مسئولية كبيرة فى المرحلة الحالية والقادمة وذلك بالتركيز أكثرعلى الأنشطة الصناعية والإنتاجية والبعد عن الاستهلاكية المستحدثة، لأن التنمية تعتمد فى الأساس على الانتاج الصناعى واستخدام الموارد والثروات المحلية وفى مقدمتها الثروة البشرية بالطبع، وهذا ما يطلق عليه فى علم الاقتصاد التحول الى الاقتصاد الإنتاجى، ومن أجل ذلك قامت الدولة بتوفير العديد من المزايا والتسهيلات للمستثمرين، وخصوصا توفير المواد الأولية بأسعارمنافسة تشجيعا للمستثمرين المحليين والأجانب على الاستثمار فى النشاطات الانتاجية والصناعية وكذلك الزراعية.
الحقيقة ان الرئيس عبدالفتاح السيسى دائما ما يوجّه الحكومة بتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى، وتوطين الصناعات لتعزيز قوة الاقتصاد المصرى وتقليل فاتورة الواردات التى تستنزف موارد الدولة الدولارية، ولذلك يتخذ الاجراءات الاصلاحية الجريئة التى تبسط الاجراءات وتخفف الأعباء المالية وتخلق مناخاً استثمارياً أكثر تنافسية يشهد المستثمر من خلاله تحسنا ملموسا وسريعا على أرض الواقع وآخر هذه القرارات استبدال الرسوم التى تتقاضاها الجهات والهيئات المختلفة بضريبة إضافية موحدة من صافى الربح.
فى ظل هذه التيسيرات لاشك ان هناك ظواهر جديدة على المجتمع تطفو على السطح ويجب الانتباه اليها جيدا والحد منها بأٍسرع وقت حتى لا تصبح جهود الدولة غرسا بلا نبت أو ثمار ومنها ظاهرة انتشار سلاسل الأنشطة الاستهلاكية بشكل سريع ولافت للنظر وظهور أنماط جديدة من الأنشطة الاستهلاكية التى لا تمثل أى جدوى اقتصادية ولا تضيف شيئا للناتج المحلى رغم انها توفر فرص عمل الا انها فى تصورى لاتوفر الأمن الأسرى والاجتماعى لأصحابها لأن أغلب هذه السلاسل بعض فروعها تعمل بلا تراخيص وغير خاضعة لمظلة التأمين الاجتماعى التى توفرها الدولة فى الأنشطة الصناعية والأنتاجية، وكذلك فان الوضع العام لهذه الأنشطة وسرعة انتشار السلاسل بهذا الشكل يدل على وجود شبهة خلف هذا الأنشطة التى تُصنَّف ضمن الشركات المملوك أغلبية أسهمها لشخص واحد، مما يدق ناقوس خطر ويوجب متابعتهم والتحقق من مصدر ثرواتهم ومن اين لهم هذا .
ولكن الأمر الذى يذكى جذوة الحماس فى نفسى هوخطة الفريق كامل الوزير الجريئة لتوطين صناعة المنتجات الورقية، التى نستورد منها 3 ملايين طن بتكلفة 2 مليار دولار سنويًا، منها مليون طن ورق تعبئة و340 ألف طن طباعة، ونستورد أيضا 87 ألف طن من لب الورق بتكلفة 53 مليون دولار و140 مليون دولار لورق الفويل، والخطة الجديدة أيضا تعتمد على الباجاس من مخلفات قصب السكر،لتصنيع الورق والفايبر والإيثانول، وذلك سوف يوفر ملايين الدولارات، ويقلل التلوث، ويفتح أسواقاً جديدة للتصدير فى أفريقيا والعالم، ويعزز أيضا الطابع الصناعى المتخصص، ويحقق الاستفادة من اتفاقيات التبادل التجارى مع الدول الأخرى، ويفتح آفاق تصدير إلى المحيط الجغرافى الأفريقى والعربى.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. الاستثمار المحلى مهم جدا ولكن عندما يكون هذا الاستثمار فى أنشطة استهلاكية عبارة عن شاورما وقشطوطة وممشوطة فإنه بذلك يؤثر بالسلب على الاقتصاد، ويصبح بلا جدوى اقتصادية ولايمثل أى إضافة للناتج المحلى، لأن الدولة تستورد سنويا بحوالى 90 مليار دولار وتعميق الصناعة المصرية من خلال الأنشطة الصناعية وليس غيرها هى التى تساعد فى زيادة الصادرات المصرية والقضاء على الاستيراد العشوائى، وإحلال المنتجات المصرية بدلا من تلك الواردات العشوائية، مما ينعكس إيجابا على معدلات نمو الناتج المحلى ونصيب الفرد وتوفير فرص العمل، وتحقيق استراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر 2030 حفظ الله مصر وأهلها.