ترامب قرر أن يغير كل الثوابت دفعة واحدة، الثوابت الفيدرالية للولايات المتحدة داخلياً وثوابت التحالفات الخارجية مع أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية ودول الشرق الأوسط، وفى نفس الوقت قرر تغيير قواعد المواجهة مع اعدائه ومنافسيه فى الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران، لم يعد الرجل يطيق فكرة الضوابط القانوية والأعراف السياسية ولا الالتزامات الدولية.
اليوم اركز على مفهوم أوروبا فى الفكر الترامبى الإستراتيجيى وحتى التكتيكي، فمن جماع تصريحاته ونائبه جى دى فانس نجد أن أوروبا أصبحت تمثل عبئاً على الإدارة الأمريكية، أهم وأخطر الأعباء هو النفقات الدفاعلية التى تتحملها الولايات المتحدة فى صور متعددة أهمها حلف الناتو وحرب أوكرانيا.
>>>
أمريكا ترى أن أوروبا العجوز لم تعد قادرة على حماية نفسها من الدب الروسى وتعتمد على الولايات المتحدة كحارس أمن لا يتقاضى أجراً ويعامل بشكل لا يستقيم مع طبيعة العلاقة من الناحية الاقتصادية وموازين التجارة تعكس وتؤكد هذا، أمريكا ترى أن أوروبا تحاول التمرد على أمريكا دون أن يكون لديها القدرة أو البديل، هنا بدأت أمريكا تنبيه الأوروبيين إلى ما يجب أن يكون وبشكل مهين، بالتأكيد كانت قضية أوكرانيا هى مربط الفرس ونقطة الغليان، الأوروبيون يدعمون أوكرانيا وينخرطون فى مساندتها بأموال وأسلحة أمريكية، ترامب يرى أن هذا الاندفاع الأوروبى غير المحسوب قد يقود العالم إلى حرب عالمية ثالثة، من هنا وقف بقوة فى وجه أوروبا وأوكرانيا وقرر أن ينهى هذه الحرب العبثية.
>>>
إنهاء الحرب سيكون نصراً لروسيا وهزيمة لأوروبا، من هنا بدأت أوروبا بقيادة فرنسا التحرك والمطالبة بإنشاء جيش أوروبى قادر على الدفاع عن أوروبا ضد التهديدات الروسية- الولايات المتحدة ترى أن هذه الإجراءات والقرارات الأوروبية تمثل تحدياً للحارس الأمريكى وخروجاً من جلبابه دون استئنذان، لذلك قرر الأمريكان مد أياديهم لبوتين وتعزيز مكانته على حدود الناتو، أمريكا تهدف إلى فصل روسيا عن الصين وروسيا تهدف إلى فصل أمريكا عن أوروبا، وهنا سنكون أمام واقع جديد وتكتلات جديدة، روسيا وأمريكا فى كفة، أوروبا الغربية فى كفة، والصين فى كفة ثالثة.
>>>
سيكون التنازع والتنافس بين هذه القوى الثلاث على ضم أكبر عدد من الدول المؤثرة إلى جانبها وسيكون الصراع والتنافس على جذب الهند واليابان والبرازيل وتركيا ومصر والسعودية، وستكون إسرائيل فى حضن أمريكا فى كل الأحوال، أعود إلى فكر ترامب المرتبط بفك الارتباط مع كل الثوابت.
يؤكد هذا الطرح ما جاء بمقال ويليام جالستون فى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية «يرى ترامب ان مفهوم «النظام الدولى القائم على القواعد» يمثل لعنة على بلاده، لأنه قد يجبرك على اتباع القواعد، وعلى القيام بشيء لا تريده ويبدو أن ترامب يعتقد أن القواعد الحالية لا تعزز المصالح الأمريكية طويلة الأجل – هدف ترامب هو تعظيم حريته فى العمل فى جميع الأوقات، لذا يميل إلى رؤية التحالف باعتبارها أعباء ومن الأفضل أن تتعامل وجهاً لوجه مع الصديق والعدو على حد سواء».