الأزمة الإيرانية– الإسرائيلية أضافت حلقة جديدة فى مسلسل الآلام والأوجاع التى يعانى منها المواطن فى دول الشرق الأوسط.
ومع انطلاق الضربة الجوية التى وجهتها إيران لإسرائيل، انطلقت الأسعار العالمية للبترول للأعلي، وتوقفت حركة الطيران والسياحة فى العديد من مطارات المنطقة، وأحجمت صناديق الاستثمار عن توجيه أموالها لدولها، وتأثرت البورصات سلبا، وهو فى النهاية ما يضيف تحديات صعبة أمام اقتصاديات الدول ويزيد من معاناة شعوبها.
الاقتصاد المصرى ليس بعيدا عن هذه الاحداث، وفى كل حدث أو أزمة خارجية، نحمد الله ان الخطوات التى اتخذتها الدولة المصرية على مدار السنوات العشر الماضية ساعدت فى بناء اقتصاد قوى يستند على قواعد سليمة، جعلته قادرا على مواجهة الصدمات والتحديات والأزمات الخارجية.
وإذا كان توالى الازمات العالمية منذ 2020، مع انتشار فيروس كورونا، ثم الحرب الروسية– الأوكرانية، ثم أحداث غزة، والأزمة فى السودان، قد أثرت على موارد الدولة من النقد الأجنبي، وارتفاع تكلفة الواردات، مما أثر سلبا على أسعار السلع الأساسية فى السوق المحلية، إلا أن الدولة نجحت فى وضع الحلول، وعقدت صفقة استثمارية أشاد بها الجميع من خلال استغلال الموارد والمناطق السياحية التى غابت عنها يد التطوير والتعمير لعقود أو قرون طويلة، مثل مدينة رأس الحكمة.. ولعل الدفعة الجديدة من هذه الصفقة من المتوقع لها أن تصل بداية الشهر المقبل، فهى بلا شك ستدعم جهود الدولة فى إعادة الاستقرار لسوق النقد الاجنبي، وتخفف الضغوط على الأوضاع الاقتصادية، وتمنح الاقتصاد المصرى فرصة كبيرة للاتزان والانطلاق من جديد إلى آفاق ارحب، كما تعطى البنك المركزى فرصة لوضع سياسة نقدية جديدة، بعد خطوته المهمة بتحرير سعر صرف الجنيه، يجب أن تكون اكثر تشجيعا للاستثمار والمستثمرين بإعادة فائدة الإقراض الى معدلاتها الطبيعية.
التوقعات أو التساؤلات التى يطرحها المراقبون حول الرؤية الاقتصادية للحكومة خلال الفترة القادمة، تصب كلها فى كيفية تهيئة مناخ جاذب للاستثمار ومشجع للمستثمرين، وفتح المجال امام القطاع الخاص للعب دور اكبر فى قيادة النمو الاقتصادى وتوفير فرص العمل وزيادة الإنتاج والتصدير، خاصة فى مجالى الصناعة والزراعة باعتبارهما الأعمدة الاساسية لأى اقتصاد قوى ونمو مستدام.
الدولة حددت رؤيتها لمستقبل الاقتصاد خلال السنوات الست المقبلة، من خلال وثيقة تضمنت مجموعة من الأهداف ستعمل الحكومة على تنفيذها، أهمها زيادة معدل الاستثمار من أجل الوصول بمعدل النمو الاقتصادى إلى ما بين 7 ٪ إلى 9 ٪، وزيادة مساهمة القطاع الخاص فى جميع الأنشطة الاقتصادية، وتنظيم دور الدولة فى النشاط الاقتصادي، بحيث تتدخل كمستثمر وفاعل نشط فى القطاعات والمجالات ذات الطابع التنموى التى لا تلقى قبولاً من القطاع الخاص، وحوكمة وجود الدولة فى الأنشطة الاقتصادية وفقاً لمعايير محددة من خلال وجود الدولة بالقطاعات ذات الأولوية، وتحقيق الاستدامة المالية للموازنة العامة، عن طريق تحقيق وفورات مالية تعزز قدرة الدولة على دعم شبكات الأمان الاجتماعي؛ لحماية الفئات الأكثر احتياجاً، وتحقيق احتياطيات مالية قادرة على تعزيز مرونة الاقتصاد أمام الأزمات.