الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا فقتلوا الأبرياء وروّعوا الآمنين وقطعوا الأوصال وهتكوا الأعراض وعاثوا فى الأرض فساداً وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، والمحزن أنهم يصنعون ما يصنعون باسم الله، فتستّروا بالدين، حفظوا آياته، ورفعوا راياته، وتحدثوا بأحاديثه، استحلوا الدماء البريئة، فكانوا يذبحون على الشريعة باسم الله الله أكبر، هدموا المساجد، ونادى منادٍ منهم: تكبيير، فصاحوا جميعاً «الله أكبر»، هؤلاء هم أخسر الناس كما أخبرنا المولى جل فى علاه: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا». لقد كشفهم القرآن وفضحهم، وأخبرنا ونبأنا حتى نحذرهم ونكون على بينة من أمرهم ونتخذ التدابير اللازمة لمقاومتهم ومواجهتهم، لكن البعض منا وقع فى شراك خداعهم فهم يدغدغون مشاعر العوام مستخدمين كل أدوات التأثير القرآني، لكن قطعاً فى غير مواضعها وفى غير سياقها، وتاريخنا يسوق لنا العديد من هؤلاء الذين قسموا الناس فرقاً وجماعات متناحرة صراعاً على سلطة أو ثروة.. فالقرامطة الذين قتلوا آلاف الحجيج فى صحن الكعبة ونزعوا الحجر الأسود وردموا بئر زمزم بجثث الحجيج، كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، والإخوان الذين استخدموا الدين سلماً ومطية للوصول إلى الحكم ولما وصلوا إليه استكبروا وتجبروا فسقطوا فاستحلوا دماء الأبرياء وعاثوا فى الأرض فساداً ولم يراعوا حرمة وطن أو مجتمع كانوا أيضاً يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وتنظيم القاعدة المختبئ فى جبال «تورا بورا» وجماعة النصرة فى سوريا وتنظيم داعش فى العراق وما قاموا به من تفجيرات تحصد أرواح الأبرياء يحسبون أنهم يُحسنون صنعاً، وجماعة «بوكو حرام» فى نيجيريا يخطفون النساء والبنات ويهتكون أعراضهن باسم الدين والشريعة يحسبون أنهم يحسنون صنعاً،وهؤلاء المشايخ المزيفون الذين فضحتهم أفعالهم وأقوالهم يطلون على الناس من خلال منابر مأجورة مشبوهة صنعها لهم أعداء الوطن ليقوموا بتكفير المجتمع بأسره، مثلما يقول أحد سفهائهم بأن من يؤيد الجيش وقادته يتبوأ مقعده من النار؛ هؤلاء أيضاً يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، كل هذه الجماعات تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتي، تحسبهم ايقاظاً وهم رقود، يتحدثون بالدين وهم ألدُّ أعدائه، يكبرون الله وهم يكفرونه، يصلون على النبى لكنهم لا يتبعونه فى أقواله وأفعاله، فالنبى لم يكن سفاكاً للدماء ولم يكن فظاً غليظ القلب، لم يكن «صلى الله عليه وسلم» كارهاً للأوطان.. إن فضح هؤلاء، الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً يمثل إعلاء لكلمة الحق ونصرة لهذا الدين.. أفلا تتدبر