رمضان قادم، وكما هى العادة، يطل علينا هذا الشهر الكريم كل عام حاملاً معه نسمات روحانية تلامس القلوب، وفرصة ذهبية للتغيير والتجديد. ولكن، هل نحن على أتم الاستعداد لاستقباله؟
إن الاستعداد لرمضان يكون بالترحيب به والتبشير بالشهر المعظم.. فليس التجهيز له هو فقط ترتيب للموائد أو تعليق الزينات، بل هو رحلة داخلية عميقة، تتطلب منا وقفة صادقة مع الذات، ومراجعة دقيقة للحسابات، فكما أن الجيوش تستعد للمعركة بتجهيز العدة والعتاد، كذلك يجب علينا أن نستعد لرمضان بتجهيز القلوب والأرواح.. ولكى نستفيد من الشهر الكريم؛ فلننظر إلى رمضان كأنه مشروع استراتيجى، يتطلب تخطيطاً محكماً وتنفيذاً دقيقاً؛ فلنحدد أهدافنا بوضوح، ولنضع خطة عمل محكمة لتحقيقها، هل نريد أن نختم القرآن؟ هل نريد أن نزيد من صلاتنا وقيامنا؟ هل نريد أن نتصدق وننفق فى سبيل الله؟
إن رمضان ليس مجرد شهر للصيام عن الطعام والشراب، بل هو شهر للصيام عن كل ما يغضب الله، صيام عن الغيبة والنميمة، صيام عن الكذب والخداع، صيام عن الكبر والغرور، فلنجعل من رمضان فرصة لتطهير قلوبنا من كل هذه الآفات، ولنجعلها قلوباً نقية صافية، تستقبل نور الله ورحمته.. ولنتذكر أن رمضان هو شهر القرآن، فلنجعل له نصيباً وافراً من وقتنا، ولنجعل القرآن رفيقاً دائماً لنا فى هذا الشهر الكريم، فلنتدبر آياته، ولنستلهم منها العبر والعظات، ولنجعلها نبراساً يهدينا إلى طريق الحق والصواب.. تقترب أيام رمضان لنشعر فى أنفسنا بالحاجة الماسة لهذه الأجواء الروحانية، وتلك اللحظات التى تضىء قلوبنا بالسكينة، ما أجمل أن تزين شوارعنا أنوار رمضان، ويمتلئ المكان بعبير المساجد فى صلاة التراويح، حيث يرفع المؤمنون أكفهم بالدعاء، ويتقربون إلى الله فى لحظات روحية تلامس السماء.
ما أجمل أن نرى أطفالنا وهم يتعلمون قيم رمضان من خلال رؤيتهم للكبار وهم يشمرون عن سواعدهم فى العبادة، وما أجمل أن نسمع أصوات التسابيح والذكر تتعالى بين أروقة المساجد، تملأ الدنيا سلامًا ورحمة.
إن رمضان هو شهر التكافل والتراحم، فلنتفقد أحوال الفقراء والمحتاجين، ولنمد لهم يد العون والمساعدة، ولنجعل من رمضان فرصة لنشر الخير والعطاء فى مجتمعنا، ولنجعل مجتمعنا مجتمعاً متكافلاً متراحماً، يسوده الحب والوئام.. إن الاستعداد لرمضان هو استعداد للحياة، استعداد للتغيير، استعداد للأفضل، فلنجعل من رمضان فرصة لتحقيق ذواتنا، ولنكن خير خلف لخير سلف.