هددوا باتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل
فى تصعيد غير مسبوق منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، تتعرض إسرائيل لموجة متصاعدة من العقوبات والضغوط الدولية، يقودها شركاؤها فى الغرب، وعلى رأسهم دول الاتحاد الأوروبي.. إسرائيل تجد نفسها اليوم تحت سيف العقوبات، عواصم أوروبية تتخلى عن صمتها، قاعات البرلمانات فى مدريد وبروكسل ولندن تنتفض وتُطالب بوقف فورى للحرب فى غزة, البرلمان الإسبانى صوّت بالأغلبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ووجّه صفعة دبلوماسية مدوية لإسرائيل، فى مشهد اختُتم بالتصفيق الحار ورفع الأعلام الفلسطينية داخل القاعة، أوقفت بلجيكا، وهولندا، وإسبانيا تصدير الأسلحة لإسرائيل، فى خطوة رُبطت مباشرة باستخدام تلك الأسلحة ضد المدنيين فى غزة.. كما بدأت بعض الدول إجراءات ومراجعات لاتفاقيات تجارية مع إسرائيل، تُضاف إلى حملة ضغط دبلوماسى تقودها السويد وأيرلندا و دول أخرى للمطالبة بوقف الحرب، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، ومحاسبة المسئولين عن المجازر فى غزة.
كانت الحكومة البريطانية، قد أعلنت سابقا فرض عقوبات على عدد من الأفراد والكيانات، قالت إنهم مرتبطون بأعمال عنف ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية المحتلة، كما أعلنت تعليق المفاوضات مع حكومة نتنياهو بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة.. وقال وزير الخارجية البريطانى ديفيد لامي، إن المملكة المتحدة علقت المفاوضات مع حكومة نتنياهو بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة، مضيفا فى حديث أمام مجلس العموم ، أن بلاده تراجع التعاون معها بموجب خارطة الطريق الثنائية 2030، وتصرفات حكومة نتنياهو جعلت هذا الأمر ضروريا، وفقا لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سي»، مؤكدا أن أسلوب إدارة الحرب فى غزة يضر بالعلاقات مع حكومة نتنياهو.. كما استدعت الحكومة البريطانية، فى وقت سابق، سفيرة إسرائيل تسيبى حوتوفلى على خلفية توسيع العمليات العسكرية فى قطاع غزة، وقالت الحكومة البريطانية، إن من غير الممكن إحراز تقدم فى المناقشات بخصوص اتفاقية تجارة حرة جديدة ومحدثة مع حكومة نتنياهو التى تنتهج سياسات فظيعة فى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
من جانبه قال وزير الخارجية الهولندى كاسبار فيلدكامب، فى وقت سابق، إن بلاده تضغط على الاتحاد الأوروبى لمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل وتدعو مع فرنسا ودول أخرى إلى فرض عقوبات على المستوطنين العنيفين فى الضفة الغربية المحتلة، مضيفا أن القلق الذى تشعر به أمستردام حيال الوضع فى غزة يتشاطره معها على نطاق واسع الاتحاد الأوروبي, أما وزير الخارجية الفرنسى جان نويل بارو، فأشار فى وقت سابق إلى دعم بلاده لمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبى وإسرائيل لمعرفة ما إذا كانت تل أبيب تحترم التزاماتها تجاه حقوق الإنسان، وفق لما ذكرته شبكة فرانس 24 الإخبارية الفرنسية.
الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ورئيسا الوزراء البريطانى كير ستارمر والكندى مارك كارني، قالوا فى بيان مشترك إنهم لن يقفوا مكتوفى الأيدى أمام أفعال إسرائيل فى غزة، وهددوا باتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل إذا لم توقف هجومها العسكرى الجديد على غزة المسمى «عربات جدعون»، وترفع القيود التى فرضتها على دخول المساعدات إلى القطاع.
اليوم بالفعل تتغير المعادلة، لم يعد الصمت خيارا مطروحا، إسرائيل تجد نفسها فى مواجهة عزلة سياسية تتسع، وضغط دولى قد يتحول من أقوال إلى أفعال, لكن السؤال الذى يطرح نفسه: ما مدى جدية هذه التهديدات بفرض عقوبات على إسرائيل؟ وهل يمكن أن تترجم إلى خطوات عملية؟
فى رأيى أن العالم لم يعد يدرج الصمت كخيار مطروح فى مواجهة الحالة الإنسانية المتردية فى غزة, على كل حال أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتي, هذه التصريحات و التهديدات قد تأخذ بالفعل مسارا من الجدية خلال الأيام القادمة لكنها مع الأسف لن تكون لها القدرة الكافية للتأثير فى القرار الإسرائيلي, فحتى اللحظة إسرائيل تتصرف على أنها محمية سياسياً وعسكرياً من العقوبات الغربية، طالما ظلت واشنطن فى موقف غير رافض وغير مؤيد لتصرفاتها حين تنضم واشنطن صراحة للتكتل الأوربى الرافض للممارسات والسياسات الإسرائيلية ستنتهى الحرب.