أكد د.محمد الجندى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن الأزهر الشريف يعمل وفق نظام مؤسسى مثل أرقى أنظمة الإدارة الدولية لذلك لم يجد صعوبة عند توليه مسؤولية إدارة العمل بمجمع البحوث الإسلامية الذى يمثل أحد أضلاع مثلث العمل فى تبليغ رسالة الأزهر، معلنا فى حواره مع الجمهورية أن العاملين بمجمع البحوث الإسلامية يحركهم الإيمان بالرسالة وليس مفهوم الوظيفة، متناولا فى حواره قضية الإلحاد مشيرا إلى تعاون الأزهر والكنيسة فى تصحيح مفاهيم الشباب ضد الإلحاد.
توليتم مسئولية مجمع البحوث الإسلامية وسط فترة انتعاش لجهود المجمع.. فهل وضعتم خطة بديلة ام تعملون وفق منهجية سابقة؟
دعنا نكن متفقين أن الأزهر الشريف يعمل وفق نظام مؤسسى مثل أرقى أنظمة الإدارة الدولية، والنظام المؤسسى لا يعتمد على الأشخاص قدر اعتماده على خطة عمل لها مراحل تنفيذية وأهداف وآليات تحقق تلك الأهداف التى تسعى المؤسسة لتحقيقها، ومجمع البحوث أحد أفرع مؤسسة الأزهر التى تعتمد عليها فى العمل الميدانى بالدعوة وحماية الفكر الإسلامى من خلال لجان مراجعة المطبوعات، إضافة إلى أعظم المهام فى رعاية وعناية طباعة كتاب الله تعالى من خلال لجنة مراجعة المصحف الشريف أقدم لجنة فى العالم، إضافة إلى الدور الحيوى للوعاظ والواعظات فى لجان الفتاوى بالمحافظات فى إطار التكامل مع دور دار الإفتاء المصرية، وهذه الأعمال المتنوعة للمجمع تسير وفق خطة مرسومة مسبقا ومدروسة من كبار علماء الأزهر متضمنة الأهداف والتحديات المحتملة والواقعية ووضع الحلول لتلك التحديات، وتلك الخطة لا ترتبط بالأشخاص وإنما تسير بقوة الدفع الذاتى وفق مناهج الإدارة الحديثة، لذلك فإننى لم أجد صعوبة فى العمل منذ تكليفى بقرار فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لأن جميع الإدارات يعرف أفرادها المطلوب منهم فيؤدونه فى صمت والتزام وحرص على الجادة والابداع.
أيمكننا القول إن العاملين بمجمع البحوث الإسلامية يحركهم الإيمان بالرسالة قبل العمل الوظيفي؟
هذا السؤال وددت حدوثه لأننى وجدت حالة من الروح المميزة والتفانى فى العمل من عناصر المجمع بصورة مذهلة فالجميع يؤدون بإخلاص وحب، لدرجة أنهم يحضرون أيام الإجازات الرسمية والعطلات الأسبوعية، وبعضهم يتأخر عن الانصراف من العمل حتى أوقات متأخرة من الليل، وللعلم فإن هناك عددا كبيرا من العاملين بالمجمع لا يقيمون بالقاهرة، وهذه الروح هى التى جعلت بعض الأعمال التى كنا نضع لها نسبة أهداف محددة نفاجأ أن المتحقق منها يفوق المأمول بدرجات بعيدة، وهذا لا يمكن وصفه سوى أنه إيمان بالرسالة التى يؤديها هؤلاء العاملون، وللعلم فإن هناك فارقا بين رؤيتك للعمل على أنه رسالة أو مجرد وظيفة روتينية، وأغلب مشكلات العمل فى مصر هو يقين العامل أنه موظف دوره يقف عند الحضور والانصراف فقط ولا يعرف أداء الواجب المفروض عليه بإتقان وعناية مخافة الله تعالى ومحبة فى وطنه وقبل ذلك محبة لنفسه حتى يكون مطعمه حلالا إضافة إلى أن العمل بإتقان يستلزم تطوير المهارات الشخصية وهذا يفتح للعامل آفاق النمو الوظيفى والمالى على السواء.
>مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت حديث الساعة نتيجة السلبيات المنتشرة..والجميع يسألون أين المؤسسة الدينية من ذلك؟
ذاك السؤال له جانبان أحدهما إيجابى والآخر سلبي، بخصوص الجانب الايجابى فإن تعلق الناس بالمؤسسة الدينية يكشف مدى ثقتهم فى علمائها وأنهم سبل النجاة وقت الشدائد، لكن الجانب السلبى إلقاء الاخفاقات المختلفة عليهم واتهامهم بالتقصير، وعلى سبيل المثال نحن نمارس الدعوة الميدانية من خلال قوافل فى المحافظات من أقصى مصر إلى أدناها حيث يذهب الوعاظ إلى الناس فى مراكز الشباب، والمستشفيات، ودور الرعاية الاجتماعية، والشركات، ومراكز الشرطة وأقسامها، ومعسكرات الأمن المركزي، والسجون؛ حيث تم عقد نحو 13 ألف لقاء، كما تم عقد 2500 مقهيً ثقافياً استهدفت نشر الوعى بصحيح الدين والتركيز على قضايا الساحة الجماهيرية فى الحفاظ على النفس الإنسانية، وتأكيد التكافل المجتمعي، والحفاظ على القيم الأخلاقية والمجتمعية، ولم نترك بابا إلا طرقناه ولا طريقا إلا سلكناه حتى نصل بدعوة الإسلام حيثما أراد الله تعالى فى التسامح والمودة والرحمة، وقد دخلنا عالم الفيس بوك بصورة احترافية وناقشنا وجادلنا وخضنا معارك مع الأجندات التى تريد تزييف المفاهيم وتضليل الشباب وحققنا نجاحات مشهودة على أرض الواقع ولدينا برامج هادفة على المنصات المختلفة للوعاظ والواعظات، ولم يكن الدخول عشوائيا معتمدا على المظهر الدينى فقط، بل قمنا بانتقاء عناصر من المتميزين سواء من الوعاظ أو الواعظات، وجاء الاختيار من خبراء فى الإعلام المرئى والتواصل الاجتماعي، ولهم فى ذلك معايير دقيقة لأن الإعلام علم من العلوم، وبعد الاختيار قام الخبراء بتدريب الوعاظ والواعظات على كيفية التعامل مع الكاميرا وسرعة البديهة فى فيديوهات البث المباشر، ونبذل جهودا كثيفة للسيطرة على الفضاء المفتوح الذى تعمل فيه هذه الوسائل فى ظل الغزو الثقافى المُوَجَّه لتطبيع السلوكيات المنافية للفطرة، لتخريب فطرة الشباب.
كثر الحديث عن الإلحاد فهل وصل الإلحاد حد الظاهرة؟
إذا أنكرنا وجود الإلحاد فهذا تهوين من واقع تم رصده عبر المراصد الفكرية، وإذا قلنا إنه ظاهرة فهذا تهويل غير مقبول أيضا، لكن الإلحاد يفتح عيوننا على واقع متغير نتيجة الاجندات التى تم وضعها منذ أمد قريب رغبة فى تحقيق أهداف متنوعة أبرزها عزل الشباب عن عقائدهم نهائيا من خلال مؤثرات متنوعة تسعى إلى التشكيك فى الثوابت الدينية وصولا إلى إنكار الرسالات، ولا ننكر أن الخطة التى تم تدبيرها كانت مجهولة المقاصد والوسائل وعميقة التحول فحينما بدأت المؤسسات الدينية وضع يدها على أول طريق المواجهة، كانت كتائب تلك الأجندات قطعت شوطا كبيرا فى تأصيل الشذوذ الفكرى لدى قطاعات عريضة من الشباب وبالتالى جاءت خطواتنا متأخرة بعض الوقت لكنها قطعت شوطا كبيرا حتى أصبحت متمرسة فى ملاحقة تلك الشبهات بل وإبطال مفعولها نهائيا واستطعنا إعادة الثقة لدى آلاف الشباب فى اللجوء إلى المؤسسة الدينية إذا واجهتهم الشكوك والظنون التى تثيرها لجان الكتائب الإليكترونية، وهنا جاء دورنا فى الاستعداد المميز لاستقبال هؤلاء الشباب وإعادة السكينة إلى قلوبهم ونفوسهم مرة ثانية.
هل تتعاون المؤسسات الدينية الإسلامية المسيحية فى مقاومة الإلحاد؟
الإلحاد فكرته تقوم على رفض الدين وأحكامه جملة وتفصيلاً، دون تفرقة بيت دين إسلامى أو مسيحى لذا نتعاون مع الكنيسة و»بيت العائلة المصرية» للوصول إلى الشباب ومحاورتهم فى جميع محافظات الجمهورية، من خلال مبادرة أطلقناها عنوانها «بالإنسان نبدأ» بهدف حماية العقل من الفيروسات الفكرية فنحن مسئولون أمام الله عن هؤلاء الشباب، لذلك قمنا بإعداد برنامج يهدف إلى تعزيز الإيمان، وتقديم إجابات عقلانية للشباب، من خلال دراية عميقة بالعلوم الإنسانية ومناهجها الحديثة وتوظيفها فى صياغة خطاب دينى يصل بسهولة إلى الشباب، والرد على الشبهات من خلال الحجة والبرهان.
هل تملكون أجندة لمواجهة التطرف الفكري؟
بالفعل نحن حريصون على متابعة التطرف الفكرى ومواجهته بما يسهم فى القضاء عليه نهائيا خاصة وأن الداعمين لذلك الانحراف السلوكى يملكون أساليب خبيثة تجعلك لا تأمن مكرهم فهم يتغيرون ويتبدلون على ألوان متنوعة ولا تعرف من أين تأتيك الضربة التى يستهدفون بها الشباب أو المجتمع بصفة عامة، لذلك فإننا نملك لجاناً متنوعة من الأفكار تدرس العقلية التى تقوم عليها أجندات الداعمين للإلحاد حتى يمكننا التقدم عليهم بخطوة ونصنع مضادات فكرية تحمى الشباب، إضافة إلى أننا نعالج التشوهات التى تركها ذلك الفكر فى عقول الشباب من خلال لقاءات ومحاورات مع الشباب فى الجامات والمنتديات التى يتجمعون بها حتى يكون الحوار مثمرا بالنقاشات الهادئة، وعقب انتهاء اللقاءات يرصد المحاور جميع الأسئلة ثم يقوم خبراء العقائد والمذاهب التابعين للمجمع بتحليلها، ولا أنكر أن النيران مشتعلة بصورة مخيفة ونبذل أقصى جهدنا لإطفاء تلك النيران التى تهدف تبوير العقول وتدمير المجتمعات.
هل تأثر الشباب بالمعلومات المجهولة المصدر؟
عقيدة الأزهر الشريف عقيدة لها سند، تخاطب العقل البشري، ولو افترضنا أن العقل أصبح تقنيا محضا، فإن العقل يحتاج إلى برامج حماية من الفيروسات الفكرية، لذا يجب علينا تحديد مصادرنا المعلوماتية من أفواه العلماء مباشرة، حتى لا تكون معلوماتنا لقيطة مجهولة النسب، لذلك فإن المعلومات المجهولة المصدر فاسدة تؤدى إلى التسمم الفكرى لدى الشباب وتسعى إلى تفخيخ عقولهم حتى يكونوا قنابل موقوتة جاهزة للانفجار فى وجوه المجتمع بالأفكار الشاذة والسلبية، ونهدف إلى تطبيق آليات اقتصادية الفكر بأن العملة الجيدة فكريا تطرد الرديئة ولذلك فإننا نتوسع فى التصحيح والتعريف بسماحة العقيدة التى تحقق الأمن والاستقرار وتورث المحبة، وأنها عقيدة وسطية بلا تفريط ولا إفراط.