يرفض الدكتور نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية اتهام المؤسسة الدينية بالاكتفاء بمنطق رد الفعل علي من يسيئون للدين، ويؤكد أن هناك منهجية يتم العمل بها للرد علي الاكاذيب والادعاءات والافكار الشاذة والاباحية التي تحاصر المجتمع.
عياد يكشف أن خطورة هذه الافكار واصرار الازهر علي مواجهتها فرض عليهم ان يعمل رجال المؤسسة الدينية ليل نهار، وينزلون إلي الشوارع والمقاهي لاظهار الحقيقة، ويكشف أن المنصات الإلكترونية تمثل الخطر الاكبر علي الهوية والقيم الدينية والازهر يتصدي لها بكل الوسائل، وحسنا فعلت الدولة بقرار المجلس الاعلي للإعلام بفرض القانون والزام الجميع بتقنين اوضاعهم.
عياد يكشف أن 3300 واعظ وواعظة لا يتوقفون عن نشر الفكر الوسطي الداعم للتعايش والسلام في مواجهة المتطرفين والافكار المتشددة.
كما يؤكد أن دور الازهر فى القضية الفلسطينية يسير في نفس خطة الدولة المصرية، والدعم الكامل للاشقاء وقضيتهم.. والفضح للأكاذيب الإسرائيلية بكل السبل حتي الاستعانة بكبار الكتاب مثل العقاد.
> ما هى إستراتيجية مجمع البحوث الإسلامية فى التعامل مع الشبهات؟
مجمع البحوث الإسلامية أحد أجنحة الأزهر فى حماية العقيدة والدفاع عن الوطن وحماية المجتمع من الانحرافات الفكرية التى يتطاير لهيبها رغبة فى إشعال الفتن العقائدية والمجتمعيّة، لذلك فإننا نؤمن بالعمل المؤسسى القائم على المنهجية المتكاملة حيث يؤدى كل جناح من أجنحة الأزهر دوره لحماية الأمن العقائدى والفكرى والمجتمعى، ولأن مجمع البحوث الإسلامية أصبح لديه كوادر من الوعاظ والواعظات الذين تدربوا فى أكاديمية الأزهر العالمية على أحدث أساليب الدعوة ممكن يجعلهم قادرون على الإقناع الفكرى ومواجهة الشبهات بصورة علمية قائمة على المنطق واستخدام الاستنتاج الجدلى وفق قواعد الحوار المعرفى، ويستعين وعاظ وواعظات المجمع بأحدث أساليب الظهور عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وهناك إدارة متخصصة فى متابعة مستجدات الفكر أو الشبهات عبر الإعلام الإليكترونى أو الإعلام الاجتماعى، ويتم جمع تلك المستجدات فى قالب واحد لبيان حقيقتها للمجتمع والشباب.
> لماذا تتأخر المؤسسة الدينية خطوة وتتخذ دائما موقف رد فعل؟
هذا كلام غير صحيح على الإطلاق.. المؤسسة الدينية تعمل وفق منهجية مدروسة وليست ردود فعل لأى شخص أو تيار تداعبه أحلامه الافتراء على دين الله تعالى بالباطل والأكاذيب، إننا نسير وفق منهجية الوقاية خير من العلاج، ونقتدى بمناهج الفقهاء والمفكرين ممن كانوا يسبقون الحدث بخطوات افتراضية، تَحَسُبا لوقوعه، ولست أبالغ فى أن المؤسسة الدينية بها رجال يصلون الليل بالنهار دفاعا عن مستقبل أمة تحاصرها تيارات الشذوذ الفكرى بما تحمله من إباحية فكرية وتطرف وإلحاد بصورة تشبه السيل الجارف، درجة نشعر معها أحيانا أننا أشبه بالقائمين على إطفاء الحرائق التى تحاصر الوطن من كل زواياه، وأحد منها المنصات الالكترونية التى لاضابط لها ولا رابط ونحن نواجه ما تبثه من أفكار عبز الوسائل الالكترونية المختلفة ، وحسنا فعلت الدولة مؤخرا باجبار المنصات الالكترونية الالتزام بالقانون من خلال المحلس الأعلى للإعلام .
> كم بلغ عدد الواعظات فى المجمع.. وهل عمل الواعظات يسهم فى تحقيق ضبط الخطاب الدعوى.. وهل يدخل ضمن تمكين المرأة فى الأزهر؟
المجمع به 200 امرأة من الواعظات بمختلف محافظات الجمهورية، تم الاستعانة بعمل الواعظات فى جانب مهم بالمجتمع حيث كانت النساء تقع فى الحرج من سؤال الرجال فى الأمور الشخصية، وتحديدا فى القرى والريف، وحتى تؤدى التجربة أهدافها تم انتقاء الواعظات من حملة المؤهلات الفقهية والدراسات الشرعية بعد اختبارات دقيقة أشرف عليها أساتذة وعلماء الأزهر الشريف، وعقب اختيار الواعظات يتم تدريبهن فى اختبارات مكثفة على أبرز القضايا المجتمعية والفكرية والإعلامية، ضمن منظومة الدعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ولا شك أن الأزهر الشريف بدأ منذ فترة عملية تمكين المرأة من العمل الدعوى والإدارى حتى حققت أرقاما قياسية غير مسبوقة فى تولى المناصب القيادية بالأزهر، لكن هنا نقطة يجب التأكيد عليها بأن التمكين للمرأة ليس مجازفة أو إثبات حالة وإنما تمكين قائم على أسس من الانتقاء لعناصر تسهم فى الإضافة لعملية الدعوة بالأزهر، لأن مجال الدعوة من المجالات ذات الطبيعة الخاصة التى لا تقبل المجاملة.
>ما هو عدد وعاظ الأزهر، ومعايير اختيارهم؟
يبلغ عدد وعاظ الأزهر الشريف نحو 3300 واعظ وواعظة تم اختيارهم بعناية شديدة عن طريق الاختبارات التحريرية والشفوية والمقابلات الشخصية يقوم عملهم على الانتشار الميدانى والتواصل المباشر مع الناس وتلبية احتياجاتهم المعرفية والرد على استفساراتهم المتنوعة، ومحاولة حل مشاكلهم الأسرية والسلوكية وغير ذلك، ويتم تزويدهم بالعديد من المؤلفات العلمية التى تثقل مهاراتهم وتطلعهم على كل ما هو جديد بالإضافة إلى التواصل معهم يوميا لمتابعة نتائج الأعمال على أرض الواقع ورصد السلبيات والمعوقات والعمل على إزالتها، والإيجابيات والعمل على تطويرها ونحتاج المزيد من الوعاظ لأن المهمة كبيرة.
> يمكننا القول إن مجمع البحوث الإسلامية يملك خطة تحرك للواعظات أم الأمور اجتهادية؟
واعظات الأزهر الشريف تتحرك وفق خطط دعوية وعلمية للاستفادة من طاقاتهن، حيث يشاركن فى الكثير من الفعاليات التى تنفذ فى المدارس والمعاهد والمصالح الحكومية ودروس السيدات والتجمعات السكانية، فضلا عن مشاركتهن الفعّالة فى القضايا المجتمعية وخاصة المتعلقة بالأسرة، والمساهمة فى حل المشكلات المجتمعية التى تواجه المرأة، خاصة وأنهن يمثلن أهمية فى العمل الدعوى والتوعوى.
> هل يوجد انفصام بين الوعاظ والدعاة والشباب؟
بالتأكيد لا يوجد انفصام بل الجميع يعمل فى منظومة متكاملة لديها خطة تسير عليها، وهناك لجنة متخصصة تضع الأسس التى يعمل عليها الوعاظ والواعظات بالتعاون مع دعاة وزارة الأوقاف ودار الإفتاء، لأن الجميع يؤمنون بعقيدة أننا نقصد ذات الهدف فلا بد من التعاون المتكامل، ووفق هذه الخطة المعتمدة نؤدى عملنا الميدانى أو عبر التواصل الاجتماعى، وبعد انتهاء العمل نقوم بتقييم ومراجعة للأخطاء وتقدير النتائج حتى نسعى إلى تعظيم الإيجابيات وتلافى السلبيات، وإن كان أغلب تركيزنا على الشباب لأنهم المستهدفين من التيارات المنحرفة الراغبة فى تدمير الوطن بتهميش العقلية الشبابية.
> ما عدد مبعوثى الأزهر فى الخارج؟ وهل تتحمل مصر تكلفة سفرهم وإقامتهم ورواتبهم؟
يبلغ عدد مبعوثى الأزهر الشريف حوالى 800 مبعوث فى 60 دولة بمختلف قارات العالم، وتتحمل الدولة دفع رواتبهم طوال فترة ابتعاثهم، ولا تتحمل الدول المستضيفة أى تكاليف، حيث يقوم المبعوثون بدور توعوى مهم لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام وتجليته من كل ما يلصق به من ادعاءات باطلة، وتقديم الدين فى صورته السمحة الداعية إلى السلام والمحبة، ونبذ العنف والتطرف، والعمل على التأثير فى المجتمعات وتلبية احتياجاتهم المعرفية، من خلال المنهج الوسطى للأزهر الشريف الذى يقوم بالتواصل المعرفى والحضارى مع مختلف الشعوب لأجل ترسيخ معالم السلام والعيش المشترك بين الناس.
> انتشار وعاظ مجمع البحوث الإسلامية على المقاهى هل حقق أثرا إيجابيا؟
المجمع يعمل على ابتكار أفكار جديدة للتواصل مع الجمهور تستكمل الجهود التى تحققها البرامج الحالية، ومنها المقاهى بأشكالها المتنوعة سواء المقاهى العادية أم المقاهى الثقافية، حيث يجلس أعضاء الوعظ مع الجماهير يشرحون لهم ما يحتاجونه ويحدثونه بما يتقصهم فى أمور دينيهم، وقد أثبتت تلك الخطوات المتنوعة فى الدعوة قدرة على تحقيق تواصل إيجابى مع الجمهور، لاعتمادها على خطاب مستنير يوضح للناس ما اختلط عليهم من مفاهيم ويفتح معهم حوارًا متبادلا فاعلا، كما أن فكرة المقاهى قد شهدت قبولاً كبيرًا من جانب المواطنين باعتبارها تقدم رسائل توعية بشكل يلائم بعض فئات المجتمع من رواد تلك المقاهى، ويحقق تأثيرًا جيدا فى عملية التواصل مع الجماهير، من خلال معايشة قضايا وهموم المواطنين وتبسيط المعانى لهم وبعث الأمل فى نفوسهم، وإحياء القيم الإنسانية المهجورة فى حياة الناس، واستعادة قيم التراحم والمحبة والشهامة والمروءة والتكافل وحب الوطن، وغير ذلك من القيم التى يحتاجها كل مواطن خاصة فى هذه المرحلة الراهنة.
> ما رؤيتكم لدور الأزهر فى دعم القضية الفلسطينية فى ظل الأحداث الجارية؟
دور الأزهر يسير فى نفس خط الدولة المصرية فى دعم القضة الفلسطينية حيث يعمل الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر منذ ظهرت تداعيات أحداث القضية الفلسطينية على الساحة مرة ثانية فى الـ7 من أكتوبر الماضى ومنذ ذلك الوقت فإن جميع قطاعات الأزهر تقدم الدعم المادى والمعنوى، وتعمل على تصحيح المفاهيم وتصويب الأحكام تجاه هذه القضية، ورغم مرارة ما يحدث فى هذه القضية إلا أن ما يحسب لها أنها أعادت القضية إلى الوجود، وقضت على تلك الفكرة الخاطئة التى كان يحاول هذا الكيان الصهيونى الغاشم تأكيدها والبناء عليها، بأن القضية الفلسطينية ماتت للأبد، فجاءت هذه الأحداث وقامت بإحياء القضية فى قلوب العرب والمسلمين بشكل عام دون فارق بين طفل وشاب وشيخ كبير أو رجل أو امرأة.
> هل ساهم المجمع بشكل أو بأخر فى حملات الدعم والاستغاثة التى ذهبت لأهالى قطاع غزة؟
قام المجمع بالتركيز على قضية فلسطين بشكل عام بجوانبها المختلفة، سواء كانت تتعلق بالقدس أم بالقضية الفلسطينية أم بالصهيونية أم بالإشكالية اليهودية، فأصدرنا مجلة الأزهر ومعها أبحاث علمية تقوم بكشف الحقائق تجاه هذه القضية، إضافة إلى موجز لتاريخ القدس من خلال المؤلفات العلمية، وكشف أكاذيب الصهيونية العالمية للمفكر عباس العقاد، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل جعلنا الندوة الشهرية لمجلة الأزهر عن دور مصر والازهر فى قضية فلسطين، وتناولنا صمود الشعب الفلسطينى ومواجهته للتهجير الذى يسعى إليه هذا العدوان الغاشم، وبجانب المجمع فإن جامعة وجامع الأزهر ومركز الفتوى وهيئة كبار العلماء قاموا بملتقيات علمية وندوات دعما ورفعا للروح المعنوية لهذه المقاومة.
> كيف ترد على الأصوات التى تشكك فى موقف الدولة المصرية من القضية الفلسطينية؟
موقف الدولة المصرية بالنسبة للقضية الفلسطينية واضح منذ بداية القضية، ولا ينكر دورها إلا جاهل أو معاند، فالدولة المصرية بقيادتها وجيشها وشعبها بذلوا العديد من الجهود فى مساعدة القضية الفلسطينية، ومواجهة العدو الصهيونى الغاشم عبر التاريخ منذ بداية القضية، ولا أدل على ذلك من التضحيات العظيمة التى قام بها المصريون بداية من حرب 48 إلى وقتنا هذا، والقضية الفلسطينية لمصر هى قضية محورية لا يمكن التخلى عنها فى يوم من الأيام.
> البعض يدعى أن المؤسسات الدينية أغلقت ملف تجديد الخطاب الدينى؟
تجديد الخطاب الدينى مستمر لم ولن يتوقف؛ فالخطاب الدينى المستنير لابد أن يركز على كل القضايا التى تمس المجتمع بشكل مباشر، وأهمها القضايا الفكرية والمجتمعية، ويعمل المجمع من خلال عدة محاور على حل هذه القضايا المجتمعية من مختلف الاتجاهات، والخروج برؤى ونتائج تسهم فى بيان الحقائق وتصحيح المفاهيم المغلوطة ومواجهة الفكر المنحرف والمضلل، وحماية الشباب من كل ما من شأنه أن يلوث عقولهم ويأخذهم بعيدا عن الطريق الأمثل لهم .. كما يتم التنسيق بين قطاعات الأزهر الشريف من أجل تكثيف جهود المواجهة الفكرية للأفكار المتطرفة، لتنفيذ رؤية الدولة المصرية فى تجديد الخطاب الدينى ومواجهة الفكر المتطرف، وبذل جهود مواجهة الأفكار المتطرفة وبيان خطر المغالطات التى تروجها جماعات العنف والإرهاب، ونستهدف تعاون مؤسسة الأزهر الشريف مع جميع المؤسسات والهيئات المعنية فى الدولة والجامعات بهدف نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمى وقبول الآخر، ودعم الحوار وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال، وإيجاد حلول فعّالة للمشكلات المجتمعية التى تواجه المجتمع المصرى، والمخاطر التى تهدد أمن واستقرار الدولة المصرية.