أدى الانتشار السريع للذكاء الاصطناعى على مستوى العالم إلى تحقيق تقدم كبير وفتح فرص جديدة. ومع ذلك، فإنه يمثل أيضاً مجموعة جديدة من الثغرات والتهديدات، لا سيما فيما يتعلق بالأمن القومي. ومع تزايد تكامل أنظمة الذكاء الاصطناعى فى البنية التحتية الحيوية وآليات الدفاع والعمليات الحكومية، تزداد احتمالية إساءة استخدامه من قبل الجهات الفاعلة الحكومية وغيرها من الكيانات الخبيثة.
هذا كله مقلق جدًا حيث أصبح العالم أكثر خطورة، خاصة مع الاختراق الأخير لأجهزة الاتصالات فى لبنان، والذى أدى إلى خسائر مأساوية فى الأرواح. إنه من المحتم أن ينتقل مثل هذا التخريب إلى مجالات تكنولوجية أخري، بما فى ذلك الذكاء الاصطناعي. إن مصدر القلق الرئيسى فى الذكاء الاصطناعى هو النطاق الذى يمكن أن يتسبب فيه مثل هذه الهجمات من دمار إذا تم اختراقها، نظرًا لزيادة قوة هذه الأنظمة مع تطورها وانتشار تطبيقها فى الدوائر الحكومية والعسكرية حول العالم.
لأن تقنيات الذكاء الاصطناعى تستخدم بشكل متزايد فى الأمن القومى لمهام مثل المراقبة، وتحليل الاستخبارات، وأنظمة الدفاع الذاتية، فإن دمجها هذا يعزز كفاءة وفاعلية هذه العمليات، لكنه أيضًا يُوسع نطاق الهجمات المحتملة للخصوم، حيث أكدت وكالة الأمن القومى الأمريكية «NSA» على أهمية تأمين أنظمة الذكاء الاصطناعى لحماية المصالح الوطنية.
لقد تم تحديد الجهات الفاعلة المرتبطة بالدولة على أنها تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعى لتعزيز قدراتها السيبرانية، بالإضافة إلى اختراق تلك التى يستخدمها الآخرون، لذلك يمكن أن تكون تأمين هذه الأنظمة مهمة شاقة، خاصة أن الأنظمة القائمة على التعلم الآلى يمكن أن تكون معقدة وغامضة، مما يجعل من الصعب تحديد الثغرات والتخفيف من حدته فأنظمة الذكاء الاصطناعى تعتمد بشكل كبير على مجموعات البيانات الكبيرة، التى يمكن استهدافها أيضًا للسرقة أو التلاعب.
لذلك من الضرورى أن تعزز الدول بنية الأمن السيبرانى الوطنية لديها، وأن تستثمر فى أبحاث الذكاء الاصطناعى لتطوير القدرة على تحديد هذه التهديدات والتخفيف من حدتها، بالإضافة إلى توعية صانعى السياسات والجيوش والجمهور حول الذكاء الاصطناعى وآثاره الأمنية لبناء دول أكثر مرونة.
كما يجب أن يكون هناك تعاون دولى وتبادل للمعلومات لمساعدة الدول على الدفاع بشكل جماعى ضد تهديدات الذكاء الاصطناعي، وتطوير أنظمة كشف متقدمة، وتعزيز التعاون بين القطاعين الخاص والعام لبناء آلية دفاع متعددة الطبقات كجزء من إستراتيجية شاملة للبقاء فى الصدارة أمام التهديدات المتطورة فى هذا المجال.
الذكاء الاصطناعى هو الحدود التكنولوجية الجديدة التى يجب أن نسخرها ونضبطها بثقة كاملة لضمان عدم تعرضنا للابتزاز من قبل أى جهات حكومية فاعلة تتطلع لإيذائنا بسبب سذاجتنا تجاه هذه التكنولوجيا.