الأمسيات الثقافية والأنشطة الفنية والعروض والسهرات الرمضانية بوجه عام التى تنظمها الجهات الرسمية ممثلة فى وزارة الثقافة بقطاعاتها المختلفة.. لكن الأروع أن تعانق تلك الأنشطة التاريخ فى تضافر مصرى فريد، من خلال تنظيم تلك الفعاليات الثقافية المبهجة فى أماكن وبيوت وقصور يحكى كل جدار من جدرانها حكاية من حكايات الأجداد.. وتشهد حجارتها على حضارة ممتدة عبر مئات.. وربما آلاف السنين..
نرصد أهم تلك الأماكن الأثرية التى تفتح أبوابها لاستقبال الجماهير فى ليالى رمضان.. نتعرف على تاريخها.. ونستمتع بحكاياتها فى سطور التقرير التالي:
نبدأ جولتنا من أحد مراكز الإبداع التابعة لصندوق التنمية الثقافية، «بيت الشعر العربي»، الذى يشهد العديد من الفعاليات الثقافية المتنوعة فى أحد البيوت التاريخية هو «بيت الست وسيلة» الذى يعود تاريخ بنائه إلى 1664ميلادية ويقع على بعد خطوات من الجامع الأزهر ملاصقًا لبيت الهراوي، ويطل على حارة تحمل الاسم نفسه.. حارة الست وسيلة.
ينسب المنزل إلى أبرز من سكنه وهى السيدة وسيلة خاتون بنت عبدالله البيضا معتوقة السيدة «ست عديلة هانم» بنت إبراهيم بك الكبير محمد، ويمتاز بجمال التصميم وروعة البناء، ويمثل نموذجًا فريدًا لعمارة المنازل فى العصر العثماني، ويضم الطابق الأرضى من البيت القاعة الرئيسية والتى تتكون من إيوانين، أو مستويين مرتفعين عن الأرض، بينهما نافورة على عمق 90سم تم اكتشافها مؤخراً، ويرجع وجود هذه الإيوانات لكونها تتيح لعدد كبير من الحضور رؤية واضحة خلال الجلسة، بالإضافة لكون الارتفاعات والانخفاضات بالقاعة تساعد على تحريك الهواء بداخلها، أما سقف القاعة فيضم «شخشيخة» وهى عبارة عن فانوس خشبى مفرغ لإنارة المكان، وتُطل على القاعة الرئيسية مجموعة من المشربيات، ومن الأمور التى تدهشك عند زيارتك لبيت الست وسيلة أن تصميم المنزل أشبه بـ»المتاهة»، ويقال إن المنزل بنى بتلك الطريقة حتى لا يستطيع اللصوص الخروج منه إذا نجحوا فى دخوله ومحاولة سرقته.
ويشهد بيت الشعر ـ عادة ـ عددًا كبيرًا من الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية التى تنظمها وزارة الثقافة فى ليالى شهر رمضان المبارك.. كما لا تتوقف نشاطاته على مدار العام.
بيت السحيمي..
درة العمارة العثمانية
وفي الدرب الأصفر، الذى يتفرع من شاعر المعز، نجد أنفسنا أمام مركز آخر من مراكز الإبداع التى يحتضنها بيت السحيمي، الذى يعود تاريخ بنائه إلي عام 1648ميلادية، يحمل البيت اسم آخر من سكنه وهو الشيخ محمد أمين السحيمي، ويعد اليوم متحفًا للعمارة التقليدية.
وبيت السحيمى أحد أهم المنازل الأثرية الإسلامية القديمة، حيث يعد دليلًا على روعة فن العمارة المصرية فى العصر العثمانى أيضًا، ويوصف بدرة العمارة العثمانية وتاجها.
ويتميز بيت السحيمى باشتماله على عدة قاعات تتألف كل منها من إيوانين بينهما قاعات يتوسط بعضها فسقية من الرخام، ولبعض أسقفها مناور يعلوها شخشيخة، وبقاعات البيت مشربيات ونوافذ من الخشب ودواليب، وبالبيت كتابات أثرية تشتمل على تاريخ الإنشاء والمنشئ وقصيدة البردة للأمام البوصيري.
ويفتح بيت السحيمى أبوابه عادة فى ليالى رمضان، لاستضافة فرق التراث الشعبى الموسيقي، كما يتم استضافة فنى خيال الظل والأراجوز، إضافة إلى عدد من العروض الفنية المتنوعة.
قصر الأمير طاز..
خدمة ثقافية متميزة
وإذا اتجهنا إلى حى الخليفة، على بعد أمتار من القلعة، وتحديدًا فى شارع السيوفية لا نستطيع أن نعبر الشارع دون التوقف أمام قصر الأمير طاز الذى يعد واحداً من أهم القصور فى العصر المملوكي، حيث يمتاز بعناصر تُمثل العمارة المدنية فى هذا العصر.. أنشأه القصر الأمير المملوكى طاز أحد أمراء عصر أسرة محمد بن قلاوون وأبنائه سنة 1352 ميلادية، وكان القصر يتكون عند إنشائه من فناء أوسط فسيح تحيط به المبانى الخدمية والسكنية والإسطبلات، وفى عصر الخديو إسماعيل بنى مبنى وسط فناء القصر فقسمه إلى قسمين.
ويقدم حاليًا مركز الإبداع الفنى فى قصر الأمير طاز، خدمة ثقافية مميزة والعديد من الحفلات والأنشطة التى تتنوع من موسيقى شرقية وغربية إلى فرق الفنون الشعبية والاستعراضية وعروض سينمائية وحفلات للأطفال وندوات توعية، وغيرها.