هل أمريكا جادة فى وقف التصعيد فى الشرق الأوسط، هل تسعى للتهدئة فى الجبهة اللبنانية حيث الاشتباك الجوى والصاروخى بين حزب الله وإسرائيل، أم أنها تمارس نفس السيناريو الذى نفذته فى غزة من تحذير ومراوغات وسياسات تقسيم وتبادل الأدوار مع نتنياهو، مع اقتراب العدوان الصهيونى على قطاع غزة على مرور عام مازالت حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى لم تبارح مكانها بل تتصاعد، وترتفع وتيرة المجازر والمذابح والحصار والتجويع، لذلك هل تطبق أمريكا «سيناريو» غزة، وتزعم أنها تسعى للتهدئة ووقف اطلاق النار فى الجبهة اللبنانية.. الواقع على مدار عام يشير إلى أن هناك شيئًا ما بين واشنطن وتل أبيب، أو أن هناك ضوءًا أخضر أمريكيًا لمواصلة العدوان، وتوسيع رقعة الصراع، وفتح جبهات جديدة أو أن واشنطن عندما ترى إسرائيل وعدوانها تحقق نتائج فانها تدعم، وتؤيد وتبارك، بل وتخوض المعارك مع تل أبيب، ودعمها بالأسلحة الفتاكة، والمليارات من الدولارات واشنطن بدأت مسلسل المراوغات وتطبيق نفس سيناريو غزة فى لبنان خرجت علينا واشنطن لتؤكد أنها بصدد اطلاق مبادرة للتهدئة والهدنة بين حزب الله وإسرائيل، وأن هناك مؤشرات ايجابية وأن نتنياهو لا يمانع ولكن بالأمس، وجدنا أن موقع «أكسيوس» الأمريكى يقول إن نتنياهو ابدى موافقته على اقتراح الهدنة لكنه تراجع عندما تعرض لانتقادات من حكومته تراجع عن قبول المبادر بل انه شارك فى صياغة وقف إطلاق النار فى ذات الوقت تخرج علينا واشنطن لتؤكد أن الحرب الشاملة ليست فى مصلحة الجميع أو المنطقة.
الشواهد على مدار عام بعد قطاع غزة والجبهة اللبنانية تشير إلى أن هناك تأييدًا أمريكيًا مستترًا لنتنياهو أو تفويضه لما ينفذه من اجرام وعدوان وتصعيد لجر المنطقة إلى منزلق خطير وحرب شاملة أو حرب إقليمية، يستفيد منها الطرفان الأمريكى والإسرائيلى على حد تقديراتهما، لذلك ما كان نتنياهو أن يملك هذه الشجاعة والجرأة على المضى فى غيه الاجرامي، والتصعيدى والهروب دائمًا إلى الأمام رغم الخسائر الفادحة على كافة المحاور والجبهات، ورغم أن ما يطرحه ويعلنه لا يحكمه واقع أو منطق أو عقل، قال إن الضغط العسكرى هو السبيل والحل الوحيد للإفراج عن الأسرى والرهائن والمحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية ولم يحقق ذلك بل إنه فشل فشلاً ذريعًا وقال إن الحل العسكرى هو الخيار الأمثل لتدمير قدرات حماس العسكرية والقضاء على شبكة الانفاق المعقدة، ولم يفعلها، والآن يؤكد أن الحل العسكرى هو الذى سوف ينجح فى إعادة المستوطنين الصهاينة إلى مستعمرات الاحتلال فى الشمال مع الحدود اللبنانية، هو يعلم مع واشنطن أن التصعيد العسكرى لن يعيد المستوطنين وهذا ما أكده الجميع ورغم ذلك تمضى الأمور إلى التصعيد، واصبح هدف حزب الله الاساسى عدم إعادة المستوطنين إلى الشمال ويعتبره الحزب مسألة تحد مع عدم فك الارتباط والاسناد مع غزة وأن الحل الوحيد لعودة المستوطنين هو وقف العدوان على القطاع.
من الواضح أيضا أن نتنياهو حصل على تفويض أو قل تكليف من الأمريكان لاستمرار التصعيد حتى توقيت معين تعرفه واشنطن جيدًا وأسبابه وأهدافه فى ظل الحديث عن أحداث كثيرة قادمة وربما ينتظرون فوز الديمقراطيين فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية وازاحة دونالد ترامب، لكن من المؤكد ان إسرائيل ونتنياهو لا يتصرف ولا يتحرك من تلقاء نفسه، وأن الإدارة الأمريكية تمارس نفس سيناريو غزة فى الحالة اللبنانية وأن الحرب بين حزب الله، وجيش الاحتلال سوف تستمر بعض الوقت ولن تكون هناك أفاق للحل أو التهدئة أو وقف التصعيد وهذا ما تريده واشنطن وهذا ما يفعله تنتياهو وألا بماذا تفسر تدفق القوات الأمريكية إلى المنطقة والشرق الأوسط بهذه الغزارة، سواء فى البحر الأحمر، وصول الحاملة «ترومان» إلى البحر المتوسط وتحديدًا فى شرق المتوسط وتدفق القوات البريطانية أيضا على عدة مناطق أبرزها قبرص، بذريعة اجلاء الرعايا، ماذا عن حزمة المساعدات الأمريكية السخية لإسرائيل بقيمة 8.7 مليار دولار لإسرائيل لدعم عدوانها على غزة ومؤخرًا على الجبهة اللبنانية وهل هذه الرومانسية بين واشنطن وتل أبيب والدعم الأمريكى المطلق، والاسناد الكامل يشير إلى خلاف، أو نوايا لردع إسرائيل أو كبح جماح جرائمها على الاطلاق، أمريكا وراء كل ما يجرى فى المنطقة وهى الراعى الرئيسى لإجرام إسرائيل ونتنياهو لديه ضوء أخضر وتفويض أمريكى يشى بما يجرى ترتيبه فى المنطقة، وبالتأكيد فإن غزة، والضفة، ولبنان هى تكتيكات ضمن استراتيجية لم يعلن عنها بعد وستكشفها الأيام القادمة وأن هناك هدفًا رئيسيًا يجرى حصاره وتقويضه ومحاولة تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد أو الكبير الذى فشل على مدار السنوات الماضية فى الربيع العربي، أو بالخداع وتقليب الشعوب أو بالإرهاب أو بالمطالب المباشرة ودعوات القبول والتركيع والترهيب، لكن ما يجرى الآن إلا التنفيذ بالبلطجة والقوة، لكنه فى ظنى لن ينجح، ولن يفلح، وسيكون مقبرة مثل المحاولات السابقة.
إسرائيل ستكون الخاسرة إذا اقدمت على حرب أو اجتياح برى لان التفوق الجوى والتكنولوجى وفرض السيطرة على سماء لبنان وتوالى الضربات والغارات الجوية لن يحقق أهدافها على الاطلاق فالحرب فى مفهومها المترسخ هى أرض وفرض وأن كان التفوق الجوى أمرًا مهمًا لكنه لن يكون عنصر الحسم، خاصة أنها لم تنجح فى ذلك فيما جرى فى عناقيد الغضب أو فى حرب 2006 وعندما اضطرت لخوض حرب برية خسرت فيها بشكل فادح، وغرق جيش الاحتلال فى فخ الاستنزاف والهزيمة، فما بالنا أن قدرات حزب الله تعاظمت بعد مضى 18 عامًا على حرب 2006 فى ظل تطويره شبكة الانفاق وأيضا تدريب قواته المؤهلة التى خاضت معارك فى سوريا، ثم مضادات المدرعات المتطورة، والتى سوف تحصد دبابات الميركافا الإسرائيلية، بالإضافة إلى أن جيش الاحتلال لا يمتلك شيئًا عن الحرب البرية وهو جيش منهك مستنزف، محبط بسبب الفشل الكبير بريًا فى غزة رغم شبه السيطرة على غزة وتخطيطه لتحويلها إلى منطقة ارتكاز أمنى عسكرى لذلك فإن الهجوم الجوى الإسرائيلى أو الصاروخى لحزب الله رغم عدم دقته إلا أنه لم يحسم المواجهة، ولن تجبر إسرائيل عبر الهجوم الجوى قوات حزب الله إلى التراجع خلف أو وراء نهر الليطانى ولن تتمكن من فرض منطقة عازلة داخل الأراضى اللبنانية ولن تعيد مستوطنيها إلى الشمال إلا بمعركة برية محفوفة بالمخاطر ومتوقع فشل جيش الاحتلال واستنزافه فيها خاصة أن حسن نصر الله اعرب عن ترحيبه بذلك وتمناه لكن درس حرب 2006 مازال عالقًا فى الذهنية الصهيونية.
تحيا مصر