الولايات المتحدة الأمريكية على مدار العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وإصرار تل أبيب على التصعيد.. تخسرا كثيراً وتفقد من رصيدها فى الشرق الأوسط وتفقد شركاء إستراتيجيين.. بل من لديهم مفاتيح المنطقة فى ذات الوقت تتحرك قوى دولية مناوئه للاستثمار فى الخسائر الأمريكية وبناء تحالفات ومصالح قوية.. والأمر الأكثر تأثيراً هو وجود قوة إقليمية تتمسك بالندية والمواقف الصلبة وحرية التحرك واستقلال القرار فى وجه الطيش الأمريكى والتهور غير المحسوب فى الدعم المطلق لجرائم حكومة المتطرفين بقيادة نتنياهو فى إسرائيل رغم ان هذه الحكومة مرفوضة فى الداخل.. وتفقد يوماً بعد يوم أياماً من عمرها المحفوف بالمخاطر فى ظل الاحتجاجات الداخلية وتحركات المعارضة وحالة الرفض داخل جيش الاحتلال لسياسات رئيس الوزراء المتطرف والمطالبة بوقف الحرب فى قطاع غزة.
الولايات المتحدة الأمريكية وبسبب سياسات الرئيس دونالد ترامب تتعرض لخسائر فى الداخل الأمريكى وعلى الصعيد الدولى خاصة فى ظل المنافسة الخاسرة مع الصين التى قررت ان تدخل الحرب الاقتصادية التى أطلقتها واشنطن برفع الرسوم الجمركية وهو ما أدى إلى مشاكل فى المجتمع الأمريكى والتأثير على حياة المواطن.. وبدت ملامح التراجع الأمريكى عن رفع الرسوم الجمركية على استحياء لكنها لم تحقق أى عائد لواشنطن.. ثم لم تحقق معارك ترامب مع كندا والمكسيك وبنما وجرين لاند (الدانمارك) وأوروبا أى نجاح يذكر ومازالت إسرائيل تتسبب فى توريط الولايات المتحدة الأمريكية فى خسارة أبرز الشركاء الإستراتيجيين وهنا أتحدث عن مصر التى تقف بقوة وصلابة للمخطط الصهيو- أمريكى والأوهام الترامبية فى تنفيذ مخطط التهجير أو مطالبته باستقبال الفلسطينيين فى مصر والأردن وكل ذلك ذهب أدراج الرياح حتى الضربات والهجوم الأمريكى على الحوثيين ومواقعهم لم يحقق أى نتائج إلى الآن.. ولا أعتقد ان هجوماً برياً قد يحدث بسبب توقعات وحسابات الخسارة.. ومازالت المفاوضات الأمريكية- الإيرانية تدور رحاها دون وجود ملامح.. لكن تحذيرات ومطالبات دول المنطقة ترفض توجيه ضربات لإيران أو استهداف مواقع حيوية بداخلها طبقاً للرغبة الإسرائيلية المريضة لأن ذلك من شأنه أن يؤدى إلى مزيد من إشعال الشرق الأوسط.. وهو موقف جماعى من دول المنطقة وفى المقدمة مصر التى تسعى إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة لصالح الجميع ورفض الاضطرابات والتوتير وصناعة الصراعات والأزمات وحرب المصالح على حساب دول وشعوب المنطقة.. بل وتقف بصلابة فى وجه هذه المخططات.. ولعل ما أعلنته أن أمن البحر الأحمر هو مسئولية الدول المتشاطئة بمعنى آخر أنها ترفض التدخلات وإشعال المنطقة وان كل الأزمات يمكن حلها بالسياسة على طاولة التفاوض.. كما ان موقفها الواضح والقاطع برفض العدوان والتصعيد الإسرائيلى فى المنطقة.. وأيضاً رفض حاسم لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية ومخطط التهجير سواء بشكل عام ولأى منطقة وخاصة على حساب أراضيها وأمنها القومى وهو خط أحمر من شأنه أن يدخل المنطقة فى حرب شاملة واستعدت مصر بشكل كامل ورادع لمواجهة كافة وأسوأ السيناريوهات وتساند وبقوة حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة.. وحقه فى إقامة الدولة المستقلة والعيش على أرضه.. وهو السبيل الوحيد والضمانة الأساسية لأمن واستقرار وسلام المنطقة وعدم تجدد الصراع وبالتالى غلق كافة الأبواب أمام الأوهام والمخططات الصهيونية والمشهد على الأرض.. وحالة التموضع السياسى والعسكرى تؤكد ذلك.. كما ان مصر حركت ترسانة أوراقها السياسية الرادعة فى تفعيل الشراكات الإستراتيجية مع القوى الكبرى مثل أوروبا فرنسا والصين وروسيا وان كانت ليست ضد أحد ولا تعنى على الإطلاق أنها بديل للشراكة التاريخية مع الولايات المتحدة ولكن القاهرة تتعامل مع واقع وسياسات ترفضها بقوة.. ولم تبادر يوماً بخلق عدائيات أو فرض تجاوزات ومخالفات بل تفتح أياديها للتعاون والمصالح المشتركة والعمل معاً من أجل الاستقرار والسلام فى إطار سياسات التوازن التى تنتهجها ورفضها للاستقطاب.. لكن هناك قوى تحاول فرض واقع بعيداً عن السياسة والحوار والقانون الدولى والشرعية الدولية.. وبالتالى فإنه لا سبيل إلا المواجهة السياسية والدبلوماسية وبناء شراكات دولية قوية.. إسرائيل تتعامل مع الولايات المتحدة وكأنها الدجاجة التى تبيض لها ذهباً سواء فى الدعم الشامل والمطلق سياسياً وقانونياً وعسكرياً ومالياً تعيث فى المنطقة تدميراً وتوسعاً واحتلالاً وأوهاماً وإبادة وهو الأمر الذى بدا فى الأشهر الأخيرة انه يخصم من الرصيد الأمريكى فى المنطقة ومع حلفاء إستراتيجيين وبالتالى ربما ينظر البعض ان إسرائيل هى القشة التى ستقسم الظهر الأمريكى لصالح المنافسين أو أعداء واشنطن خاصة الصين.. والسؤال المهم الذى يطرح ويفرض نفسه.. هل ربحت الولايات المتحدة الأمريكية من سياسات وإجرام إسرائيل؟.. وماذا حققت واشنطن من وراء الدعم المطلق لتل أبيب؟.. وماذا حقق ترامب من وراء دعمه لنتنياهو؟.. أعتقد لا شيء.. بل الضربات والخسائر والفشل أصاب إسرائيل وأمريكا.. فالأخيرة تفقد الكثير من مصالحها ونفوذها وشركائها لصالح الصين والتى تعتبر هى الهدف الأول للولايات المتحدة الأمريكية التى تريد ايقاف صعود التنين الصينى بعد استنزاف دول القارة العجوز أوروبا فى أوكرانيا بمواجهة الروس والخاسر هنا أوروبا باستنزاف واهدار لمواردها وتأثيرات اقتصادية كارثية وربما مواجهة عسكرية مع روسيا.. لذلك فإن واشنطن لا تبحث إلا عن مصالحها واستمرار هيمنتها.. لكن ظنى ان هناك وداخل المؤسسات الأمريكية إعادة حسابات ومراجعات لسياسات ترامب وما جاء من أجله لأنه لم يحقق أى نجاح إلى الآن سواء على صعيد الداخل والخارج.
فى ظنى ان ترامب سيصل إلى نتيجة ان الرهان على نتنياهو وحكومته المتطرفة هو رهان فاشل خسائره أكبر بكثير من مكاسبه.. وسوف يصب فى صالح القوى الأخري.. لذلك أتوقع ان زيارة ترامب للمنطقة فى مايو القادم والتى ستبدأ بالمملكة العربية السعودية نقطة فارقة وستكون الزيارة إعلاناً لايقاف العدوان الأسرائيلى وفشل المخطط الصهيو- أمريكى أو تجميده لأنه اصطدم بالصخرة المصرية الصلبة.. ومن بيدها مفاتيح الشرق الأوسط.. تفتح أبوابه لمن يحقق مصالحها ويلتزم بقواعد اللعب النظيف والشريف.. ما أريد أقوله ان انتهاء أوهام نتنياهو باتت قريبة.. لكن ربما يصاب رئيس الوزراء الإسرائيلى بجنون أكثر خاصة انه لا يبالى بأسرى ومحتجزين إسرائيليين لدى المقاومة.. وليسوا هم الهدف الأهم كما قال وزير المالية المتطرف سلئبيل سيموتريتش وقد يقدمون على الانتحار السياسى والعسكري.. لكن ترامب التاجر الذى تعود على المكسب لن يرتدى عباءة نتنياهو التى باتت الرهان الخاسر.