.. هل أصيب كوكب الأرض بالجنون؟!
.. هل هى نوبة غضب من كوكب الحياة الوحيد الذى نعرفه؟!
القضية لا تتعلق فقط بالتغيرات المناخية.. الرافضة لحياة الإنسان.. وسائر الكائنات.
.. القضية.. تتعلق بالحروب الدموية والصراعات الرهيبة بين القوى الكبري.. وبأطماع القوى الكبري.. فى ثروات الدول الصغري.. وبمحاولات فرض الهيمنة والسيطرة على العالم.
.. يسجل التاريخ منذ فجر الزمن أن كوكب الأرض.. لم يكن كوكب الحياة الوحيد فقط.. لكنه كان أيضا كوكب الحروب الدموية.. والصراعات الدائمة بين مختلف الدول والشعوب.. إذن هذه ليست نهاية الحياة.. ولانهاية التاريخ.. ولا نهاية للزمن.
لكن أحداث الحروب والصراعات.. والتحديات الساخنة أصبحت متسارعة ومتقاطعة.. ومتتابعة مثل مياه شلالات نياجرا الأمريكية.. أو مثل فيضان المياه الرهيب فى نهر الأمازون.. الأحداث تتسارع وتتشابك وتتقاطع بسرعة الصواريخ الحديثة التى تزيد سرعتها أكثر من 10 أضعاف سرعة الصوت، وحين تلهث أنفاس العالم.. وراء متابعة أحداث الحرب والصراع فى أوكرانيا.. فى قلب أوروبا.. نكتشف أن أبواب جحيم الحروب والصراع الدموى تتفاقم فى الشرق الأوسط.. من خلال الحرب الإسرائيلية المدمرة لأبناء الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.. وحتى فى الضفة الغربية والقدس الشرقية.
.. وتبدو الأبواب مفتوحة لحرب شاملة وواسعة بين إسرائيل وحزب الله فى لبنان.. وربما يشتد الصراع ويتسع أكثر فأكثر ليشمل حرباً كبرى بين إسرائيل وإيران.. أو حرباً جديدة بين إسرائيل وميليشيات الحوثى فى اليمن فى جنوبى البحر الأحمر.
.. وفجأة يتعرض الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب لمحاول اغتيال فاشلة.. ونكتشف أن القوة الأعظم الأولى فى العالم.. أمريكا.. تقف على فوهة سلسلة من البراكين السياسية الداخلية.. ما بين العنف السياسى الدموي.. وحمى الاغتيالات السياسية.. ثم تأتى مفاجأة قرار الرئيس الأمريكى جو بايدن بالانسحاب من سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية فى الخامس من نوفمبر القادم.. أى قبل مائة يوم تقريباً من انتخابات الرئاسة الأمريكية.
.. ولم تتردد مجلة فورين أفيرز الأمريكية فى أن تؤكد أن جو بايدن فعلاً يعانى من أعراض الشيخوخة الواضحة وهو فى الحادية والثمانين من العمر.. لكن المرشح الرئاسي.. والرئيس السابق دونالد ترامب هو الآخر فى الثامنة والسبعين من العمر.. وهذا يعنى أنها ليست مجرد شيخوخة على مستوى قمة الهرم السياسى الأمريكي.. لكنها فى الواقع شيخوخة القوة الأعظم فى العالم.. الولايات المتحدة الأمريكية.
على بُعد 7000 ميل
.. وبمقاييس الجغرافيا.. نكتشف أن الولايات المتحدة تقع فى أمريكا الشمالية.. على بُعد أكثر من سبعة آلاف ميل من مسرح الأحداث والحروب فى الشرق الأوسط مع ذلك.. فإن ما يجرى فى الداخل السياسى الأمريكى يرتبط عضوياً.. بما يحدث فى الشرق الأوسط.
.. وفى الماضي.. اعتدنا أن نقول إن إسرائيل هى الولاية الأمريكية رقم 52. اليوم ارتفعت أصوات زاعقة فى واشنطن تعترف بأن إسرائيل أصبحت تمثل عبئاً إستراتيجياً ثقيلاً على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى حلفائها فى أوروبا الغربية.
.. ويتساءلون الآن داخل وخارج مؤسسة الأمن القومى الأمريكي.. إلى متى يمكن لأمريكا وأوروبا أن تتحمل أعباء.. الوجود والبقاء للمشروع الاستيطانى فى فلسطين.. باسم دولة إسرائيل؟!
.. ويعترف الأمريكيون حالياً بأن سياسات وحروب إسرائيل.. ضد الشعب الفلسطيني.. ومخططات تصفية وترحيل أبناء الشعب الفلسطينى بالقوة المسلحة من غزة.. والضفة الغربية.. تمثل ضربة قاصمة للمصالح الأمريكية والأوروبية فى العالم العربي.
.. ومن الغريب والمثير للدهشة أن تتعرض المصالح الأمريكية للخطر فى الشرق الأوسط.. رغم أن أمريكا والغرب الأوروبي.. ليس لهم أعداء فى العالم العربي.. سواء فى المشرق أو فى المغرب.
ويبقى السؤال: إلى متى يمكن أن تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا.. العبء الإستراتيجى باهظ التكاليف لبقاء ووجود دولة إسرائيل.. فى ظل التراجع الاقتصادى والعسكري.. الأمريكى والأوروبى فى القرن الحادى والعشرين؟!!
الحياة بالحرب
.. وتعيش إسرائيل بطبيعتها على الحرب.. ومن أجل الحرب فى الشرق الأوسط.. بل وتحرص على خلق وحتى اختراع أعداء أمريكا فى الشرق الأوسط.. من خلال المحاولات المتجددة لبقاء الهيمنة الأمريكية فى المنطقة.. وضمان بقاء إسرائيل.. بوصفها حاملة طائرات أمريكية.. تدافع بقوة عن مشروع الهيمنة الأمريكية الدائم فى هذا الجزء من العالم.. قبل أن تتفرغ أمريكا للصراع الطويل الممتد مع الصين فى هذا القرن على امتداد المحيط الهادي.. محور الصراع الكونى فى هذا العصر.
.. وسرعان ما أكدت الصحف الإسرائيلية أن الرئيس الأمريكى جو بايدن قد تخلى عن حلم سباق الرئاسة.. وترك الشرق الأوسط.. وهو يغلى بالحروب والصراعات والأزمات التى لا تنتهى أو التى لا تريد لها إسرائيل أن تنتهي.. وفى نهاية الحروب والصراعات.. نهاية إسرائيل ذاتها.
.. ويقولون فى تل أبيب حالياً إن أعداء أمريكا فى الشرق الأوسط يمكنهم الآن استغلال فرصة الفوضى الأمريكية الكبري.
فقد تصاعد العنف السياسى الدموى فى الداخل الأمريكي.. ووصل إلى درجة الغليان.. حين تعرض دونالد ترامب لمحاولة اغتيال فاشلة منذ أيام مضت.
انسحاب بايدن
.. وجاء قرار جو بايدن بالانسحاب من انتخابات الرئاسة فجأة.. وترشيح نائبته.. كامالا هاريس.. لتمثل الحزب الديمقراطى الأمريكى فى انتخابات الرئاسة.. وتنافس دونالد ترامب على السباق إلى البيت الأبيض.. بالتأكيد ستكون هناك تداعيات واسعة لهذه المفاجأة الكبري.. فى ساحة الحروب والصراعات فى الشرق الأوسط.
.. وتتابع كل دول المنطقة الموقف فى الداخل الأمريكى لحظة بلحظة.. وتتواصل مشاهد الفوضى والعنف السياسى فى أمريكا.. منذ محاولة اغتيال ترامب الفاشلة.. وحتى قرار بايدن بالتراجع والانسحاب من انتخابات الرئاسة.
ومن المؤكد أنه توجد دول فى الشرق الأوسط قد استعدت لهذا السيناريو الأمريكى مبكراً.. لكن توجد دول أخرى فى المنطقة تسعى لاستغلال هذه الفوضى الأمريكية العميقة لصالحها.
بلا ضغوط
.. لكن بايدن قد تخلى الآن بالفعل عن الطموحات والأحلام السياسية الكبري.. ويستعد للقاء عاصف ومنتظر مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى واشنطن.. نتنياهو سوف يلقى خطاباً أمام الكونجرس.. لكنه طلب أيضاً عقد لقاء مع المرشح الجمهورى للرئاسة.. دونالد ترامب.
وقد أكد نتنياهو فى تل أبيل أن أمريكا هى أهم حلفاء إسرائيل فى العالم.
وذكرت الصحف الإسرائيلية أن قضية الإفراج عن الرهائن.. وإنهاء الحرب فى غزة تشكل الموضوع الحاسم فى مباحثات بايدن ونتنياهو.
واعترفت مصادر إسرائيلية بأن بايدن بعد انسحابه من انتخابات الرئاسة الأمريكية.. أصبح قادراً على التعامل مع إسرائيل بدون أى ضغوط سياسية.. وقالت المصادر إن واشنطن ترفض توسيع نطاق الحرب والصراع فى الشرق الأوسط.. سواء مع حزب الله اللبنانى فى الشمال أو مع الحوثى فى اليمن.. كما أن واشنطن تقف ضد دخول إسرائيل فى حرب مباشرة فى الخليج قد تؤدى لتورط أمريكى عسكرى مباشر فى حروب إسرائيل متعددة الجبهات فى الشرق الأوسط.
المطالبة باستقالة بايدن
.. الصورة فى واشنطن تبدو ملبدة بالغيوم.. بعد انسحاب بايدن المفاجئ من انتخابات الرئاسة الأمريكية.. وأكدت مصادر البيت الأبيض أن انسحاب بايدن يبدو مفاجئاً.. رغم أنها فى الواقع مفاجأة منتظرة.
فقد امتنع كبار المانحين والمتبرعين لحملة الحزب الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة عن تمويل حملة بايدن.. حتى جفت منابع الأموال تماماً.. واضطر بايدن للاستسلام للأمر الواقع.. والخروج من السباق إلى البيت الأبيض.
أعلن بايدن أنه فضل مصالح الحزب الديمقراطي.. وفضل الانحياز لمصالح أمريكا.. حين اتخذ قراره بالانسحاب من انتخابات الرئاسة.
وسرعان ما وجد بايدن قيادات الحزب الديمقراطى تشيد بقراره الشجاع.. الذى اتخذه فى لحظة صعبة قبل مائة يوم فقط من انتخابات الرئاسة فى5 نوفمبر القادم.
لكن ترامب وقيادات الحزب الجمهورى المعارض يطالبون بايدن حالياً بضرورة الاستقالة من الرئاسة.. لأن الأمن القومى الأمريكى لا يتحمل وجود رئيس عجوز تتفاقم أزمات الذاكرة والإدراك المعرفى لديه.. وكان يتلقى العلاج من أعراض الإصابة بالشلل الرعاش.. وخطر الإصابة بفيروس كورونا.. حتى لحظة إعلانه الخروج من السباق إلى البيت الأبيض.
.. والصورة حالياً.. داخل الحزب الديمقراطى الأمريكى ذاته تؤكد أنه يعانى من فوضى داخلية كبري.. وأن قرار الحزب بتأييد ترشيح السيدة كامالا هاريس للرئاسة.. بدلاً من بايدن.. كان قراراً بالاضطرار.. وليس بالاختيار.. لأنهم يرون أن كامالا هاريس ليست الاختيار الأفضل.. لكنها الاختيار الممكن الوحيد تقريباً.. قبل مائة يوم من انتخابات الرئاسة الأمريكية.. وفى هذا التوقيت لم يجد الحزب الديمقراطى أى بدائل أخري.
لا يمكن الاعتماد عليها
.. وتؤكد إسرائيل حالياً.. قبل غيرها حول العالم.. أن أمريكا.. لم تعد الحليف أو الشريك.. أو حتى الصديق الموثوق الذى يمكن الاعتماد عليه.. وقد لجأ الكثير من الدول.. حتى من حلفاء أمريكا إلى أحضان روسيا والصين.. ودول أخرى كثيرة فى الشرق الأوسط.. تفضل التعاون مع الصين والانضمام لمنظمة البريكس وحتى منظمة شنغهاى للأمن والتعاون.
أمريكا.. تواجه أزمات ومشكلات كبرى فى الشرق الأوسط.. وتواجه تحديات عالمية كبري.. وقد تعهد بايدن منذ 2020 بإعادة أمريكا لدورها القيادى فى العالم.. كما كانت طوال الثمانينيات والتسعينيات.. لكن الزمن لا يعود للوراء.. وعقارب الساعة لاتعود للوراء.
فشل الردع الأمريكي
.. والصورة لا تكذب ولا تتجمل.. فقد فشلت ضربات حاملات الطائرات الأمريكية والطائرات الأمريكية والبريطانية فى ردع الحوثيين فى اليمن.. ومنعهم من إغلاق الملاحة فى وجه السفن المتجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلى على خليج العقبة.. وتم إغلاق الميناء تماماً تقريباً وتم تسريح من فيه من عمال للعمل فى موانئ حيفا وأشدود على البحر المتوسط.. واعترفت إسرائيل بأن القاعدة البحرية الإسرائيلية فى ميناء إيلات تعرضت للدمار.. بالصواريخ والطائرات المسيرة الانتحارية التى يطلقها الحوثيون.
.. لكن ماذا تريد إسرائيل من أمريكا حاليا؟ أو ماذا يريد بنيامين نتنياهو بالتحديد فى هذا التوقيت.. وماذا يقول جدول أعماله فى واشنطن.. وما الذى سوف يطلبه من الكونجرس الأمريكي؟!
.. أولاً.. إسرائيل تريد من أمريكا.. ما هو أكثر من الدعم المالى والعسكري.. وما هو أقوى من طائرات إف ــ 35، وإف ــ 5 أى إكس المتطورة.
ثانياً.. إسرائيل تريد من الأساطيل الأمريكية فى الخليج العربى وفى البحرين الأحمر والمتوسط.. أن تشترك فى الحروب إلى جانب إسرائيل ضد حزب الله فى لبنان.. وضد الحوثى فى اليمن.. وحتى ضد إيران إذا اتسع نطاق الحرب كما تتمنى إسرائيل وامتد حتى العاصمة الإيرانية طهران.
تحديات ومخاطر
إسرائيل.. ترى فى إيران وحزب الله والحوثيين.. تحديات عسكرية ومخاطر أمنية كبري.. تهدد أمن وحتى بقاء إسرائيل.. مما يتطلب رد فعل أمريكى واضحاً ومحدداً.. ليس فقط من خلال فرض عقوبات اقتصادية شاملة على إيران.. وتقويض قدرتها على تسليح وتمويل الحوثى وحزب الله تحديداً.. لكن نتنياهو يريد تنسيقاً عسكرياً واسعاً مع أمريكا.. يشكل الالتزام الأمريكى بالاشتراك بالجيوش الأمريكية والطيران الأمريكى فى أى حرب.. ضد حزب الله وإيران بالتحديد.
وذكرت صحف إسرائيلية أن دقات الساعة تتسارع.. ويبدو أن دونالد ترامب هو الرئيس الأمريكى القادم.. وأنه سوف يعود بسياساته القادمة التى تستهدف احتواء إيران بأقصى ما يمكن من عقوبات اقتصادية شاملة.. تصيب الاقتصاد الإيرانى بالشلل التام.
.. وقد أعلن ترامب انه يريد اطلاق سراح الرهائن.. قبل أن يتولى السلطة فى 20 يناير 2025.. وأن من يعرقل صفقة الافراج عن الرهائن عليه ان يتحمل العواقب.. وقد سخرت بعض صحف إسرائيل من هذا التصريح.. لأن نتنياهو.. هو الذى وضع العراقيل فعلا وامتنع عن الإفراج عن الرهائن.. بدعوى أنه يريد تحقيق النصر الكامل على حماس فى غزة.
لكن ترامب أعلن ايضا انه يؤيد قيام إسرائيل بعمل عسكرى قوى ضد اعدائها.
ما بعد الانتخابات الأمريكية
.. هكذا نكتشف ان انتخابات الرئاسة الامريكية.. يمكن أن يكون لنتائجها تأثير كبير على الاوضاع العاصفة فى الشرق الاوسط.. والحروب الإسرائيلية متعددة الجبهات فى المنطقة.. من غزة فى الجنوب إلى حزب الله فى الشمال.. وحتى ميليشيات الحوثى فى اليمن.. وتبقى إيران هى الرقم الصعب فى قائمة أعداء إسرائيل فى الشرق الأوسط.
.. ويعترف الجنرال الإسرائيلى السابق آموس جيلاد بأن إسرائيل تواجه مخاطر الحرب مع حركة حماس فى غزة ومع حزب الله فى الشمال.. لكن إيران.. هى العدو الذى ينتظر إسرائيل فى النهاية.
.. ويحذر آموس جيلاد.. وهو فيلسوف وزاة الدفاع الإسرائيلية السابق.. من أن مواصلة الاشتباكات واستمرار سلسلة الاغتيالات الإسرائيلية لقيادات حزب الله فى لبنان.. يؤدى لاستنزاف قدرات إسرائيل العسكرية.. ويهدد بمواجهة كبرى فى توقيت حرج.. فيما يبقى الموقف فى حرب غزة متدهوراً.
وأكد أن عودة الرهائن يجب ان يكون فى قمة الأولويات الإسرائيلية فلا يوجد شيء اسمه النصر.. بدون عودة الرهائن.. وسوف يدرك الإسرائيليون فى النهاية أن نتنياهو قد فشل فى كل المهام التى يقوم بها.. وتحولت غزة إلى مستنقع دموى يستنزف جنود إسرائيل يومياً بين قتلى وجرحي.. والموقف فى الضفة الغربية لا يقل سوءاً عن قطاع غزة.. واعترف آموس جيلاد بأن تشكيلات كاملة من كتائب وألوية جيش الدفاع الإسرائيلى قد تعرضت للدمار فى الحرب على غزة وفى معارك الشمال مع ميليشيات حزب الله اللبناني.
هكذا يتم استنزاف قدرات جيش الدفاع الإسرائيلي.. فى معارك غزة والاشتباكات مع حزب الله.. وتبقى إيران هى العدو الأكبر الذى ينتظر إسرائيل فى النهاية.. ولن يمضى وقت طويل حتى تتحول إيران إلى قوة نووية.. ربما أسابيع أو شهور معدودة.. لا أحد يدرى ما هو القرار النهائى لإيران فى هذا الشأن.
ولن تتمكن إسرائيل من تحقيق الهدوء فى الشمال مع حزب الله.. بدون التوصل لاتفاق وتحقيق الهدوء داخل غزة أولاً.
صدمة عسكرية
.. واعترفت الصحف الإسرائيلية بأن المؤسسة العسكرية فى تل أبيب قد تعرضت لصدمة حقيقية.. حين اخترقت طائرة مسيرة اطلقتها العناصر الحوثية من اليمن.. أجواء إسرائيل.. وانفجرت فى قلب شارع بن يهودا فى تل أبيب فى ساعة مبكرة من صباح الجمعة الماضي. وسبق لحزب الله اللبنانى أن تمكن من توجيه ضربات شديدة الدقة للمدن والقواعد العسكرية الإسرائيلية عشرات المرات.. بدون أن تتمكن إسرائيل من رصدها أو اسقاطها ومنذ أواخر 2023 تمكنت عناصر الحوثى من توجيه ضرباتها إلى ميناء ايلات الإسرائيلي.. حتى يتم اغلاقه تماماً.. ويعترف الإسرائيليون حالياً بأنه حتى الجيش الامريكى ليس لديه سلاح للتعامل مع خطر المسيرات الإيرانية.
وذكر خبير عسكرى إسرائيلي.. يدعى أمير بوهبوت أن إسرائيل تقترب من نهاية عام عاصف بالحرب والدماء.. تراجعت خلاله قدرة جيش الدفاع الإسرائيلى على الدخول فى حرب إقليمية واسعة.. متعددة الجبهات.
.. فقد فشل سلاح الطيران الإسرائيلى ليلة الخميس الماضى فى حماية سماء إسرائيل.. والدفاع عن مدينة تل أبيب ضد هجوم طائرة مسيرة حوثية.. أدى انفجارها إلى مقتل شخص وإصابة أكثر من عشرة آخرين بجراح.
وأدعى الجيش الإسرائيلى أن خطأ بشرياً يقف وراء هذا الانفجار وفشل الرادارات والدفاع الجوى الإسرائيلى فى إسقاط هذه المسيرة.
الخوف الأكبر
ومن الواضح الآن أن هجمات الصواريخ والمسيرات من جانب حزب الله والحوثي.. وحماس من قبل تستهدف استنزاف قدرات جيش الدفاع الإسرائيلي.. وهنا يرصد الإسرائيليون الخطر القادم للحرب الكبرى فى الشرق الاوسط.. خصوصاً مع إيران وما يسمى بمحور المقاومة.
وتؤكد تقديرات جنرالات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن إسرائيل يمكن أن تتعرض لهجوم واسع بالطائرات المسيرة والصواريخ.. بانطلاق أكثر من خمسة آلاف طائرة مسيرة وصاروخ ضد مدن وسط إسرائيل مرة واحدة ودفعة واحدة.
.. مثل هذه الضربة المركزة فى توقيت واحد يمكن أن تصيب وسائل الدفاع الجوى الإسرائيلى بالشلل ويعجز سلاح الطيران الإسرائيلى عن مواجهة مثل هذه المفاجأة الكبرى وفى النهاية نجد أن المسيرات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية ليست من المهام الرئيسية لسلاح الطيران الإسرائيلية سواء فى اعتراضها أو رصدها وتدميرها.
ويؤكد أمير بوهبوت أن الخطر والتهديد القادم لإسرائيل موجود وقائم حالياً بالفعل.. وهو الطائرات المسيرة الانتحارية واسراب الدرونز وصواريخ كروز.. كلها قادرة على القيام بهجوم شامل ضد مناطق واسعة من مدن ومستوطنات وسط إسرائيل.. خصوصاً مثلث القدس الغربية وتل أبيب وحيفا.. وحتى بئر سبع.
الخطر والتهديد الأكبر
وإذا علمنا أن مثل هذا التهديد بضربات المسيرات والصواريخ يمثل تحدياً رهيباً للجيوش الكبرى فى أمريكا وأوروبا.. فكيف سيكون الوضع بالنسبة لإسرائيل؟! التهديدات والمخاطر الجديدة تبدو مفاجئة ورهيبة.
واعترف الخبراء العسكريون فى إسرائيل بأن البرنامج النووى الإيرانى ومخاطر هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ من التهديدات الكبرى التى تعرض مستقبل إسرائيل الإستراتيجى للخطر.
وأكد الإسرائيليون بأن اختراق الطائرة المسيرة الحوثية لأجواء تل أبيب.. كانت ضربة مذهلة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية.. التى تعرضت لأسوأ الهزائم.. وأسوأ أنواع الفشل العسكرى والمخابراتى خلال الشهور العشرة الماضية.
.. والسؤال الكبير الذى يحمله نتنياهو معه إلى واشنطن خلال زيارته الحالية لأمريكا.. هو كيف يمكن لإسرائيل أن تتمكن من ردع إيران وهى على وشك إنتاج القنبلة النووية.. والانضمام لنادى القوى النووية فى العالم؟!
فقد تدهورت ثقة الشعب الإسرائيلى فى قدرة الجيش الإسرائيلى فى حماية إسرائيل.. شعبها.. ووجودها وربما حدودها أيضاً.
ردع إيران
المطلب الاساسى لبنيامين نتنياهو.. سواء أمام الكونجرس الأمريكي.. أو خلال لقاءاته مع كل من الرئيس بايدن وكامالا هاريس.. ودونالد ترامب.. هو ضرورة وجود إرادة أمريكية حاسمة وقرار أمريكى واضح يقف ضد تحول إيران لقوة نووية ولذلك تقف إسرائيل على اطراف اصابعها فى انتظار فوز دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة.. لأنه فى وجهة نظرهم الرئيس الأمريكى القادر على ردع إيران فعلاً.
.. وفى النهاية تبقى حقيقة قائمة كما هي.. وهى أن هجمات الطائرات المسيرة وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية هو الخطر الذى يهدد أمن وسلامة مدن إسرائيل.. لكن برنامج إيران النووي.. يهدد وجود إسرائيل ذاتها.. ويؤثر على مستقبل إسرائيل الإستراتيجي.
.. واعترفت إسرائيل بانها تركت لاساطيل أمريكا وبريطانيا وفرنسا فى البحر الأحمر.. مواجهة ضربات الحوثى بالصواريخ والمسيرات ضد إسرائيل.. خصوصاً بعد ان أدت هذه الضربات إلى اغلاق ميناء إيلات الإسرائيلى تماماً على مدى الشهور الطويلة الماضية.
لكن بعد انفجار مسيرة حوثية فى تل أبيب.. سارعت إسرائيل إلى التشاور مع الحلفاء فى واشنطن ولندن.. قبل أن تقوم الطائرات الإسرائيلية بتدمير معامل تكرير البترول فى ميناء الحديدة اليمنى على البحر الأحمر إسرائيل ليست وحدها فى الشرق الأوسط.. وإن كانت قد تحولت إلى عبء استراتيجى باهظ التكاليف.. لأمريكا وأوروبا.. فى مرحلة اقتصادية بالغة الصعوبة على دول العالم.. بما فى ذلك أمريكا وأوروبا.
ضرب الحديدة
.. وفى النهاية قامت إسرائيل بعملية استعراضية.. قامت خلالها طائرات إف – 35 الإسرائيلية بالإغارة على ميناء الحديدة فى غربى اليمن وتدمير مصفاة البترول الوحيدة فى اليمن تقريباً.
أطلقت إسرائيل على هذه العملية اسم الذراع الطويلة.. ومع ذلك ليس من المستبعد أن تكون طائرات التزود بالوقود فى الجو الأمريكية قد شاركت فى العملية فقد اضطرت الطائرات الإسرائيلية للتحليق والطيران لمسافة 1800 كيلو متر متصلة من إسرائيل إلى اليمن.
.. وتحدثت الصحف الإسرائيلية عن هذه الضربة باعتبارها تحذيراً إسرائيلياً إستراتيجياً لإيران. وقالت صحف إسرائيلية إن النيران المشتعلة فى منشآت البترول اليمنية ارتفعت إلى عنان السماء.. وشاهدها الجميع فى الشرق الأوسط وأن هذه الضربة نسخة مصغرة من ضربة إستراتيجية أكبر.. يمكن أن توجهها إسرائيل ذات يوم لمنشآت إيران البترولية فى جزيرة «ضرك» الإيرانية.. الميناء الوحيد لتصدير البترول الإيراني.. لأسواق الصين والهند وباكستان.
وأكدت صحف إسرائيل أن هذه الضربة رسالة واضحة لإيران.. تؤكد بها إسرائيل أنه يمكنها تدمير حقول البترول.. ومعامل تكرير البترول فى إيران.. وهى شريان الحياة الوحيد لدولة كبري.. مثل إيران.. وهذه المهمة تقع فى قلب اللعبة الإستراتيجية لإسرائيل فى الشرق الأوسط.
وهذه الضربة تؤكد لقيادات إيران مدى الضعف الذى يعانى منه أعداء إسرائيل.. وهى عوامل ضعف فى قدرات إيران الاقتصادية والعسكرية.
وعملية تدمير مصفاة البترول فى الحديدة.. لها مغزاها الكبير.. رغم أنها ليست الهدف الأول لإسرائيل.. أو لحساباتها الإستراتيجية لكنها على أى حال توضح ماذا يمكن أن تفعله إسرائيل على نطاق واسع.
الطائرات الإسرائيلية يمكنها الوصول إلى المنشآت الحيوية الكبرى فى العمق الإيراني.. وهذا هو جوهر العقيدة الإستراتيجية لمبدأ الردع الإسرائيلى والضربات الاستباقية الإسرائيلية.
وتؤكد إسرائيل اليوم أنها مستعدة للدخول فى حرب غير تقليدية مع إيران.. تؤدى لوقف صادرات البترول الإيرانى لفترات طويلة.. نعم هذا إنذار لإيران.
.. وهذا هو معنى الجنون الإسرائيلى بالحرب.. وهو جزء من جنون كوكب الأرض.. كوكب الصراعات والحروب الدموية.. وكوكب التغيرات المناخية المعادية للبشر وحياة البشر.. فى دورة جديدة للزمن.. ودورة جديدة للتاريخ.