للمرة الثانية يتعرض ترامب المرشح الجمهورى للانتخابات الرئاسية لعام 2024 للعنف فى الانتخابات.. المحاولة الأولى أسبابها دفنت مع مرتكبها أما الثانية وفق لما تسرب حول.. مرتكبها الذى ألقى القبض عليه تعاطفه مع أوكرانيا فى أزمتها ورفضه توجه ترامب حولها محاولات اغتيال الرءوساء أو المرشحين للرئاسة فى أمريكا متعددة.. ترامب ليس المرشح الجمهورى الأول الذى يتعرض لمحاولة اغتيال أثناء حملته الانتخابية فسبقه تيودور روزفلت الجمهورى الذى تعرض لمحاولة اغتيال أثناء حملته الانتخابية عام 1912 ومحاوله اغتيال فرانكلين روزفلت الديمقراطى عام 1933.. كما كانت هناك محاولة فاشلة لاغتيال كل من الرئيسين الجمهوريين جيرالد فورد عام 1975 بعد ثلاثة أسابيع من تقلده الحكم.. ودونالد ريجان عام 1981.
رصد تاريخ الاغتيالات الأمريكى للرؤساء أربع حالات ولكل منها أسبابه هم إبراهام لنكولن الجمهورى والذى دعا لتحرير العبيد وإلغاء نظام الرق وربما هذا سبب قتله عام 1865.. وجيمس مارفيلد الديمقراطى الذى قتل بعد ستة أشهر من توليه منصبه عام 1881.. ووليام مكسينلى قتل عام 1901 وجون كيندى الديمقراطى قتل عام 1963.
رغم النظام الديمقراطى الذى ينعم به المواطن الأمريكى والحرية فى الاختيار واعتناق الفكر والدين والمذهب إلا أن أعمال العنف فى تزايد وتنوعت الأسباب لدى مرتكبى جرائم الاغتيال للرؤساء أو المرشحين للرئاسة منها التعصب والعنصرية ورفض المساواة أو اعتناق أفكار فوضوية رافضة للسلطة.
حوادث العنف الاجتماعى لا تختلف فى خطورتها عن العنف السياسي.. ففى الأعوام القريبة الماضية شهد المجتمع الأمريكى تلميذ الابتدائى الذى قتل معلمته فى الفصل بسلاح والدته.. كما شهد المجتمع العنف الرسمى الوقائى الذى مارسته الشرطة ضد الأمريكيين السود وبعدها ظهرت حركة حياة السود مهمة لما بدأ من عنصرية وعنف فى التعامل مع السود من قبل بعض أعضاء المجتمع.
ساعد على زيادة معدلات العنف الذى وصل للقتل انتشار امتلاك المواطنين السلاح بحكم التعديل الثانى للدستور الأمريكى الذى يحمى حق المواطنين فى الاحتفاظ بالأسلحة والذى أقر عام 1791 بعد تأكيد المحكمة العليا حق امتلاك الأفراد للسلاح للدفاع عن النفس.
الحزبان الديمقراطى والجمهورى اختلفا فى تفسير هذا الحق.. الحزب الديمقراطى قصر الحق فى حمل السلاح على الولايات المكونة للاتحاد الأمريكى أى لأمريكا الفيدرالية وهو المعروف بالتفسير الجماعى للحق ويطالب الحزب الديمقراطى بإعادة النظر فى الحق المطلق للفرد بسبب المستجدات التى طرأت على المجتمع واستخدام هذا الحق فى حوادث متكررة.
أما الحزب الجمهورى فيرى ان امتلاك السلاح من الحقوق التى نص عليها الدستور.. والسلاح هوية أمريكية يدعمها الدستور وهو ما يعرف بالتفسير الفردى ورفض أى قوانين يمكن ان تحجم امتلاك السلاح
محاولة تحجيم امتلاك السلاح تصطدم بالضغوط التى تمارسها جماعات صناعة وتجارة السلاح لمنع أى تعديل لقانون امتلاك وحمل السلاح ولهذا نرى تزايد العنف الذى ربما يعود إلى أن المجتمع الأمريكى مجتمع مستوطنين قام بعد إجلاء السكان الأصليين أما بإبادة جماعية لمعظمهم وتهميش ما تبقى منهم والاستيلاء على أراضيهم وتكوين مجتمعهم الأمريكى من المهاجرين مما تطلب ضرورة الحماية الشخصية فكان السماح دستوريا بحمل السلاح دفاعا عن النفس بسبب ترسيخ الأفكار العنصرية والاستعلاء لدى ما يعرف بالمجتمع الأبيض وهذا أدى إلى تصاعد اليمين المحافظ ومحاولة فرض نظرته الاستعلائية مما أدى إلى سيادة مشاعر الخوف وعدم الثقة فى الآخر لاعتقاده بأنه متآمر وخطابه يبث الكراهية ومن ثم العنف.
بصرف النظر عمن سيحالفه الحظ فى انتخابات نوفمبر القادم فهذا لا يعنى انتهاء أزمة المجتمع الأمريكى المنقسم على ذاته نتيجة الانتخابات القادمة ستكون بداية لأزمة والسؤال هل أمريكا مقبلة على فوضى وانقسام للشارع وتنامٍ للعنف؟!!