الفرق كبير.. والبون شاسع.. بين إعلام ناقل.. يردد ما يصل إليه من معلومات دون تمحيص أو تدقيق.. أو حتى تأكيد ما وصل إليه من أخبار.. وبين إعلام يبحث عن الحقائق.. والمعلومات الصحيحة.. والأخبار الصادقة فيبدع ويبتكر ويقود ويوجه.. ويؤدى رسالته ويحقق أهدافه.
.. ومنذ وقت ليس بعيدًا.. قبل ظهور الفاكسات والبيانات المعدة سلفًا.. والتى صارت سمة كل وزارة وهيئة بعد أن أصبح لها مركز إعلامي.. يرسل إلى مندوبى الإعلام ما يريد هو أن ينشره.. أقول منذ وقت ليس بعيدًا.. كنا نطلق على «المحرر» كلمة مخبر إعلامي.. يبحث بنفسه عن الأخبار.. ويصل عن طريق مصادره إلى الحقيقة وينفرد بأخبار تخصه دون غيره.. وكانت كل الصحف تمنح مكافأة لكل انفراد يتحقق.. وتتباهى كل صحيفة بما انفردت به ونكتب فى مقدمة العناوين كلمة «إنفراد» تأكيدًا للتميز والتفوق.. لكن أزمة الإعلام الحقيقية الآن.. هو أنه أصبح «ناقلاً» وليس باحثًا ومبتكرًا ومنفردًا.. واكتفى المحرر أو المعد للبرامج.. بما يصل من فاكسات أو ما يروج عبر مواقع التواصل والفيس بوك.. وللأسف الشديد.. اصبحت المجتمعات النامية.. وغير الواعية وضئيلة الاطلاع والثقافة.. مجتمعات يقودها الفيس بوك وتبحث دومًا عن التريند وتسقط فى فخ الأكاذيب والشائعات .
> > >
للأسف الشديد.. أصبحت أكاذيب الشوشيال ميديا.. مادة ثرية للبرامج.. وللأسف قنوات كبيرة ولها اسمها.. وكذلك مذيعون كبار ولهم اسماؤهم وعلى قنوات كبيرة وعالمية ومع ذلك.. يروجون لأكاذيب.. ويخصصون حلقات تشاهدها الملايين لأكاذيب وقصص مفبركة وحواديت مؤلفة.. تتحول بين أيديهم إلى حقائق يتابعها الملايين.. ثم يفاجأون فى اليوم التالى أنها أكذوبة وقصة خيالية روجها أصحابها من أجل التريند والدولارات.. والهدايا ومنح أهل الخير واللاهثين وراء الظهور على الفضائيات من مدعى الفضيلة وفعل الخير.. وللأسف وقعت بعض الفضائية العربية الكبيرة ومذيعها الشهير عدة مرات.. فمنذ فترة قصيرة.. استضاف نفس المذيع الشاب «المحلل».. الذى روج انه تزوج ثلاثين وأربعين مرة.. على سبيل انه محلل وأنه يفعل ذلك لوجه الله والحفاظ على كيان الأسرة وحتى تعود الزوجة لأولادها وأسرتها بدلاً من خراب البيوت.. وظل المذيع يقدم الحلقة وهو مسرور وفى قمة السعادة والابتسامة تملأ وجهه على الانفراد الذى حققه والتميز المهنى الكبير الذى قدمه له.. وحقق نسبة مشاهدة عالية.. وفى اليوم التالى تم القبض على الشاب المحلل الكاذب.. وتبين كذب ما روجه على صفحته وأنه يهدف إلى التريند والدولارات.. وكانت فضيحة للقناة والمذيع.. الذى عاد فى الحلقات التالية ليتابع تحقيقات النيابة مع الشاب المفبرك الكاذب ثم عادت نفس القناة.. ونفس المذيع للسقوط مرة أخرى فى بئر أكاذيب وفبركات السوشيال ميديا.. عن طريق فيديوهات الفيس بوك.. واختطاف زوجة فى لحظة زفافها.. قصة مثيرة وحلقة أكثر إثارة.. وفى النهاية فيديو مفبرك.. وقصة من تأليف العريس وزملائه .
ونفس القناة.. التى من فرط إفلاسها الإعلامي.. فلا تجد مادة تشغل بها وقت البرنامج إلا اللهث وراء فيديوهات الفيس بوك.. فجاءت لنا بالقصة المفبركة.. سائق تاكس يعثر على ٨ ملايين جنيه نسيها راكب.. ولست أدرى أى عقل يصدق بهذه السهولة هذه الأكاذيب.. فمن يمسك بيده حقيبة أو جوال بها هذه الملايين ثم ينساها وينزل.. استخفاف.. ولا يدخل عقل.. فكيف لمعد أو قناة كبيرة ومذيع شهير.. أن يسقط بهذه السذاجة فى فخ هذه الأكاذيب والفبركات.. ولم يكتف المذيع بالسقوط المهنى المفضوح.. بل يتصل بالسائق.. ويشيد بأمانته ويزوجته التى رفضت قبول هدية من صاحب المال.. وفى النهاية تبين أن القصة من تأليف وإخراج السائق وصديقه.
> > >
. إن وعى المصريين هو الصخرة الصلبة التى تتحطم عليها كل أكاذيب المرجفين.. وشائعات المضللين..!!