إذا كان للمصريين أن يفضلوا أياماً وشهوراً بعضها على بعض.. فأعتقد أن أكثر شهور السنة استحقاقاً لهذا الحب والاعتزاز هو شهر أكتوبر، الذى تحقق فيه النصر المجيد، الذى أعاد للمصريين عزتهم وكرامتهم، وأعاد الثقة لأنفسهم لكى يواصلوا إنجازاتهم على مر السنين التى أعقبت هذا النصر، خاصة تلك المشروعات الكبرى التى تغير الآن وجه الحياة إلى الأفضل على أرض مصر، وتوفر الحياة المعيشية اللائقة رغم كل التحديات الإقليمية والدولية وتداعياتها السلبية على كل دول وشعوب المنطقة.
وقد صار أكتوبر وروحه العظيمة هما وقوداً دائماً للعطاء، زادت شعلته نوراً وقوة منذ ثورة الثلاثين من يونيو 2013، التى كانت عبوراً آخر للمصريين، انتصروا فيه على مؤامرات أهل الشر وخديعة الربيع العربى الزائف التى نالت من دول شقيقة مجاورة لنا مازالت تدفع أثماناً باهظة لهذه المؤامرات التى غيب فيها الأشرار من وعى الشعوب وجعلهم يهدمون أوطانهم ومؤسساتهم العسكرية والوطنية لتسود بينهم الفتن والانقسامات التى يحاول المخلصون فى وطننا العربى ترميمها وجمع شتات الدول وتوحيدها حتى تستطيع التغلب على تلك الصراعات والفتن التى تلقى بظلالها أيضا على مصر الشقيقة الكبري، التى تستقبل الآن تسعة ملايين إنسان هم ضيوف يعيشون بين المصريين بلا تفرقة ولا تمييز، يستفيدون من خيرات البلاد وإنجازاتها التى تحققت على مدى السنوات الأخيرة فى الصحة والتعليم والإسكان ووسائل النقل الحديثة.
>>>
تأتى المواقف المصرية القوية تجاه ما يحدث فى المنطقة الآن من تحديات ومؤامرات، خاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية والمأساة التى شهدها أهل غزة الصامدة، فقد جاء الموقف الحاسم من الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ الوهلة الأولى لذريعة اسرائيل بطوفان الأقصى فى السابع من اكتوبر 2023 برفض تصفية القضية وتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم ليكون هو الصخرة القوية التى ساعدت الفلسطينيين على الصمود وأفشلت المخطط الصهيونى المريب الذى يسانده الغرب بالتواطؤ الدولى والكيل بمكيالين، ومازال صوت مصر القومى الذى عبر بكل الشجاعة والصراحة فى قمة «البريكس» فى روسيا، مؤكداً أن العدالة غابت عن عالم اليوم وأن ما يحدث بشكل يومى على مدار الساعة من قتل وترويع اسرائيل للفلسطينيين بغزة واعتداءاتها بلبنان، دليل على ازدواجية المعايير التى من نتائجها– للأسف– هذا التصعيد الخطير بالمنطقة الذى يجب وقفه لمنع انزلاقها لحرب شاملة.
لا شك أن هذه المواقف المصرية القوية على الساحة الدولية وأيضا دورها منذ اللحظة الأولى فى التخفيف عن معاناة شعب غزة من خلال المساعدات الانسانية والاغاثية، التى استمرت رغم اغلاق معبر رفح من خلال المشاركة فى الإنزال الجوي، وكذلك دورها لاستئناف مفاوضات وقف اطلاق النار بقطاع غزة واستمرارها فى تقديم الدعم والمساندة لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.. لا شك أن كل هذا وغيره هو نتاج انتصار اكتوبر المجيد، ثم مبادرة السلام التى قدمها بشجاعة البطل المنتصر الرئيس محمد أنور السادات وتوقيع اتفاقية السلام، التى حافظت مصر عليها بمواقفها الحكيمة والمتوازنة فى كل مرة يتفجر فيها الصراع فى المنطقة.
ما تحقق أيضا للمصريين من إنجازات ومشروعات قومية وخدمية، هو انعكاس آخر للثقة التى بثها انتصار اكتوبر فى القرار المصرى الذى ينال دائماً احترام وتقدير كل قادة وزعماء العالم ويدفعهم إلى اتخاذ ما يلزم من سياسات تساعد مصر على استمرار دورها الفاعل فى منطقتها، باعتبارها دولة محورية كبرى باستقرارها وأمنها وتنميتها وتطورها، يمكن مجابهة أعتى الظروف والتحديات التى تهدد المنطقة ككل والأمن والسلام فى العالم، وهذا ما أشار إليه الرئيس أيضا فى قمة «البريكس» بأن امتداد الصراع يؤثر سلباً على الملاحة بالبحر الأحمر والتجارة الدولية.
>>>
ليس هذا الحديث نوعاً من الحماسة أو الشجن ونحن فى نهاية شهر اكتوبر، ولكننى من وجهة نظرى أرى أن استحضار إحساس الفخر والبطولة والاعتزاز بما أنجزنا خلال السنوات الماضية، أمر ضرورى لنا، بأن تكون روح اكتوبر معنا على مدار العام، خاصة فى هذه الظروف الإقليمية والدولية الصعبة، التى تواجه فيها أمتنا العربية ومن بينها مصر تحديات جساماً ومؤامرات وشروراً لا تتوقف على مرأى ومسمع من العالم.
يبقى دائماً معنا على مدار العام تضحيات الرجال من الشهداء والأبرار من قواتنا المسلحة وشرطتنا الباسلة الذين ضحوا بحياتهم من أجل أن يعيش وطنهم فى أمن واستقرار ليظلوا دوماً هم وقود الإرادة والأمل لنحافظ على بلادنا وننعم بالحياة الكريمة التى نتطلع إليها.