وقف نتنياهو مزهواً منتشياً أثناء إلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضى رغم انسحاب العديد من الدول من القاعة وتحدث عن السلام والنصر المطلق لكيانه الصهيونى وعرض خريطتين الأولى كما قال للدول المباركة التى عقدت مع كيانه الصهيونى اتفاقات وطبعت العلاقات والثانية للدول الملعونة وتضم إيران وسوريا واليمن ولبنان والعراق.
أثناء حديثه كانت قواته الجوية تقصف مقر حزب الله فى جنوب لبنان بعد وصول معلومات استخباراتية عن اجتماع لحسن نصر الله مع بعض رجاله هناك ليسقط بالقنابل الأمريكية ورفاقه شهداء.
حركات مثل حزب الله لا تتوقف بسقوط الشهداء وفقاً لتنظيمها وسرعان ما يتم تسكين مشروع شهيد مستقبلى مكان من استشهد.
المهم أن العدوان الصهيونى له أهداف معلنة وأخرى إستراتيجية نابعة من أفكار تلمودية، الأهدف المعلنة للعدوان على غزة تفكيك المقاومة الفلسطينية والقضاء على قدراتها العسكرية.. والهدف المعلن فى العدوان على لبنان فهو عودة المستوطنين لشمال دولة الاحتلال وعودة المقاومة اللبنانية لشمال نهر الليطاني.. أما الهدف الحقيقى من وراء العدوان تحقيق حلم إسرائيل الكبرى التى تتجاوز حدود فلسطين التاريخية وإعادة رسم جغرافية الشرق الأوسط منطلقاً من مشروع ايديولوجى يسعى لفرض واقع جديد على الأرض مبنى على أفكار تلمودية توسعية لا تعترف بالحدود مستغلاً ضعف الموقف الدولى والصمت الإقليمى خشية نيران أطماع نتنياهو حال الوقوف أمامه.
الخوف من تمادى الجنون الصهيونى المدعوم أمريكياً نجاحه فى إعادة رسم خرائط المنطقة ليغرق الشرق الأوسط فى دوامة الحروب والكوارث بسبب الأطماع التوسعية معتمداً على تحالفه مع القوى الصهيونية الدينية المتطرفة.
العدوان على قطاع غزة ولبنان ما هو إلا لفرض هيمنته الإقليمية الصهيونية واستعباد المنطقة وإخضاعها.
ينسى نتنياهو أن المشروعات التوسعية التى حاولت أمريكا تنفيذها فشلت، فكل أفكار التحالفات فى المنطقة لم تتحقق فيها محاولات زيادة التعاون الدفاعى الإقليمى فى الشرق الأوسط سوى الحد الأدنى من النجاح أو باءت بالفشل ونتيجة لذلك ليس للشرق الأوسط تحالف عسكرى خاص به تحت أى مسمى منذ محاولة تطبيق مبدأ ايزنهاور وحلف بغداد وكان الهدف الاحتواء ومنع التمدد السوفيتى فى المنطقة.
مرت المنطقة بما يعرف بمشروعات الشرق الأوسط الجديد ثم الكبير بهدف مواجهة إيران والإرهاب المنظم الدينى عبر إدماج إسرائيل كقوة عسكرية فى المنطقة بما ينهى القضية الفلسطينية وزيادة الاستقطاب الطائفى فى المنطقة.. ومن ثم طرحت فكرة الناتو العربى بحجة مواجهة التحديات المشتركة توقفت فى ظل التسويات والتفاهمات بين دول المنطقة وإيران بوساطة عراقية وقطرية.
التاريخ يؤكد أن لمصر دور بارز فى التصدى لمثل هذه المشروعات فى الشرق الأوسط التى حاولت أمريكا تكوينها باعتبارها نوعاً من أنواع الاستعمار الجديد بمسميات جديدة لا يخدم المصالح الوطنية. فمشروع الشرق الأوسط الكبير بأبعاده ودلالاته ومنطلقاته الفكرية يعتبر غلافاً براق لمصالح أمريكا الذى يستهدف عقلية الشعوب التى تعتبرها أمريكا والغرب أدنى من العقلية الغربية وأقل قدرة على التفكير والإبداع وما تحقق من هذا المشروع تغير بعض كراسى السلطة ودخول الدول فى اضطرابات عنيفة ليصل بعضها إلى الفشل.
السؤال هل ستحقق الأهداف المخططة لدولنا وتنجح وترسم حدوداً لخرائط نتنياهو؟ أم للشعوب قول آخر؟