لا أحد يختلف أن هناك أزمات وتحديات ومعاناة للمواطنين بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، لا أحد ينكر ذلك على الإطلاق، والأسباب كثيرة، أبرزها الظروف والصراعات والتوترات الدولية والإقليمية، وأيضاً هناك أسباب داخلية تتعلق بأداء البعض فى الحكومة لكنها ليست هى الأساس، فالأمور قبل الأزمات الدولية والإقليمية كانت تمضى بشكل يدعو للتفاؤل والنجاح الكبير، لكن هناك سبب أكثر أهمية وهو الأخطر الذى يواجه الدولة المصرية نناقشه فى هذه السطور، وهى دعوة للتأمل، وقراءة المشهد، وما يواجه هذا الوطن، من تحديات وتهديدات وجودية.
دعونى فى البداية أطرح سؤالاً مهماً هل ما يحدث لمصر من أزمات وتهديدات، وما يواجه هذا الوطن من مؤامرات ومخططات فى هذا التوقيت هو أمر طبيعي، ولماذا مصر بالذات وعلى أى شيء تعاقب مصر وتحاصر بالأزمات والحصار والحرائق والصراعات والتهديدات، هل ثمة شيء مطلوب من مصر أن توافق عليه، لكنه يخالف ثوابتها ومواقفها الشريفة ومبادئها المقدسة، وخطوطها الحمراء، ويتنافى مع سيادتها.
مصر أحبطت مخطط الربيع العربي، وأفلتت من المؤامرة التى كانت تستهدف إضعاف وإسقاط وتقسيم البلاد، ثم أجهزت على مخطط أخطر تنظيم إرهابى عرفه العالم، هو الإخوان المجرمون المدعوم من قوى الشر بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، وتغيير هويتها، وتهديد أمنها القومي، ولكن المصريين فى ثورة 30 يونيو قلبوا الطاولة فى وجه قوى الشر.
أهم أهداف قوى الشر، والمخطط الصهيو ـ أمريكى هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، لإقامة إسرائيل الكبري، من خلال تصفية القضية الفلسطينية والخلاص من الفلسطينيين، والسيطرة الصهيونية الكاملة على القطاع لتحقيق أهداف كثيرة، سواء فى القضاء على القضية، أو تحقيق مصالح، صهيو ـ أمريكية والسيطرة على مناطق النفوذ والهيمنة والثروات والممرات فى إطار صراع محتدم بين النظام العالمى القديم والقائم الذى يتعامل بغير شرف من أجل الاستمرار، ونظام عالمى جديد يتطلع للظهور يهدد الهيمنة الأمريكية وخاصة الصين.
مصر رفضت بشكل حاسم وقاطع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، أو تحقيق المخطط الصهيونى فى تصفية القضية الفلسطينية، مصر هى الشوكة التى تقف فى حلق المخطط الشيطاني، رفضت الضغوط والإملاءات والإغراءات أيضاً، ورفضت التفريط فى حبة رمل واحدة، لذلك فإن قوى الشر تحاول بكل الطرق والأساليب من حصار وتصدير أزمات وتهديدات وإشعال حرائق فى الجوار، فى كافة الاتجاهات الاستراتيجية بل وضرب مصادر الموارد المصرية وسوف نشرح ذلك.
محاولات عقاب مصر من قبل قوى الشر تتجسد فى أمور وظواهر كثيرة، تراها فى إشعال الحرائق فى دول الجوار، فما يحدث فى السودان الهدف منه مصر، وقالها وزير المالية السودانى أن ما يجرى فى المنطقة الهدف منه مصر، وما يحدث فى ليبيا، وما يحدث فى غزة والإصرار على التصعيد واستمرار العدوان للشهر التاسع على غير عادة وعقيدة الصهاينة فى إطالة زمن العدوان الهدف منه مصر، وما يحدث فى البحر الأحمر والذى كشفه نائب الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب هو إنزال العقاب بمصر، من خلال وقف وضرب إيرادات قناة السويس بسبب التوترات فى البحر الأحمر، وتراجعت بنسبة 90٪، وكأن ما يجرى بالاتفاق بين أمريكا وأذرعها فى المنطقة ولا تغرنك النضاليات، ثم الحديث عن احتمالية حدوث الحرب الشاملة بين حزب الله وجيش الاحتلال على الجبهة اللبنانية سوف يحدث تداعيات أكثر تنتقل إلى ضرب الاسقرار فى البحر المتوسط، وتحديداً شرق المتوسط، والهدف أيضاً مصر، بالإضافة إلى محاولات ابتزاز مصر، وصناعة أزمات داخلية، بهدف تحريك الناس للهدم والتدمير، وإحداث الفوضي.. والمتضرر الأول من هذه الفوضى هو الشعب نفسه وقد ذاقت الشعوب فى دول الأزمات التى سقطت مرارة تداعيات الفوضى من تدمير أوطانهم وسقوطها، وغياب الدولة ومؤسساتها وبالتالى لا أمن ولا استقرار، إنهم يدفعون الشعوب بالوعى المزيف والخداع والتضليل إلى تدمير أوطانها، وبعد أن فشلت حملات الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه فى خداع المصريين أو تزييف وعيهم، بدأوا فى مخططات جديدة من خلال الحصار وتصدير وصناعة الأزمات، والتضييق الاقتصادى على مصر، بهدف تفاقم معاناتها لكن يقيناً المصريون على دراية بهذه المخططات وأسبابها وأهدافها.. لذلك لابد أن يعلم ويدرك ويعى القاصى والدانى فى مصر حقيقة ما يحاك لمصر وتفاصيل المؤامرة، وأساليبها.. فقوى الشر تسعى لابتزاز وتركيع وإخضاع وإجبار مصر بشتى الطرق القذرة والشيطانية حتى توافق على مخططاتهم التى تتعارض مع السيادة والكرامة المصرية، وتهدد الأمن القومى المصرى وتتنافى مع طبيعة هذا الشعب الأبي، فالقيادة السياسية المصرية، تواجه وتخوض حرباً شرسة مع قوى الشر، بعد أن أعلنت فى شموخ وشرف ونقاء وطنى رفضها القاطع التنازل عن حبة رمل مصرية واحدة، لذلك تتعرض لحملات شرسة من الإعلام المعادي، وإعلام الإخوان المجرمين وخلاياهم الإلكترونية من التحريض والتشويه والإساءات والتشكيك لكن كل ذلك لن يزعزع الثوابت والمواقف والمبادئ المصرية قيد أنملة.
قوى الشر، لا تستطيع مواجهة مصر بشكل مباشر، ولا يمكنها أن تستهدف مصر بالصدام العسكري، لأن مصر دولة قوية تقف على أرض صلبة ولديها جيش وطنى عظيم وقوى أقوى جيوش المنطقة، وأحد أقوى جيوش العالم، لذلك تلجأ قوى الشر أو المخطط «الصهيو ـ أمريكي» إلى أساليب ومحاولات تضليل المصريين والرهان على تزييف وعيهم، ومحاصرتهم بالأزمات، وتضييق الخناق الاقتصادي، ومحاولات حرمان مصر من مصادر دخلها وابتزازها بمواردها الوجودية التى تمثل الحياة لها خاصة الموارد المائية والجميع يعلم تفاصيل ما يجرى فى الجنوب وهو وسيلة شيطانية لابتزاز مصر والضغط عليها، لذلك أقول للمصريين، إن ما يجرى ويستهدف مصر ليس أمراً طبيعياً من كل اتجاه استراتيجي، وبشتى الطرق والأساليب التى تحاول تركيع الدولة المصرية، وهو ما قوبل من قيادتها ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد الوطنى الشريف الجسور ابن مصر بالرفض، والشموخ وقالها كثيراً، «ياتبقى سيناء مصرية يانموت على أرضها»، ورد أيضاً على الضغوط، لن يحدث، ومصر دولة قوية «محدش يقدر» يمس سيادتها.
المصريون لازم يفهموا أنهم أمام تحديات وتهديدات وجودية، لابد أن يكون الوعي، والصبر والصمود والصلابة والتحدى عقيدتهم كعادتهم، فالذين يروجون الكذب والأباطيل وأحاديث الإفك والتشكيك والتشويه، وتضخيم الأزمات والتحريض ليس هدفهم مصلحة المصريين، بل جل أهدافهم وسعادتهم هو أن يقوم المصريون بتدمير وطنهم بتدمير ما أنجزوه وحققوه، فقوى الشر لا يسعدها أن ترى مصر دولة قوية وقادرة لا يسعدها أن ترى سيناء آمنة عامرة بالبناء والتنمية، وإنهاء الأطماع المستمرة فيها فالقوة والقدرة والبناء والتنمية صمام الأمان لحماية سيناء.
نعم هناك أزمة، بل أزمات، وضائقة لكن لابد أن نعرف ونعلم أسبابها، ومهما كانت فهى أزمات مؤقتة فى طريقها إلى الحل فسلامة الوطن، وأمنه والحفاظ عليه ضد المؤامرات، تستحق بعض التضحيات.
تحيا مصر