آفة الاقتصادات على اختلاف ايديولوجيتها الاقتصادية والسياسية هى أسعار الفائدة المرتفعة خصوصا على المدى الطويل، وبالتالى من الطبيعى ان زيادة أسعار الفائدة تحمل موازنة الدولة أعباء إضافية وتزيد من تكلفة الإقراض للمشروعات الإنتاجية، وترفع تكلفتها ومن ثم ترتفع الأسعار، وفى اعتقادى أن اجراء تحديد سعر الفائدة له مدلولات حكومية من خلال احصاء ودائع القطاع العائلى ومعرفة مدى ملاءة هذا القطاع لاتخاذ بعض الإجراءات والقرارات التى تظهر من آن لآخر وهى مؤشر لحساسية الضغط على هذا القطاع بزيادة الأسعار التى تتوالى بشكل غير مسبوق.
وتصريحات رئيس الفيدرالى الأمريكى بأنه «حان الوقت لتعديل السياسة النقدية متوقعًا خفض سعر الفائدة الأساسى فى شهر سبتمبر ما بين 0.25٪ و0.5٪، واعلانه النجاح فى خفض مستويات التضخم، وان التضخم على المسار المستدام للمستهدف عند 2٪ ويثق فى الوصول الى الهدف، وان معدلهم للبطالة لايزال مقبولا رغم الارتفاع الأخير.. بالطبع تؤكد اتجاه الفيدرالى الى خفض الفائدة فى اجتماعه المقبل، وعلى الرغم من ذلك الا اننى أتصور ان السيناريو الأكثر توقعا من البنك المركزى المصرى خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية اليوم الخميس هو «تثبيت سعر الفائدة» استمرارا لجهود كبح جماح التضخم خاصة بعد رفع اسعار المحروقات والتى تبعها ارتفاع أسعار شرائح الكهرباء والمياه للاستخدام المنزلى والأنشطة التجارية، وكذلك للحفاظ على ما تحقق من مكاسب فى تراجع معدلات التضخم خلال الأشهر الماضية، حيث تراجع معدل التضخم الأساسى على أساس سنوى الى 24.4٪ فى يوليو الماضى مقابل 26.6٪ فى شهر يونيو السابق له.
والحقيقة ان اتجاه معدل التضخم الى الانخفاض يفتح ويمهد الطريق ويشجع البنك المركزى على الاستمرار فى سياساته التيسيرية، ومن ثم يمكن لاحقا تخفيض سعرالفائدة لتشجيع الاستثمار فى المشروعات وزيادة الإنتاج، كما يؤدى انخفاض معدل التضخم مع انخفاض معدل الفائدة الى مزيد من تحسن مؤشرات الاقتصاد القومى بما فيها مزيد من استقرار وتحسن سعر صرف الجنيه وهو ما يخفض من مستوى تكاليف الانتاج ويقلص من فاتورة الاستيراد ويزيد من جذب الاستثمارات وتعزيزها على الصعيدين المحلى والاجنبى على حد سواء مما يؤدى الى الارتقاء بمستويات معيشة المصريين، وانعكاس ذلك بالايجاب على المواطن الذى سيشعر حتما بثمار هذه الانجازات فى القريب العاجل.
والأمر الذى أود الإشارة اليه ويجب الاستفادة منه واستغلاله هو أن الخفض المتوقع للفيدرالى الأمريكى لسعر الفائدة سيحقق مكاسب اقتصادية كبيرة على الاقتصاد العالمى وخاصة الأسواق الناشئة ومنها مصر، ومن أهم هذه المزايا زيادة اقبال المستثمرين الأجانب للاستثمار فى الجنيه المصرى بعائد مرتفع مقارنة بالدولار، لأن فرق سعر العائد على الجنيه سيصبح أكبر وهذا يسهم فى زيادة تدفقات الأموال الساخنة للاستثمار غير المباشر فى مصر، مما يحسن من وضع الجنيه نتيجة زيادة بيع العملة الأجنبية لشرائه.
كلمة فاصلة:
ببساطة..هناك أدوات أخرى يمكن اللجوء اليها لكبح جماح التضخم دون رفع سعر الفائدة الذى سيؤثر سلبًا فى النشاط الاقتصادي، ولكن تبقى الآلية الأمثل والأهم وهى زيادة الإنتاج الصناعى والزراعي، وتشجيع ريادة الأعمال، وتذليل العقبات أمام المشروعات الصغيرة، لأن الاستمرار فى تَبنى آلية سعر الفائدة لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم لفترة طويلة سَيخلق أزمات أكثر فى المستقبل.