بعد 72 سنة من قيام ثورة 23 يوليو 1952.. مازال هناك الكثير من أسرارها لم يعلن بعد.. وللأسف فإن التاريخ الحقيقى لم يظهر بعد.. فكل من كتب تاريخ هذه الثورة كتبه فى زمن الضباط الاحرار الذين قاموا بها.. وحتى من كتب مذكراته.. كتبها من وجهة نظره.. وعندما يكتب التاريخ فى فترة وجود الحكام والقادة.. الذين صنعوا هذا التاريخ.. ينحاز كتاب التاريخ لهؤلاء.. ويكفى أن نعلم أن اسم اللواء محمد نجيب تم شطبه نهائيا من كل كتب التاريخ.. بالرغم من أنه كان أول رئيس لمصر بعد 23 يوليو 1952.. وأنه كان الرتبة العسكرية الأعلى بين الضباط الاحرار.. ولا احد يدرى السبب الحقيقى وراء فرض الإقامة الجبرية على اللواء محمد نجيب فى قصر زينب هانم الوكيل حرم مصطفى النحاس بالمرج لمدة 19 عاماً بعد أزمة مارس 1954.. وهو ما يعنى أن محمد نجيب كان رئيساً لمصر من 52 حتى 1954.. هل تم إقصاء محمد نجيب لانه طالب الضباط الاحرار بتطبيق الديمقراطية وعودة الجيش إلى معسكراته (ثكناته) بالعباسية.. أم لعلاقته بجماعة الاخوان.. أم لكل هذه الأسباب مجتمعة.. لا أحد يدري.. وتبقى ليلة يوليو نفسها سرا.. فالكثير منها لم يعلن.. والذى قيل ان القائم مقام (مقدم) يوسف صديق.. تحرك بالصدفة قبل الموعد المحدد لتحركه لاحتلال مقر قيادة وزارة الحربية فى ذلك الوقت.. تحرك قبل الموعد بساعة كاملة.. بكتيبته.. وعندما وصل مقر القيادة وجد بها وزير الحربية وكبار القادة يجتمعون بناء على تكليف من الملك الذى علم بحركة الضباط الاحرار متأخراً.. وطلب من الوزير والقادة إنهاء هذه الحركة.. لذلك انطلقوا للاجتماع بمقر القيادة.. مما سهل على يوسف صديق إلقاء القبض عليهم بكل سهولة داخل مقر القيادة.. وهكذا لعبت الصدفة فى تحرك يوسف صديق بكتيبته مبكراً الدور الرئيسى فى إنجاح الثورة.. ولا أحد يدرى سبب إبعاد يوسف صديق بعد ذلك وتعيينه سفيرا.. ثم إقامته بالاتحاد السوفيتى هو وأسرته.. كل هذه المعلومات موجودة فى العديد من الكتب.. وأن الصحف أذاعتها فى وقتها.. ولكننا لم نعرف أى تفسير لها حتى اليوم.. وقع فى يدى كتاب أسرار ناصر من واقع ملفات المخابرات البريطانية والفرنسية والامريكية والاسرائيلية (وثائق سرية.. أفرج عنها).. ولأن الحقيقة حق مشروع وملك للأمة.. فإننا نتوقف طويلا أمام هزيمة 1967.. فإن العدل التاريخي.. يلزمنا أن ننقل الحقيقة دون رتوش أو تجميل.. فالحقيقة حق مشروع للشعب.. والكلام كثير عن 23 يوليو 52.. اسمحوا لى أن اكشف لكم عن أخطر عملية قام بها جهاز المخابرات المصرية.. وهى العملية التى حاولت إسرائيل التعتيم عليها بكل الوسائل.. لكنها كانت نكسة حقيقية فى تل أبيب وعملية نوعية غير مسبوقة فى تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي.. أنقلها لكم طبقا لما جاء بالملف الرسمى «منتهى السرية».. داخل الوثائق الإسرائيلية والامريكية والبريطانية المفرج عنها.. نجحت المخابرات المصرية فى تجنيد العقيد افرى العاد ضابط تشغيل شبكة جواسيس ضد مصر.. فى ليلة 23 يوليو 1954.. يكلف النقيب شرطة أحمد رشدى محمود عيد.. الذى أصبح وزير الداخلية فى الفترة 1984 – 1986.. كلف بالخدمة الليلية أمام دار سينما راديو القريبة من ميدان محطة الرمل بالإسكندرية.. فجأة انفجر «ديناميت».. كان فيليب هيرمان نتانزون عضو شبكة التجسس والتخريب الإسرائيلية فى مصر.. يلفه حول جسده.. وهنا ألقى أحمد رشدى القبض عليه وقد اعترف تفصيليا بالشبكة الإسرائيلية التى مارست أعمال التخريب فى القاهرة والإسكندرية.. والمعروفة بفضيحة لافون.. كانت المخابرات الإسرائيلية قد كلفت افرى العاد رسميا بادارة وتشغيل شبكة جواسيس من 13 عميلا يهوديا مصريا.. للتجسس على مصر.. وذلك سنة 1954.. تم القبض على جميع أعضاء هذه الشبكة.. وصدر الحكم بالإعدام شنقا.. وحكمت المحكمة على افرى العاد.. غيابيا بالإعدام شنقا.. ولكن تم تخفيف الحكم عليه.. مقابل العمل كجاسوس مزدوج وتشغيله كعميل لحساب مكتب الرئيس جمال عبدالناصر شخصيا.. وقد اعترف افرى العاد بقيامه بالتجسس لصالح مصر عقب إلقاء القبض عليه فى إحدى زياراته لتل أبيب طبقا للوثائق الرسمية الإسرائيلية المفرج عنها.. وحكم عليه فى 20 نوفمبر 1960 بالسجن لمدة 12 عاما.. وهكذا مازال أمامنا أسرار حول ثورة 23 يوليو 1952.. تكشف حقائق وأسراراً من حقنا أن نعرفها.. فالتاريخ ملك الشعب.