«يا بركة رمضان خليكِ فى الدار، يا بركة رمضان املى دارنا عمار».. بهذه الكلمات العذبة قدم الفنان الراحل محمد رشدى إحدى أشهر أغانى شهر رمضان، والتى لا تزال تُردد حتى اليوم، حيث أصبحت جزءًا من التراث الغنائى للشهر الكريم. كتب كلماتها محمد الشهاوي، ولحنها حسين فوزي، وتم إنتاجها عام 1965، لتبقى واحدة من أبرز الأغانى الرمضانية التى ارتبطت بوجدان الجمهور.
كشف طارق محمد رشدي، نجل الفنان الراحل، عن القصة الحقيقية وراء الأغنية، قائلاً:
«كانت الأغنية مستوحاة من أجواء القرى الريفية، وتحديدًا دسوق بمحافظة كفر الشيخ، حيث نشأ والدي. فى طفولته، كان يستمع إلى سيدات القرية وهن يصعدن إلى أسطح منازلهن حاملات الأوانى النحاسية، يطرقن عليها وينشدن هذا الدعاء العفوي: «يا بركة رمضان خليكِ فى الدار..واملى دارنا عمار». كان ذلك تعبيرًا عن الفرحة بقدوم الشهر الكريم، فالتقط والدى هذا الدعاء الشعبى العفوي، ليصبح لاحقًا مطلع أغنيته الشهيرة، بينما أكمل الشاعر محمد الشهاوى باقى كلماتها.
رشدى والأسرة فى رمضان
أكد طارق رشدى أن والده كان يحرص دائمًا على لمة العائلة خلال الإفطار، ويُفضل قضاء هذا الوقت وسط أبنائه أحفاده، وخاصة حفيدته الصغرى فرح، قائلاً:
«رمضان كان له طابع خاص فى منزلنا، حيث كان والدى يجمعنا جميعًا على مائدة الإفطار، وكان ذلك من أهم الطقوس التى حافظ عليها طوال حياته.»
يحكى طارق رشدى عن اللقاء الأول بين والده ووالدته، قائلاً:
«والدى اشتهر فى بداياته الفنية بأغنية «قولوا لمأذون البلد»، وكان يؤديها فى أحد الأفراح، وهناك التقى بوالدتي، التى كانت شقيقة العروس الصغري. نشأت بينهما قصة حب انتهت بالزواج، وأنجبا أربعة أبناء: شقيقى الأكبر رشدي، وأنا وأختى سناء وهى ربة منزل، وأخى الأصغر أدهم.»
حادث كاد ينهى مسيرته الفنية.. وزوجته رفضت الطلاق
قدم الفنان محمد رشدى خلال مسيرته 6 أفلام سينمائية، إلى جانب 8 ألبومات غنائية، وما يقرب من 68 أغنية، ومن أشهر أعماله فى السينما المارد – حارة السقايين – عدوية – 6 بنات وعريس – السيرك – فرقة المرح – ورد وشوك ومن أشهر أغانيه طاير يا هوا – عالرملة – عدوية – عرباوى – كعب الغزال – مغرم صبابة – متى أشوفك – وهيبة – يا عبدالله ياخويا سماح – يا ليلة ما جانى الغالي.
شكّل محمد رشدى مع الملحن الكبير بليغ حمدى والشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودى ثلاثيًا فنيًا كان له تأثير كبير فى انتشار الأغنية الشعبية. كما قدّم العديد من الأغانى الوطنية والدينية، خاصة خلال انتصارات حرب أكتوبر، وسجّل تترات مسلسلات مثل «ابن ماجة»، بينما كان آخر ألبوماته بعنوان «دامت لمين»، الذى حقق نجاحًا واسعًا.
رحيله ووصيته الأخيرة
رحل محمد رشدى عن عالمنا فى 2 مايو 2005 عن عمر ناهز 76 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض. وعن اللحظات الأخيرة، يقول طارق رشدي:
«كانت آخر كلماته لي: «يا طارق، أريدك أن تخلد اسمى الفني». كان يحزن عندما تمر ذكرى أى فنان دون إحياء ذكراه، وكان يرى أن الفن الحقيقى لا يموت.»