الولايات المتحدة إمبراطورية عظمى قوية فى الخارج.. منهارة من الداخل!!
> تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لتنصيب الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب فى البيت الأبيض خلال الأيام القادمة.. وهو الرئيس الأمريكى رقم 47.
> الولايات المتحدة الأمريكية.. امبراطورية عالمية كبري.. أو هى الامبراطورية الأعظم فى التاريخ.
> ومثل كل امبراطوريات العالم على مدى الزمن فإن أمريكا لا تؤمن إلا بحق القوة.. ولا تؤمن بقوة الحق مطلقاً.
> أمريكا.. تتصرف هذه الأيام كقوة استعمارية فى القرن الحادى والعشرين.. من هنا يتحدث الرئيس الأمريكى القادم ترامب صراحة وبمنتهى القوة عن رغبة وأطماع الامبراطورية الأمريكية فى ضرورة أن تنفرد بالسيطرة الكاملة على كل أراضى قارة أمريكا الشمالية.. من المكسيك جنوباً وحتى كندا فى أقصى الشمال ويضيف ترامب إلى ذلك ضرورة أن تسيطر أمريكا أيضاً على جزيرة جرينلاند وقناة بنما.
> وكتب القدر على أمريكا دائماً أن تتذوق طعم دمار وخراب «حق القوة» من خلال.. غضب الطبيعة.. والعواصف الصاعقة التى تهب سنوياً على أراضيها.. قادمة من المحيطين.. الأطلنطى شرقاً والباسيفيكى غرباً.
> وفى هذه الأيام جاءت حرائق كاليفورنيا ولوس أنجلوس.. لتؤكد من جديد أنه حتى أمريكا يمكن أن تتعرض لمعاناة كبرى.. فقد امتدت الحرائق إلى كل مكان فى ثانى أكبر وأجمل مدن أمريكا والعالم. واحترق أكثر من 21 ألف مبنى واحترقت ناطحات السحاب.. واحترقت أجمل شواطئ العالم على المحيط الهادئ. الحرائق تغطى مساحة 324 ألف كيلو متر مربع.. يعيش فيها 83 مليون.
> ويقول بيتر كالموس عالم المناخ الأمريكى إنه منذ سنوات كان يعرف جيداً أن الوقت قد حان لمغادرة مدينة لوس أنجلوس الجميلة.
كشفت أن كل الدراسات أكدت أن المناخ يتغير فى كاليفورنيا وأن درجات الحرارة ترتفع والمناخ يميل إلى الجفاف والغابات الجميلة تحولت إلى أشجار يابسة.. والرياح العاتية والعواصف الصاعقة.. عوامل محركة للنيران والحرائق فى كل مكان.. وداعاً لوس أنجلوس. فى مواجهة «حق القوة».. الذى تمارسه الطبيعة سنوياً.. رغم أن الخسائر هذه المرة يمكن أن تزيد على 20 مليار دولار فى لوس أنجلوس فقط!
حق القوة
> لكن فى مواجهة العالم.. لا تؤمن أمريكا إلا «بحق القوة».. وترفض «قوة الحق» بعنف واحتقار من هنا يأتى الدعم الأمريكى الدائم لإسرائيل بالمال والسلاح ، اللا نهائى لوجود وبقاء إسرائيل الاستعمارى الاستيطانى.
وبناء على «حق القوة».. تعطى أمريكا لإسرائيل الحق المطلق.. فى الدفاع عن النفس.. ضد الشعب الفلسطيني.. صاحب الأرض.. وصاحب الحق فى الأرض والوطن والسيادة.
> وتقف أمريكا وراء أطماع صهاينة تل أبيب فى إقامة إسرائيل الكبرى فى الشرق الأوسط.
> وباسم «حق القوة».. تقف الأساطيل الأمريكية والبريطانية فى البحرين المتوسط والأحمر.. فى حالة استعداد دائم لحماية إسرائيل وتوسعاتها الإقليمية.
> والمشهد الراهن القائم فى الشرق الأوسط.. أصبح مناسباً تماماً لوجود وأمن وبقاء دولة إسرائيل. سوريا أصبحت خامدة.. وعصر حزب الله ينتهى فى لبنان.. وإيران نفوذها الإقليمى يتراجع.
> وتستعد إسرائيل لمرحلة جديدة من «الصراع على سوريا» فى الشرق الأوسط.. وتهدد صحف تل أبيب باحتمالات كبرى للصراع وحتى المواجهة العسكرية مع تركيا.. فوق أراضى سوريا.
> وتحدثت صحف تل أبيب صراحة على ضرورة عودة إسرائيل للانفراد بالسيطرة الكاملة على قمة جبل الشيخ.. وأن إسرائيل لا تنوى الانسحاب نهائياً.
> كل هذا يتطلب منا ضرورة التوقف أمام أسرار قوة «امبراطورية الولايات المتحدة الأمريكية» يقول الخبير الاستراتيجى الأمريكى مايكل بيكلى إن أمريكا امبراطورية عظمي.. أو هى الأعظم فى التاريخ.
> لكن التحديات لن تكون سهلة على الإطلاق.. وفى النهاية كما يقول الخبراء.. فإن أمريكا سوف تضطر للاختيار بين بديلين لا ثالث لهما.. إما التورط فى حرب باردة جديدة مع الصين وروسيا.. أو التورط فى حرب عالمية ثالثة فى 2025.. وقد بدأ شتاء الصراعات الكبرى فى العالم.. كما نرى ونشهد فى أوكرانيا والشرق الأوسط.. وحول تايوان.
> يؤكد بيكلي.. أن أمريكا تحقق عادة انتصارات عالمية كبرى فى سياساتها الخارجية حول العالم.. وهى تعانى من حالات ضعف مذهلة فى الداخل الأمريكي.
> وهذا يعنى أن أمريكا تبدو قوية أمام العالم.. وهى ضعيفة من الداخل.. وتعانى من ضعف مذهل أمام المواطن الأمريكي.
وهنا نكتشف أن قوة أمريكا الخارجية تأتى على حساب قوتها الداخلية.
الفوضى والضياع
> كل شيء يؤكد أن أمريكا من الداخل تعانى من أوضاع صعبة جداً.. والفوضى تحاصر المواطن الأمريكى فى كل مكان.
يؤكد 60 ٪ من الأمريكيين أن الولايات المتحدة تسير على الطريق الخطأ ويؤكد 70 ٪ من الأمريكيين أن الحكومة الفيدرالية لا تتمتع بثقة أحد. وهناك انقسامات حادة بين أعضاء الكونجرس. والمفاجأة أن يفوز ترامب بالرئاسة بأغلبية كبيرة.
ويؤكد الكثير من الخبراء فى واشنطن أن الولايات المتحدة تشبه إلى حد كبير حالياً الاتحاد السوفيتى السابق فى أيامه الأخيرة!!
أمريكا من الداخل تبدو فى «حالة عفن».. تعانى من كل أعراض الانهيار الداخلي. بل إن أمريكا توشك أن تسقط فى مستنقع الانتحار القومى والحرب الأهلية.
> الغريب أن ضعف أمريكا الداخلى لا يؤثر على قوة أمريكا العالمية حول قارات كوكب الأرض. بل إن نفوذ أمريكا يتضاعف فى مناطق مثل الشرق الأوسط ثروة أمريكا تعادل 51 ٪ من إجمالى الناتج العالمى لدول العالم. أمريكا تفرض سيطرتها على الشرايين العالمية للطاقة وأسواق المال والتكنولوجيا. مع ذلك تعانى أمريكا من ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار.. وارتفعت قيمة الدين القومى الأمريكى لأكثر من 73 تريليون دولار تدفع أرباحاً لهذا الدين تزيد على تريليون دولار سنوياً.
>أمريكا.. تواجه بوضوح من كل أعراض التراجع والانهيار الاستراتيجي. ومع ذلك مازالت أمريكا أكثر الدول ثراء وقوة.
.. ويبقى السؤال.. كيف يمكن لأمريكا أن تحقق الهيمنة والسيطرة العالمية وهى تعانى من الضعف والفوضى العميقة ومخاطر الانتحار القومى والسقوط فى مستنقع الحرب الأهلية الثانية؟!!
لغز بلا حل
> ويبقى اللغز الأمريكى بلا حل.. ويبقى السؤال بلا إجابة.. ما أسرار قوة امبراطورية الولايات المتحدة الأمريكية العظمي؟!
يقول الخبير الإستراتيجى الأمريكى نيال فيرجسون.. إن العالم يواجه فى 2025 ضرورة الاختيار بين بديلين.. لا ثالث لهما.. إما الحرب الباردة الثانية بين أمريكا وأوروبا من جهة والصين وروسيا من جهة أخري.. أو التورط فى الحرب العالمية الثالثة؟!
> الواقع العالمى يؤكد أن الحرب الباردة أيضاً تشتعل وتتصاعد بلا توقف على جبهات عديدة.. وفى مجالات مختلفة حول العالم. ولن يتمكن الرئيس الأمريكى القادم ترامب من منافسة الصين إستراتيجياً بدون السعى الدائم للفوز بالمزايا الإستراتيجية الكبرى لأمريكا من خلال سياسة الصفقات التى يدعو إليها.
يقول ترامب فى كتابه «فن الصفقات».. إنه لابد أن يكون عدوانياً جداً.. خصوصاً عند التفاوض مع أعداء أقوياء مثل الصين وروسيا. وفى اللحظة الحرجة.. يتم التوصل للصفقة الكبري.. التى لابد أن تفوز فيها أمريكا.
الصفقات
> خلال فترة رئاسته الأولى أدرك ترامب أنه من الضرورى احتواء القوة الصاعدة للصين.. من خلال الحرب التجارية.. وفرض الحظر على صادرات التكنولوجيا العالية للصين.
.. وخلال فترة رئاسته الجديدة.. لابد أن يسعى ترامب لممارسة ضغوط هائلة على الصين بسرعة.. لأن الهدف الحقيقى هو عقد الصفقة الكبرى مع الصين. وهى العدو الرئيسى لأمريكا فى هذا العصر. وهذه الصفقة الكبرى هى التى سوف تزيح كل مخاطر التورط فى كابوس الحرب العالمية الثالثة.
> ترامب يخطط لحرب باردة ثانية.. لكن إستراتيجية تصطدم بأهداف الصين الكبري.. بكين تسعى لتحقيق التكافؤ الإستراتيجى مع أمريكا فى الاقتصاد والتكنولوجيا وفى القوة العسكرية.. بل إن الصين تسعى للتفوق على أمريكا.
> الحرب الباردة الجديدة واسعة النطاق.. وتغطى كوكب الأرض بالكامل.. وعلى جبهات متعددة من أوكرانيا فى قلب أوروبا.. إلى إسرائيل وحروبها فى الشرق الأوسط.. وحتى تايوان فى الشرق الأقصي.
الصراع مع روسيا فى أوكرانيا يمكن أن يتحول إلى حرب عالمية ثالثة.. والصراع مع الصين على تايوان يمكن أن يتحول إلى حرب عالمية ثالثة. ومازالت إسرائيل تريد دفع أمريكا لانتهاز الفرصة الذهبية المتاحة لتدمير البرنامج النووى الإيراني.
> ترامب يرفض التورط فى الحروب بلا نهاية ويميل إلى عقد الصفقات الكبرى مع كل الأطراف العالمية والإقليمية.. ويرى أن الصفقات هى أفضل وسيلة لتجنب الحرب العالمية الثالثة.
الجنوب العالمى
> لكن العالم.. ليس الامبراطورية الأمريكية وروسيا والصين فقط. هناك أيضاً دول الجنوب العالمي.. بقيادة الهند ومصر والبرازيل وجنوب أفريقيا.. وهى قوى اقتصادية صاعدة.
> من الواضح أن العالم حالياً فى حالة انتقال من النظام العالمى الأمريكى إلى النظام العالمى متعدد القوى والأطراف.
> وسوف يشهد العالم عودة قوية وجديدة لحركة عدم الانحياز بقيادة مصر والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.
لابد من الاعتراف بأن دول الجنوب العالمى هى الفائز الوحيد تقريباً من التغيير العميق فى موازين القوى العالمية خلال العشرين عاماً الماضية من جهة أخري. المنافسة الإستراتيجية والصراع يتصاعد بين القوى الكبري. وهذا أعطى لدول الجنوب العالمي.. القوة والقدرة على التأثير.