حقًا شر البلية ما يضحك أو يثير العجب والاندهاش ولكن قد يلتقط الإعلام المهني بعض الحوادث الغريبة ليفتح نقاشًا علميًا حول موضوعات ترتبط بهذه الحوادث التي تشد الناس، وفي نفس الوقت تضيف معلومات علمية وثقافية مما يؤكد أهمية الصحافة والإعلام في حياتنا.
علي سبيل المثال اثار اهتمام الناس منذ فترة خبر اختفاء «كبابجي» بعد قتله ووضع جثمانه بثلاجة محله.. وأيضا خبر آخر بإقرار بائع لحوم حمير بشمال الجيزة خلال محاكمته بأن مدح زبائنه في حلاوة ذبائحه قد شجعه علي أخذ بعض منها لمنزله.
لعل ذلك دفع إحدي القنوات الفضائية باستضافة طبيبة متمكنة عملت بمجال الطب الشرعي ولمست الكثير من نواحي وأسرار الجسم البشري خلال حديثها الشيق دون امتعاض أو تأثير سلبي بهذا العمل الذي تقوم به لاصدار شهادة وفاة أو تصريح بالدفن وسببه وتحليل اصابات الحوادث وأسباب الوفاة في القتل أو الانتحار لاستخراج المعلومات التي تهم المحققين أو الباحثين عن مسببات الوفاة وكم مضي عليها ودلالات بياض الوجه أو ازرقاق الجسد عند الوفاة والتي قد يفسرها البعض بصورة أخري وبرغم شعور بعض المتابعين وكذا المحاور بالتأثر إلا أننا كما نتمني مد اللقاء أو استضافة أخري لها لكي نقف علي معلومات أخري غير المتداولة عن عظام الجسد التي تقارب المائتين وخمسة وسبعين عظمة والتي تتحول حوالي 2 طن علي السنتيمتر المربع ضغطًا ولا تصل لثمن الطن في حالة الشد، والتمييز بينها وبين الحيوانية، والتي يمكن أن تتم بتحليلات علمية متقدمة أو فحص بصري لذوي الخبرة أو التركيب المجهري أو الحمض النووي.
إن المصريين القدماء من أكثر شعوب الأرض اهتمامًا بجثثهم بل ومعالجتها لايمانهم بعودة الروح للمتوفي بعد الوفاة وقبل أن تنبهنا الأديان كلها لذلك فبنت لهم الأهرامات ونحتت لجثثهم مقابر في الصخور بينما تاجرت بعض الدول وعلي النقيض بعظام شعوبها لعمل ميداليات ولعب بل أذابتها لاستخراج مكونات طبية منها.
وقد يمتعض البعض من الحديث عن ذلك رغم أن بعض المصريين ولعهد قريب كانوا يقضون أحد أيام العيد بالمقابر وسط لهو الصغار وربما اللعب علي المراجيح بالمقابر ففي زيارة المقابر راحة للنفس واحساس بضآلة الحياة كمقولة الإمام علي كرم الله وجهه: «إذا ضاقت بكم الصدور فعليكم بزيارة القبور».
بصراحة.. لقد راودتني هذه الخواطر مع قرار المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام بايقاف أحد البرامج وتغريمها وانذارها لمخالفتها للأكواد والمعايير الإعلامية والقيم القانونية والأخلاقية والسلوكية.. وأردت أن أضرب مثلا بالإعلام الجيد الذي يمكن أن يسهم في تنوير الناس وتثقيفهم دون اثارة أو اهدار للقيم والأخلاق.