استكمالا للقطوف الرمضانية .. نتوقف امام كتاب فضيلة امام الدعاة الشيخ الشعراوى .. بعنوان : اية الكرسى .. وهى المرة الأولى منذ نزول القرآن .. نجد امامنا كتاباً من 154 صفحة .. عن آية واحدة من كتاب الله .. يقول الشعراوى : هى سيدة آيات القرآن .. بل اعظم آية فى القرآن .. قد شرفها الله عز وجل وضمنها كتابه الكريم .. جمعت كل صفات الجمال والوحدانية لله عز وجل .. فهو الذى لا إله إلا هو .. الحى .. القيوم .. العلى .. العظيم .. وهو الملك الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض .. وهو العليم الذى يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم .. وهو الحفيظ القوى الذى لا يؤوده حفظ السماوات والأرض .. وهذه الآية كلنا نحفظها هى : بسم الله الرحمن الرحيم : « الله لا إله إلا هو الحى القيوم .. لا تأخذه سنة ولا نوم .. له ما فى السماوات وما فى الأرض .. من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه .. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم .. ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء .. وسع كرسيه السماوات والأرض .. ولا يؤوده حفظهما .. وهو العلى العظيم « ( البقرة 255) .. صدق الله العظيم .. يضيف الشعراوى : هى آية فى سورة كريمة قال عنها صلى الله عليه وسلم : انها من الزهراوين .. هى البقرة والأخرى آل عمران .. انها آية تمزج فى قلوب من يتأملها .. كل معانى الخوف من الله .. والرجاء فى الله سبحانه .. فهو رب هذا الكون المتفرد وحده بالعبودية .. الذى يتسع سلطانه السماوات والأرض .. هى احتواء الملكوت تذكرنا بالملك وهو الله .. كتاب الشعراوى عن آية الكرسى .. رحلة إيمانية تتعمق فى معانى آية الكرسى .. وعظمتها وتأكد عقيدة التوحيد .. عقيدة القلب والوجدان والعقل والنفس والحركة .. تتجلى فيها صفات الله .. انها آية العمق فى الدلالة .. وعين اليقين فى جلال الله .. وهذه الآية تبدأ بكلمة « الله « .. وعندما يذكر اسم « الله « سبحانه .. تصبح اللغة .. لغة القلب .. فى اعظم واحة .. انها الفطرة التى تبعث على الطمأنينة .. لما اختاره القلب .. واستقر به العقل .. واطمأنت به النفس .. ليصبح الانسان عبدا لله .. لا لغيره .. يقول الشعراوى : ان صفة القيوم معناها .. قيامه على كل موجود .. فلا قيام لشئ إلا به وله .. فكل شئ قائم بإرادتة وتدبيره وأمره .. فالله هو الواحد .. وهو الحى الواحد .. وهو القيوم الواحد .. وهو المالك الواحد .. وانه لا مالك سواه .. ولا مالك غيره .. ومن ثم وجب التفويض له واليه .. تصديقا لقول الحق سبحانه : وأفوض امرى الى الله .. ان الله بصير بالعباد (غافر 44) .. وبالتفويض ارتقاء .. اما .. من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه .. فهى صفة من صفات مقام الألوهية .. ومقام العبودية .. فالكل امام الحق .. فى موقف الخاشع الخاضع .. لا يجرؤ على الشفاعة عنده الا بعد إذنه .. انه موقف الجلال والرهبة .. فى ظل فضله وإحسانه .. ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء .. وهى تكشف ان الله اذن للإنسان ان يحصل على العلم .. وان الله كشف له عن أسراره .. ويقول الشعراوى : وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما .. هى خاتمة الصفات .. وانفراد الله بالعلو والعظمة .. وعندما تستقر حقيقة هذه العظمة فى نفوس البشر ويتنازل الانسان عن طغيانه وكبريائه .. يجد حلاوة اليقين وجمال الإيمان وجلال الله .. وهنا يتحقق القرب من الله .. وعن اسرار آية الكرسى .. يقدم لنا الشعراوى هذا الحديث : عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سورة البقرة فيها آيه سيدة آيات القرآن .. لا تقرأ فى بيت إلا خرج منه الشيطان .. « آية الكرسى « .. وعن ابى امامه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ آية الكرسى دبر ( آخر ) كل صلاة مكتوبة .. لم يمنعه من دخول الجنة .. الا ان يموت .. وقد توصل العلماء .. الى ان هذه الآية بها ستة عشر اسما من أسماء الله .. وان أضفنا الضمير المستتر فى حفظهما نجدها سبعة عشر اسما .. والضمير فى كل من : الحى هو .. والقيوم هو .. والعلى هو .. والعظيم هو .. اصبح اسم الله فى هذه الآية واحدا وعشرين اسما .. من هنا جاء عظمتها .. باحتوائها هذا العدد من أسماء الله .. اما معنى .. ولا يؤوده حفظهما .. ان الحق وحده سبحانه يحفظ السماوات والأرض فى توازن عجيب ومذهل .. بقدرة الواحد القهار .. ومن اسرار آية الكرسى : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ آية الكرسى قبل ان ينام .. فإنه لا يزال عليه حافظ من الله .. ولا يقربه شيطان حتى يصبح .. وهذه الآية : تخاطب القلب حبا بتوحيد الله .. وتناجى العقل تأملا بتفكير .. وتحادث النفس شوقا بسكينة .. وتحرك الحياة أدبا ببركة .. وهذا من اهم اسرار آية الكرسى .