من مقومات اكتساب المتعلم خبراته التعليمية أثناء الاستذكار العمل على توفير المناخ الفيزيقي؛ حيث ينبغى أن يكون مكان جلوسه مريحًا لا تشوبه الضوضاء أو الإضاءة الخافتة أو المثيرة، ويجب أن تكون مستوى التهوية جيدًا تسمح بالتنفس الحر؛ فنتجنب مسببات الأدخنة أو الروائح النفاذة التى قد تؤثر على التركيز لديه، وهذا ليس من سبيل المغالاة فى مسألة إعداد أماكن المذاكرة التى نخصصها لأبنائنا؛ فالفكرة مركزة حيال مناخ طبيعى موات يخلو من المشتتات أو المنغصات أو مسببات فقد التركيز والانتباه.
وعلى هذا الأساس يمكن أن نوفر أكثر من مكان فى المنزل؛ ليستطيع المتعلم أن يستذكر فيه دروسه طالما كان مريحًا نفسيًا وبدنيًا وبعيدًا عن عوامل إعاقة اكتساب خبرات التعلم، ومن ثم ننتقل لمعيارمهمًا آخر وهو معنى بالوقت المناسب لاستذكار الدروس وتحصيل ما تتضمنه من خبرات متعلمة، وهذا يتباين من شخص لآخر؛ لكن تحكمه قاعدة رئيسة، وهى راحة الذهن وصفائه؛ فلا تحصيل دون تركيز ذهني، والذى نحكم عليه من مؤشر لا جدال حوله؛ فعندما نفهم ونعى ما نقرأ حينئذ فنحن فى حالة ملائمة للاستذكار، وعندما لا نستطيع أن نعى ونتفهم ما نقرئه؛ نتيجة لإجهاد ذهنى أو بدني؛ فعندئذ يجب أن نأخذ قسطًا من الراحة التى من خلالها نستجمع قوانا ونستعيد نشاطنا لنتمكن من التحصيل فى صورته السليمة.
وعلى أية حال لا نخالف رأى من يتحدث على أفضل وقت للاستذكار والذى حدده بعد الاستيقاظ؛ لكن نرى أنه عندما لا يحول حائل عن الاستذكار طالما توافر التركيز الذى يعد مقومًا رئيسًا فى نجاح غاية التحصيل فلا بأس، ولا ننكر على من يقول بضرورة تنظيم مواعيد لليوم؛ حيث ميقات النوم وتناول وجبات الطعام المعتادة، ومن ثم معلومية ساعات المذاكرة، ناهيك عن مقتطفات الراحة التى تتخلل عملية الاستذكار فى اليوم بأكمله.
ونحذر من أن الروتين يؤدى إلى الملل حتمًا، ومن ثم إصابة المتعلم بإنهاك ونصب وتغيرات نفسية قد يكون منها صعوبة التكيف أو التوافق، أو تسلل الإحباط لديه، عندئذ يتوجب كسر الروتين ليخرج المتعلم من الحلقة الدائرية، ويستعيد نفسه ويجدد من طاقته ونشاطه الذى يعينه على استكمال الاستذكار.
ويُعد التحصيل المعرفى فى فترات الصباح أبقى أثرًا، وهذا أمر جيد إذا ما اعتاد عليه المتعلم؛ لكن لا نغفل أهمية قسط النوم الذى يسبق هذا الوقت المليء بالبركة والنشاط فى طلب ما نحتاجه من أمورنا العلمية والحياتية على السواء، وفى المقابل نؤكد بأن حالة الاستعداد التام المتمثلة فى الرغبة المشفوعة بالنشاط هى شريطة رئيسة للنجاح فى تحقيق أهداف الاستذكار التى ننشدها من المتعلم؛ فرغم أن توافر جدول يعين على تحقيق غايات البرنامج اليومى يكون فى الحقيقة مثمرًا وذا جدوي؛ إلا أنه يتوقف على مقدرة المتعلم على الاستمرارية بمزاج راق وهادئ.
ولا شك أن العقل السليم فى الجسم السليم، وهذا يجعلنا نهتم بالتغذية الصحية لأولادنا فهى أمر ضروري؛ فعندما يصاب المتعلم بأمراض سوء التغذية يصعب عليه أن يبذل مجهودًا زائدًا فى تحصيل خبرات التعلم؛ فتركيزه دون شك ضعيف ومقدرته على العطاء دون المستوي