تصاعدت وتيرة الاستفزازات الإسرائيلية تجاه مصر فى محاولة لإبعادها عن دورها الداعم للقضية الفلسطينية. تتجلى هذه الاستفزازات فى صور متعددة، بدءًا من التضييق على دخول المساعدات الإنسانية المصرية إلى قطاع غزة، ومرورًا بالقيود المفروضة على حركة الأفراد عبر معبر رفح، وصولًا إلى التصريحات الإعلامية التى تسعى إلى تشويه الدور المصرى وتصويره على أنه غير فعال. تهدف إسرائيل من وراء هذه الممارسات إلى إضعاف النفوذ الإقليمى لمصر وتقويض جهودها الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. كما تسعى إلى خلق حالة من الإحباط تجاه هذا الملف. ومع ذلك تؤكد مصر باستمرار على موقفها الثابت والتاريخى تجاه القضية الفلسطينية، وتشدد على استمرارها فى تقديم الدعم بكافة أشكاله، رغم التحديات والعراقيل التى تضعها إسرائيل فى طريقها. إن هذه الاستفزازات لن تثنى مصر عن القيام بدورها المحورى فى المنطقة والسعى نحو تحقيق السلام والاستقرار.
ولطالما كانت القضية الفلسطينية فى صميم السياسة الخارجية المصرية، انطلاقا من روابط تاريخية وثقافية عميقة، وإدراكا لأهمية الاستقرار الإقليمي. وتلعب مصر دورا محوريا فى دعم الفلسطينيين على مختلف الأصعدة، سواء دبلوماسيا أو إنسانيا أو حتى فى جهود الوساطة لتحقيق السلام. ومع ذلك يواجه هذا الدور المصرى الفاعل تحديات وعراقيل متزايدة، ينظر إلى جزء كبير منها على أنها نابعة من محاولات إسرائيلية للحد من تأثير مصر الإقليمى وتقويض جهودها الداعمة للقضية الفلسطينية.
تتجلى هذه العراقيل الإسرائيلية فى عدة صور. على الصعيد الدبلوماسي، غالبا ما تبدى إسرائيل تحفظا تجاه المبادرات المصرية الهادفة إلى إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتاريخيا شاركت مصر فى رعاية اتفاقيات سلام ومحاولات لتقريب وجهات النظر، لكن هذه الجهود غالبا ما تصطدم برفض أو فتور من الجانب الإسرائيلي، الذى يفضل فى كثير من الأحيان التعامل المباشر مع أطراف أخرى أو اتباع سياسات أحادية الجانب. وينظر إلى هذا التوجه الإسرائيلى على أنه محاولة لإضعاف الدور المصرى كلاعب إقليمى رئيسى فى هذا الملف الحساس.
أما على الصعيد الإنساني، فتواجه مصر صعوبات متزايدة فى إيصال المساعدات إلى قطاع غزة، الذى يعانى من أوضاع إنسانية صعبة. على الرغم من الجهود المصرية المستمرة لفتح معبر رفح وتسهيل دخول الإمدادات الطبية والغذائية، إلا أن القيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع وحركة الأفراد غالبا ما تعيق هذه الجهود. كما ينظر إلى هذه القيود على أنها ليست فقط ذات تأثير إنسانى مدمر على سكان غزة، بل أيضا كعرقلة للدور المصرى الإنسانى والإغاثى فى المنطقة.
علاوة على ذلك، يلاحظ أن هناك محاولات إسرائيلية للتأثير على الرأى العام الدولى والإقليمى بهدف تصوير الدور المصرى على أنه أقل فاعلية أو حتى منحاز. وتستخدم وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعى فى بعض الأحيان لنشر روايات تسعى إلى تقويض مصداقية الجهود المصرية وإظهارها بمظهر العاجز عن إحداث تغيير حقيقى فى القضية الفلسطينية. هذا التشويه المتعمد يهدف إلى إضعاف مكانة مصر ودورها المحورى فى المنطقة.. ومع ذلك، يرى مراقبون أن إسرائيل تتذرع بحجج واهية لفرض قيود واسعة النطاق تعيق الدور المصرى بشكل عام، حتى فى كل المجالات.
فى ظل هذه التحديات، تواصل مصر التأكيد على موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. تستمر مصر فى جهودها الدبلوماسية والإنسانية، وتعمل على حشد الدعم الإقليمى والدولى لتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. كما تسعى مصر إلى الحفاظ على دورها التاريخى كفاعل رئيسى فى المنطقة، رغم محاولات البعض لتقويض هذا الدور. إن إثارة إسرائيل للعراقيل أمام الدور المصرى الداعم للقضية الفلسطينية يمثل تحديا كبيرا يواجه جهود تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة. ويتطلب تجاوز هذه العراقيل تضافر الجهود الإقليمية والدولية، وإدراكًا لأهمية الدور المصرى المهم فى هذا الملف، وضرورة تمكينه من القيام بدوره بشكل كامل وفعال. إن استمرار هذه العراقيل لن يؤدى إلا إلى مزيد من التعقيد فى المشهد الفلسطينى الإسرائيلي، وتأخير تحقيق السلام المنشود.