الحضارة فى جوهرها، علمية وأخلاقية.. وإذا افتقد الإنسان الأخلاق، انهارت الحضارة مهما ارتفعت.. وهو ما جسده أمير الشعراء، حيث قال: «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. وإذا أصيب القوم فى أخلاقهم، فأقم عليهم مأتماً وعويلاً».
انحلال أخلاقي.. انهيار فى القيم المجتمعية والعادات الأصيلة.. ألفاظ خارجة تمكنت من ألسنتنا.. تصرفات وأطفال غير أسوياء.. كره.. حقد.. غيبة ونميمة ليلاً ونهاراً.. افتعال مشاكل.. طغيان المال على القيم والأخلاق والأصول.. ظواهر موجودة فى المجتمع بصفة عامة، والريف بصفة خاصة.. الريف الذى كان مدرسة فى تعلم المبادئ والأصول والأخلاق والقيم والتربية الصحيحة.
الأخلاق هى المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، وجوهر الرسالات السماوية.. فرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. وعندما قادتنا مواقع التواصل الاجتماعى بسبب انشغال الأب والأم عن تربية الأولاد وترك أبنائهم فريسة لمواقع التواصل، انحطت الأخلاق وتلاشت القيم وقل الحياء، بعدما تركنا أولادنا تربيهم السوشيال ميديا والقنوات المنحرفة، واستعبدتهم التليفونات المحمولة.
تركنا عقولنا لعبث «السوشيال ميديا» وصار المحمول المعلم والواعظ، واتخذه البعض بديلاً للأسرة، حتى تفككت مفاصل الأسرة.. والنتيجة، مشاجرات.. صراعات.. خلافات.. مشكلات بين الجيران والأقارب فى كل زمان ومكان وعلى أتفه الأسباب.. العودة للأخلاق وتهذيب السلوك واحترام الآخر وحُسن تربية النشء، خطوات إيجابية نحو إنسان مستقيم نافع لنفسه ولغيره.
ما أحوجنا إلى أخلاق الإسلام ونحن نرى قطيعة الرحم وانتزاع الرحمة وعدم وجود التآلف بين الناس وإقبال البعض على سفك الدماء والأموال والأعراض وأكل الميراث دون وجه حق.
ما أحوجنا إلى حُسن الخلق قولاً وعملاً، لتستقيم أمورنا وتنصلح أحوالنا ويكتمل إيماننا.. ولما سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم أى المؤمنين أفضل إيماناً؟، قال صلى الله عليه وسلم: «أحسنهم أخلاقاً».
>> خلاصة الكلام:
إن أزمتنا اليوم، أزمة أخلاق.. فالبعض يصلون ويصومون ويقرأون القرآن ويملؤون المساجد، ثم يخرجون للتنازع والتحاسد والغيبة والنميمة.. يؤدى الكثير الشعائر دون خشوع واستشعار العظمة لله.. يأكلون أموال الناس والميراث بالباطل.. فتسوء أخلاقهم وسلوكياتهم فى البيت والعمل والشارع ومع الجيران.. قال صلى الله عليه وسلم: «ما من شيء يوضع فى الميزان أثقل من حُسن الخلق».
فلا يغتر أحد بصلاته أو صيامه أو قراءته للقرآن أو حتى صدقته وحجه لبيت الله، وهو سيء الخلق، بذئ اللسان، خبيث النفس.. ما أحوجنا لأن نزرع فى أنفسنا وأولادنا محاسن الأخلاق ظاهراً وباطناً.. وأن يكون كل فرد فى المجتمع عديم الأذي، كثير الإصلاح، صدوق اللسان، قليل الكلام، كثير العمل.. لا لعاناً ولا سباباً، ولا نماماً ولا مغتاباً، ولا حقوداً ولا حسوداً.. وأن يسلم المسلمون من لسانه ويده، يحفظ دماءهم وأعراضهم وأموالهم.. وأن يكون معول بناء فى مجتمع، لا معول هدم.. حتى تستقيم الحياة وينتشر الخير ويعم الرخاء وتتآلف القلوب وتصفو النفوس وتحل البركة.
>> كلام أعجبني:
تواضع عن رفعة.. وازهد عن حكمة.. وانصف عن قوة.. واعف عن قدرة.