بيوت «الأنصار» استقبلت «المهاجرين» من مدن القناة بالأحضان
حكايات ذهبية تبحث
عن فنان!
كلموا شبابنا عن الرفاعى والشاذلى ورياض
عندما تم الإعلان عن الفيلم الكبير الذى تصدت القوات المسلحة لإنتاجه فى إطار مجموعة من الأعمال الفنية عن قصص وحكايات حرب أكتوبر.. وبمجرد الكشف عن اسم «أسامة أنور عكاشة» مؤلفاً للفيلم وبعد أن تم التعاقد معه.. قامت الدنيا ولم تقعد بحجة أن أسامة ناصرى الهوى وسوف يغفل دور السادات العظيم فى الانتصار عام 1973 ووقتها أعلن المشير طنطاوى وكان وزيراً للدفاع عن إلغاء المشروع وجرى إغلاق الأبواب أمام فتنة ليس لها ما يبررها.. لأن القصة وأصلها وفصلها أن النصر الذى تحقق.. هو ثمرة قصة الحب البديعة بين الشعب وجيشه.. حتى تحول وجع الانكسار.. إلى روعة العبور والانتصار.. والقصة لا تكتمل إلا إذا نظرنا إليها من كل الزوايا.. والفيلم والمسلسل حتى الآن لم يقدما إلا ما يعادل 5 ٪ فقط مما جرى فى أكتوبر وقبلها.. حيث كان الشعب يتحمل صعوبة العيش وقلة الموارد.. وغياب الشباب والرجال فى معسكرات الجيش وابتعادهم عن أشغالهم وأهلهم لسنوات لأن فترة التجنيد امتدت لأكثر من ست سنوات.. فقد كان كل شىء يتم تخصيصه أولاً وثانياً وثالثاً للمجهود الحربى.. وكان الحصول على دجاجة من الجمعية منحة لا يستطيع الوصول إليها إلا المحظوظ!
تكررت حكايات المهاجرين والأنصار بعد سنة 1967 عندما قررت القيادة السياسية إخلاء مدن القنال وتهجير أهلها إلى سائر محافظات قبلى وبحرى.. وكان المهاجر له الأولوية وكل الترحيب من أهل البلد التى يحل عليها أو يختارها للإقامة وبعضهم.. وبعد انتهاء الحرب احتفظ بحياته الجديدة ولم يفرط فيها حتى بعد عودته إلى بلده الأول فى السويس وبورسعيد والإسماعيلية.. وانصهر الشعب فى بوتقة واحدة.. وجرت مصاهرات عديدة.. وتدخلت ثقافات السواحلية مع الصعايدة والفلاحين فى روايات تحتاج من يفتش فيها ومن يستخرج كنوزها ويحسب للمخرجة إنعام محمد على والكاتب محمد حلمى هلال.. أنهما تلامسا مع هذا الموضوع فى الفيلم الشهير حكايات الغريب عن قصة لجمال الغيطانى الذى يمتلك أكبر ذخيرة من حواديت الحب والحرب فقد كان مراسلاً عسكرياً استثمر قلمه الأدبى فى الكثير من الروائع وهو الذى كشف بطولات إبراهيم الرفاعى أسطورة الصاعقة الذى حقق العمليات الخطيرة خلف خطوط العدو وتحول إلى شبح يقلق الجيش الإسرائيلى ويطير النوم من عينه وهناك كتابات أشهر المراسلين مرسى عطا الله ومحمد عبدالمنعم وعبده مباشر وحمدى الكنيسى.. ولا يزال الفنان لطفى لبيب الذى شارك فى حرب أكتوبر يبحث عن منتج لفيلمه «الكتيبة 26».
ومع رحيل المشير طنطاوى متى نكتب معركة المزرعة الصينية فى الإسماعيلية.. وكان طنطاوى أحد رجالها الأكابر مع مجموعته التى حطمت أنف وغرور دبابات العدو.. الذى ظن بعد الثغرة فى الدفرسوار أن الطريق إلى القاهرة بات ممهداً.. ولما اقترب من السويس قطعت المقاومة الشعبية مع رجال الجيش يده وأنفه وعلمته الأدب.. وظلت معداتهم المتحطمة على أبواب المدينة الشجاعة خير دليل على روعة حكايات المقاومة وكيف بسط المولى سبحانه وتعالى فيض رحمته وعونه على الأبطال فى وقت الحصار الذى تعرضوا عليه وهذه رواية لنا فيها أكثر مما علينا.
حدوتة الشاذلى
وفى عام 2009 عندما نشرت الصحف عن مسلسل من تأليفى حول الفريق الشاذلى تكرر ما حدث مع أسامة لكن بصورة أقل.. وهناك من يؤيد ومن يعارض الشاذلى فى موضوع الثغرة وخلافه مع الرئيس السادات.. الذى جاء بأحمد إسماعيل وزيراً للحربية وهو يعلم تمام العلم أن خلافاً وقع بينه وبين رئيس الأركان الشاذلى فى الكونغو.. عندما كان قائداً لفرقة مصرية تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة.
وبعيداً عن نقاط الخلاف هذا.. لا يمكن لكاتب مصرى ناضج وفاهم أن يترك مواطن القوة والإرادة.. والارتفاع إلى مستوى الحدث ويتوقف أمام هذه وتلك.. لأن الهدف من الفيلم أو المسلسل أن يحيى مشاعر حب الوطن فى قلوب الجميع خاصة الشباب الذين سمعوا أو قرأوا بعكس كبار السن الذين عايشوا الأحداث وعاشوها وشاركوا فى صنعها وهم فى صفوف القوات المسلحة أو المقاومة الشعبية والدفاع المدنى.. وكيف ضربنا إيلات وأظهرنا العين الحمراء للعدو بعد أسابيع من تلك النكسة فى رأس العش.. وهذه حدوتة أخرى.. ثم بناء حوائط الصواريخ وكيف تعاون فيها الشعب ممثلاً فى شركات المقاولات والجيش.. فى ملحمة لا تقل عما جرى فى العبور العظيم.. وهو ما تسبب فى جنون الصهاينة واستهدفوا المنشآت المدنية فضربوا مصنع أبوزعبل ومدرسة بحر البقر.. قبل أن ترد قوات الدفاع الجوى وتردهم إلى نحورهم.
كانت قوات الصاعقة فى هذا الوقت تعبر القناة وتجرى عملياتها الخاصة لكى يشعر العدو أن مصرنا لن تسكت.. ومن ذلك بطولات إبراهيم الرفاعى وأبوالشهداء عبدالمنعم رياض.. حكايات أكتوبر بل ويونيه 67 فيها الكثير مما يستحق أن نقدمه ونحن نخوض معركة البناء ومحاربة قوى الشر والظلام فى الداخل والخارج.. بحيث نعلو على الصغائر والخلافات ونرتقى إلى مستوى الوطن الشامخ الذى يهرول نحو تحديث كافة أجهزته ومنشآته.. ويظل تحديث العقول بالعلم هو السعى الأول بالوعى وهذا هو دور الإعلام والفن كما قال الرئيس السيسى مراراً وتكراراً.
فهل تحدثنا عن مهندس السد العالى الذى هدم خط بارليف بالمياه.. وعن فؤاد عزيز غالى واللواء عبدالعزيز قابيل وعبدالعاطى صائد الدبابات.. وعشرات الأسماء من الطيارين ورجال المشاة والمدفعية والدفاع الجوى وسلاح الإشارة والهندسة والإمدادات.. من أصغر جندى إلى القائد الأعلى الذى ضحك على الصهاينة بالخداع الإستراتيجى وصدمهم بالمفاجأة ومن أبسط مواطن إلى رئيس الدولة.. ابتداء من بعد النكسة مباشرة إلى أيام العبور العظيم.. وإلى وقتنا هذا.