- الدولة لن ترفع الدعم عن المواطن.. بل تعمل ليصل إلى مستحقيه
- 298 مليار جنيه حجم دعم السلع بنسبة 8 % من الموازنة
- 636 مليارًا لحزمة حماية المواطن.. وخاصة «محدودى الدخل»
- من حق البرلمان محاسبة الحكومة.. وعلينا الحذر من فتنة الـ«سوشيال ميديا»
كثيرًا ما تجرنا وسائل التواصل أو بعض المتحذلقين إلى أزمات مصطنعة، ومعارك يخيل إلى البعض منا أنها موجودة على الأرض صفحات مدفوعة بمصالح شخصية أو بتوجهات مخططة وشخصيات تبحث عن صناعة بطولة على حساب الدولة.. تتحدث بلسان المواطن وتضخم أصغر القضايا – في محاولة لصناعة أزمة، وهو ما حدث مع قرار الحكومة برفع سعر رغيف الخبز المدعوم إلى عشرين قرشًا..
القرار لم يصدر سرًا – بل أعلنه رئيس الوزراء في مؤتمر صحفى وتحدث بكل وضوح عن أسبابه وأنه لن يمس محدودى الدخل ولن يقلل من الدعم، بل إن القرار في خلاصته إعادة هيكلة للحفاظ على استمرار الدعم ووصوله إلى مستحقيه وشرح وزير التموين كيف سيظل الرغيف المدعم متاحا لنحو 73 مليوناً يحملون بطاقة تموينية، وأن الرغيف لم يتم تحريك سعره لمدة 30 عامًا، وهو أمر لم يحدث في أي سلعة على مستوى العالم فلا توجد سلعة مهما كانت أهميتها بقى سعرها طوال هذه المدة الدرجة أن أصبح الدعم يمثل 25 ضعف ما يدفعه المواطن، لكن البعض من الباحثين عن صناعة الأزمات واختلاق الفتن لم يتوقفوا عند هذا، ولم يتحدثوا عن أن سلعة ظل سعرها للمواطن ثابتا لثلاثة عقود وأن التكلفة الحقيقية للرغيف 125 قرشا، ولذلك عندما يرفع السعر إلى 20 قرشا فهذا ليس زيادة 400 بالمائة كما يدعون وإنما هو إعادة هيكلة للدعم من أجل الحفاظ على استمراره.
كل هذا تجاهله هؤلاء تمامًا وتعاملوا بلغة أن الدولة ترفع الأسعار على المواطن، والغريب أن المواطن نفسه متفهم طبيعة القرار لأنه مدرك التكلفة الحقيقية للرغيف.
الإنصاف الذي كان يجب أن يتحلى به هؤلاء الذين يحاولون استغلال القرار لصناعة أزمة والنفخ في كير الإشعال المجتمعي، كان يفرض عليهم قبل أن يفعلوا ذلك يراجعوا أرقام الموازنة الجديدة وما تتضمنه من أرقام معبرة عن حجم ما تقدمه الدولة من دعم للمواطن تخفيفًا من الأعباء التي يتحملها نتيجة الأزمة الاقتصادية الأخيرة.
لو قرأ هؤلاء الموازنة العامة بهدوء وحسن نية بعيداً عن الترصد لوجدوا أن حجم الدعم الذي تقدمه للسلع الغذائية فقط نحو 298 مليار جنيه وهو ما يمثل 8 بالمائة من إجمالي مصروفات الموازنة، وعندما يضاف إليها 338 ملياراً أخرى للمنح والمزايا الاجتماعية سيصل الرقم الإجمالي إلى 636 مليار جنيه، مخصصة فقط للحماية الاجتماعية تصل إلى 803 مليارات جنيه لو أضفنا إليها الدعم الخاص بشراء السلع والخدمات. هذه أرقام تؤكد أن الدولة لا ترفع الأسعار على المواطن، بل تدعمه بأرقام غير مسبوقة.
ليس هذا فقط ولكن عندما نقرأ الأرقام بموضوعية وبعيداً عن أي مزايدات سنجد أن الدولة تتحمل سنوياً أكثر من 140 مليار جنيه بسبب أسعار الكهرباء وتوريد الوقود، ورغيف الخبز نفسه الذي تم رفع سعره إلى 20 قرشاً، وهو أقل من 15 بالمائة من تكلفته، تتحمل الدولة 115 مليار جنيه لدعمة.
هذه مجرد أرقام لا تمثل سوى جزء من العقيقة التي تواجهها الدولة، ولا يريد المتربصون أن ينظروا إليها ، مثلما لا يريدون أن ينظروا إلى ما يواجهنا من تحديات رفعت أسعار كل شيء، فأسعار الطاقة في العالم ترتفع بمعدلات غير مسبوقة، ويكفى أن تعلم أن سعر برميل البترول كان في 2020 كما قال رئيس الوزراء يبلغ 54 دولاراً في المتوسط، ارتفع الآن لما يقارب المائة دولار.
أليس هذا معناه أن ما تتحمله الدولة من دعم يتضاعف حتى لا تحمل المواطن أعباء إضافية.
لقد كان رئيس الوزراء واضحاً عندما قال: ” إن الدولة ستظل داعمة للمستحقين للدعم، لكن ليس معقولاً ولا مقبولاً أن يصبح الدعم وسيلة لإهدار أموال الدولة، وأن يذهب لمن لا يستحق، بينما يعاني الأكثر احتياجاً ومحدود الدخل، سيظل مستحق الدعم محمياً بدعم الدولة وهذا أمر غير قابل للنقاش بل هو أحد أهم ثوابت الدولة في كل القطاعات والخدمات والسلع الأساسية، رغيف الخبز والكهرباء، لكن هذا لا يعنى عدم هيكلة الدعم وإعادة توجيهه بما نضمن تحقيق الهدف منه”.
لقد قال رئيس الوزراء بوضوح إن الدعم مستمر، ليس فى رغيف العيش فقط بل في كافة السلع الأساسية التي تمس حياة المواطن والأهم أن الدولة ستعمل بشكل مستمر لتوفير هذه السلع بما يكفى احتياجات المواطن، أيضاً في الكهرباء ستظل الدولة داعمة للشرائح الثلاث الأولى، في الاستهلاك المنزلي، وليس هذا فحسب، بل سيكون هذا العام نهاية تخفيف الأحمال، وسيظل الوقود مدعوماً ويصل حجم دعمه إلى 155 مليار جنيه خاصة السولار المرتبط باحتياجات المواطن، على أن تسهم بقية أنواع الوقود بتعويض الفارق.
كما يقولون فإن الأرقام أكثر تعبيراً عن الواقع، وهذه الأرقام كافية ليعرف كل مواطن حجم ما تقدمه الدولة من دعم ومساندة، لدرجة تثقل الموازنة وتتطلب خطوات جادة لإصلاح الخلل وضبط الموازنة بما يصب لصالح المواطن محدود الدخل الأكثر احتياجاً.
المؤكد أن توجه الدولة هو استمرار الدعم وليس رفعه على المواطنين وأرقام الموازنة تقول هذا بصراحة، لكن من حق مستحق الدعم أن يحصل على هذه المخصصات دون أن يزاحمه فيها من لا يستحق، والمواطن نفسه يعرف هذا ويفهم ويثق في دولته وأن الظروف تتطلب إجراءات قد تكون صعبة لكنها واجبة لحماية استمرار الدولة في أداء دورها، وربما لهذا سيتم طرح فكرة الدعم النقدى للحوار المجتمعي، في نقاش حر، وإذا تم التوافق على أنه سيكون أفضل للمواطن فسوف يتم تطبيقه.
الخـلاصة
أن المزايدة على الدولة من خلال استغلال قرار زيادة سعر رغيف الخبز أو أي قرار يتضمن هيكلة الدعم لصالح مستحقيه أمر لم يعد مقبولاً بل مرفوض، وإذا كان هناك من له الحق في الحديث ومراجعة الحكومة ومحاسبتها عن ذلك فهو البرلمان ونوابه.. وحدود علمي أن هناك طلبات إحاطة حول هذا الأمر وهذا حق نواب الشعب، وعلى رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة أن يواجهوا ويناقشوا ويشرحوا للنواب الأسباب ويقدموا رؤيتهم، والقرار في النهاية لبرلمان الشعب، أما المزايدات من خلال صفحات سوشيال ميديا لا نعرف من يقف وراء أغلبها، أو عبر بعض من يدعون الفهم ومتضخمى الذات وضعاف النفوس، فهذا أمر يجب أن ننتبه إليه، وأن ندرك أنها محاولات فتنة وليست بحثا عن صالح المواطن.