غيبتنا الايام.. فأصبحنا نعيش فى بعد يتزايد يوما بعد يوم.. عن كل ما كان يميزنا.. ضيق الرزق أخذ معه أفضل ما فينا.. وذهبنا جميعا وسط الزحام نبحث عن سعة الارزاق فنسينا الاخلاق ..اصبحنا مجتمعاً تسوده حالة جديدة من قيم لم نعتد عليها رغم اننا نعيشها طوعا أو كرها. ذاهبون كما قال شاعرنا الكبير احمد شوقى «إِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا» اصبحنا مهددين بالاندثار، نتحدث عمن ضربه المطرب الشهير أو عن الفنان الذى سب الدين، والعروسة التى احتقرت زوجها اثناء عقد قرانهما، واللاعب الذى سب الجمهور.. نتزاحم حول هيافات عديدة واهتمامات بلا قيمة حقيقية، شعب لم يكن متنمراً بطبعه، بل كان يحترم المرأة وقدسها منذ آلاف السنوات، واليوم يتحرش بعضه بها فى المترو وكافة المواصلات !غاب الوالدان بحثا عن الرزق، وتركوا الابناء أمام شاشة الموبايل أو التلفاز ليشاهدوا مسلسلات بكل اللغات تحوى كافة الثقافات..فراح الاولاد يعلقون على بوستات اللاشيء ويزايدون فى اضرام نيران السوشيال ميديا لصنع الترندات، دون مراعاة للحرمات والقيم والاخلاق وافتقدنا أنفسنا شيئا فشيء.
نتزاحم فى المستشفيات باحثين عن علاج أو خدمة طبية عاجلة لامراض مستعصية، نضرب افراد الطاقم الطبي، غير مدركين صعوبة قيامهم بعملهم مع هذه الاعداد الغفيرة من المرضي، وسط نقص الدواء والمستلزمات الطبية، وان عملهم المستمر تحت هذا الضغط يفوق احتمال أى انسان. نضربهم وهم تحت سيف اختبار غير منطقي، فكل يوم يسأل بعضهم نفسه أى المرضى أحق بسرير العناية المركزة؟ ولا يبحث الكثير منا عمن سبقه على هذا السرير وعن المصير الذى وصل له حتى يخلو السرير. ربما تعيش فصول مدارسنا التعليمية مع العام الدراسى الجديد، اتساعاً غير مسبوق، بعد ان اعلنت الوزارة المعنية، ان كثافة التلاميذ لن تتعدى 45 تلميذاً فى الفصل، وربما يهذب ذلك شيئا من اخلاق الاجيال القادمة، ولعله خير ..لكن يتبقى ان نعلم كم كثافة التلاميذ فى كل مدرسة.. فهل يخصص متر واحد من مساحة الارض لكل منهم أم أكثر.. وهل يتخلل تلك المساحة قاعات لممارسة الرياضة والموسيقى والرسم والفنون؟ أم أن الزحمة ستفقد الاجيال التربية.. وللحديث بقية