تحدثنا فى المقال السابق عن كيف غيبتنا الايام .. حتى اصبحنا جميعا نبحث وسط الزحام عن سعة الارزاق ونسينا الاخلاق .. وسادت قيم غريبة لم نعتد عليها رغم اننا نعيشها طوعا او كرها، حتى مدارسنا لم يعد اغلبها يهتم بالتربية، فعبء العملية التعليمية استنفد طاقات كافة العاملين بها، واصبح وجود الاسلحة البيضاء بداخل مدارس الفتيات التجريبية المميزة، موقفاً يمر مرور الكرام ..!
كما يمر موكب المسئول غير عابئ باشغالات الارصفة التى يحتلها الباعة المستوطنون الجائلين سابقا ويتخللها مئات والالاف المقاهي، وعلى المعترض ان يشرب من البحر ان كان فى عروس المتوسط ويشرب من النيل ان كان فى قاهرة المعز ..!
تحولت محافظات بأكملها لجراج كبير ينظم عمله اعداد غفيرة من بلطجية المواقف، وهم الاقدر على تنظيم هذا العمل دون منازع، تجدهم فى التجمع الاول وفى شوارع رمسيس وفى كافة الارجاء يفرضون قوتهم فوق كل اعتبار، ولان الازدحام شديد يفعل كل منهم ما يريد، من الاسكندرية حتى اسوان اصبحت مهنة منادى السيارات من اشد المهن رواجا .. ولها اخلاق نعلمها جميعا.
أضحت اسوار دواوين الاحياء جزءاً من هذا الجراج، وشاهدت قريبا اسوار حى منتزة ثانى احد اشهر مناطق الاسكندرية يتخذها اصحاب التكاتك جراجاً ليلياً لهم، فى دلالة واضحة على اتساع مساحة الجراج، وتمنيت ان يستطيع مسئولى ديوان الحى الصمود امام حملة التكاتك حتى لا يحتلوا مكاتب الحى قريبا ..!
اثناء محاولتى للوصول لاحد مواقف الميكروباص العشوائية بامبابة ، تملكنى خوف شديد مما يحدث واستطعت بصعوبة بالغة ان انجو من زحام عشرات الكلاب الضالة التى هرعت خلفي، ويبدوا اننا فى موسم التزاوج فاعدادهم اصبحت تنافس اعداد البشر بكافة الشوارع، ورغم ان اكلهم منتشر كثيرا بين اكوام القمامة فى كافة الارجاء الا أننى أخشى عليهم من الامراض .. واتمنى ان يقوم مسئولو الطب البيطرى بمحاولة توفير وجبات لهم بدلا من القمامة المنتشرة فى كل مكان، لعلنا نحافظ على حايتهم وصحتهم..!
سعى حكومتنا الموقرة الدوؤب لتوفير حياة لائقة لكل المصريين، يجب ان يتزامن مع حملات اعلامية تهذب سلوك المواطن ويصدقها اهتمام المسئول بانفاذ خطط وزارته المعلنة، فبالامكان تعديل سلوك الافراد كما عدل الفنان فؤاد المهندس اخلاق بنت حسب الله بعضشى ، فقناعة صدفة هانم لم تتغيير الا بعد ايمانها بمعلمها وقدوتها .. وتغيير البيئة التى تعيش فيها، فتغيرت اخلاقها وكل حياتها، ولعل ذلك ممكن.