بعث الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط رسالتين لكل من وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية الأوروبية جوزيف بوريل تناولتا القانون الذى أصدره الكنيست الإسرائيلى مؤخرا حول حظر نشاط وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فى الشرق الأدنى «أونروا».
قال جمال رشدي، المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، فى بيان صحفى أمس إن الرسالتين تضمنتا تحذيرا مفصلا من مخاطر تفويض عمل وكالة «الأونروا» فى الأراضى الفلسطينية مع الإشارة إلى أن القوانين الجديدة التى تبنتها دولة الاحتلال تهدد بانهيار كامل لمنظومة الاستجابة الإنسانية فى قطاع غزة، فى وقت يعيش فيه السكان على حافة المجاعة.
أضاف أنه جاء فى الرسالتين أن الجامعة العربية طالما اعتبرت «الأونروا» دعامة للاستقرار ليس فقط فى فلسطين، وإنما فى المنطقة بأسرها، وأن تفكيك الوكالة سيمثل ضربة قاصمة لكل من لا زال لديهم اقتناع بإمكانية إقامة السلام فى الشرق الأوسط، خاصة أن القوانين الأخيرة تعد خرقا لالتزامات إسرائيل الدولية كعضو فى الأمم المتحدة، بما يمثل سابقة خطيرة على الصعيد الدولي.
من جهته، اقترح مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل أن يعلق التكتل الحوار السياسى مع إسرائيل، وأرجع اقتراحه إلى تورطها فى انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان فى حرب غزة، وفق ما نقلت «رويترز» عن 4 دبلوماسيين.
وفى رسالة أرسلها بوريل إلى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى قبل اجتماعهم المقرر الاثنين المقبل، واطلعت عليها «رويترز»، أشار بوريل إلى «مخاوف جدية بشأن انتهاكات محتملة للقانون الإنسانى الدولى فى غزة». وقال: «حتى الآن، لم تتعامل إسرائيل مع هذه المخاوف بالشكل الكافي».
ويتطلب أى تعليق موافقة جميع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى السبع والعشرين، وهو أمر قال الدبلوماسيون إنه غير مرجح للغاية.
على صعيد آخر، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن هناك أدلة تشير إلى العديد من أعمال التهجير القسرى فى القطاع ما يرقى إلى جرائم حرب، وبحسب المنظمة الحقوقية فإن مزاعم إسرائيل بشأن النزوح القانونى فى قطاع غزة كاذبة بشكل كبير.
وأكد المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان أن قوات الاحتلال ارتكبت مجزرة طالت عشرات كانوا ينتظرون مساعدات شمال مدينة غزة.
وشدد على أن وضع شمال غزة بعد 41 يوما من الاجتياح الإسرائيلى أصبح كارثيا بشكل غير مسبوق، مطالبا بإنهاء جريمة الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى قطاع غزة.
وميدانيا، أفادت وزارة الصحة فى قطاع غزة، بارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على القطاع إلى 43 ألفا و736 شهيدا و103 آلاف و370 مصابا.
وقالت وزارة الصحة فى قطاع غزة إن الاحتلال ارتكب 3 مجازر فى القطاع خلال الساعات الـ24 الماضية وصل منها للمستشفيات 24 شهيدا و112 مصابا.وقتل قصف إسرائيلى 5 فلسطينيين فى مخيم المغازى وسط قطاع غزة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».
ولفتت الوكالة إلى أن غارة إسرائيلية أخرى أصابت عددا من الفلسطينيين بعد استهداف خيمة تؤوى نازحين فى منطقة المواصي، غرب خان يونس، جنوبى قطاع غزة.
على الصعيد الإنساني، يشهد قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة مع تدهور الوضع المعيشى للسكان نتيجة النقص الحاد فى المواد الغذائية والإمدادات الطبية، بسبب استمرار إغلاق المعابر الحدودية التى تمثل الشريان الأساسى لتدفق المساعدات. وأدى هذا الإغلاق إلى تفاقم المعاناة اليومية لمئات الآلاف من العائلات التى تعتمد بشكل أساسى على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتها الأساسية.
وتشير التقارير إلى أن المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية باتت تعانى من نقص حاد فى الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، ما يهدد حياة المرضي، خصوصا أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة أو بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة. بالإضافة إلى ذلك، يعانى القطاع من انقطاع شبه مستمر للتيار الكهربائي، ما يعوق تشغيل الأجهزة الحيوية ويزيد من تعقيد الخدمات الأساسية.
ومع مرور الوقت، تتضاعف معاناة الأطفال وكبار السن، الذين يعتبرون الأكثر تضررا من هذه الظروف القاسية. وتشير المنظمات الإنسانية الدولية إلى أن الأوضاع وصلت إلى مستويات كارثية تتطلب تحركا عاجلا من المجتمع الدولى لتأمين تدفق المساعدات والسماح بفتح المعابر لتخفيف حدة الأزمة.
فى الوقت نفسه، تحذر الهيئات الإنسانية من أن استمرار هذه الأوضاع قد يؤدى إلى عواقب وخيمة على الاستقرار الاجتماعى والصحى فى القطاع، حيث تتفاقم حالات سوء التغذية وتنتشر الأمراض بشكل أسرع بسبب نقص الرعاية الصحية والموارد الأساسية. ومع غياب حلول ملموسة، يواجه سكان غزة مستقبلا محفوفا بالمخاطر يتطلب تدخلات عاجلة لرفع المعاناة المستمرة.