كان أبوالطيب المتنبى الذى ولد بالكوفة عام 303هـ واحدا من الشعراء البارعين المفوهين، كان يعشق مجالسة السلاطين والملوك والأمراء فى حله وترحاله، وكان يمتدح هذا ويهجو ذلك بالعطايا وصرر الدنانير، أصابه الملل من هذا الدور وهو إلقاء الشعر فى مجالس الكبار وتلقف صرر الأموال والهدايا، أراد المتنبى أن يغير مساره متكئا على أبياته الشعرية، فحلم أن يتولى الإمارة وبدأ فى مغازلة سيف الدولة الحمدانى ليحقق له حلمه لكن الحمدانى عامله بقسوة وبدأ فى إبعاده عن مجالسه حيث صار عبئا ولم يعد ذلك الشاعر الذى يمتدح ويضحك السلطان، هنا تحول المدح الى ذم وتطور الذم الى هجاء، وتسبب الهجاء فى هروب المتنبى متخفيا إلى مصر التى كان يحكمها الرجل القوى كافور الإخشيدي، ووصل صاحبنا أبوالطيب المتنبى إلى أرض الكنانة ووصل إلى قصر الإخشيدى وعاد إلى مهمته الأساسية فى كتابة وإلقاء الشعر على مسامع السلاطين، نال الإخشيدى قدرا غير مسبوق من المدائح الشعرية التى نظمها المتنبي، لكن الشاعر الكبير لم ينس حلمه القديم فى تولى الإمارة فكان مشتاقا وبه لوعة وآن من لوعة المشتاقين الى السلطة والمناصب دون أن تتحقق! فقرر المتنبى الهروب من مصر ومغادرتها فكتب تلك القصيدة الشهيرة قبل مغادرته المحروسة بيوم واحد فقال».
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ
فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ
لَولا العُلى لَم تَجُب بى ما أَجوبُ بِها
وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ
وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفى مُضاجَعَةً
أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ
لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبى وَلا كَبِدي
شَيْئاً تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جيدُ
يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ فى كُؤوسِكُما
أَم فى كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ
كان المتنبى حزينا على ما آلت اليه أحلامه هو وليس أحلام الأمة كما كان يظن البعض، واندهش من استخدام البعض هذا الاستهلال الشعرى للمتنبى «بأية حال عدت يا عيد» ويحاول ممارسة الإسقاط السياسى وهو لا يدرى أصل الحكاية.