نحن الآن نقف على أرض صلبة صنعناها بأيدينا وتحملنا الكثير
فى سبيلها ونحصد ثمارها بأننا دولة مستقرة فى إقليم مضطرب
مخطط تهجير الفلسطينيين لم ينته.. لكن أمام قوة
وصلابة مصر وموقفها الحاسم يؤجلونه مضطرين
عندما يتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن التحديات التى تواجه مصر ويرصد ثلاثة تحديات يعتبرها الأهم خلال هذه الفترة فعلينا جميعا أن نتوقف أمامها وننشغل بها لأنها ليست مجرد تحديات عادية وإنما ترتبط باستقرار الدولة نفسها ومستقبلها، وبالتالى مستقبل المصريين.
التحديات التى تحدث عنها الرئيس تتمثل فى التهجير القسرى نحو مصر، ووجود خلايا إرهابية نائمة يمكن ان تحاول تنفيذ أى عمليات خلال الفترة المقبلة، ثم التحدى الداخلى.
التحديات الثلاثة تستحق بالفعل مناقشة جادة وعندما نناقش أولها وهو التهجير القسرى للفلسطينيين تجاه سيناء فلابد ان ندرك انه مخطط لم ينته ولم ولن يتراجع، فهو مرحلة تحاول إسرائيل ان تصل إليها بكل السبل تمهيدا لما بعدها، وفق مخططها، سيناء لم تسقط من حساباتهم، ولكنهم أمام قوة وصلابة مصر وموقفها الحاسم يؤجلونها مضطرين، ولو شعروا لحظة واحدة بأن مصر ضعيفة ولن تستطيع التصدى لهذا المخطط فلن يترددوا فى تنفيذه فوراً، وما حدث فى لبنان وسوريا أكبر دليل على ذلك، لكن الجيش المصرى وقوته الرادعة كلمة السر فى تخوفهم، وتحسبهم لأى خطوة، مع تطوير قدرات الجيش على مدى السنوات العشر الماضية أصبح قادرا على التصدى وحماية الأمن القومى والأرض المصرية، لكن الأهم فى قوة هذا الجيش هو الشعب المصرى نفسه، حصن الدولة وسلاحها القادر على قهر أى تحدٍ.. هذا الشعب ومساندته لقواته المسلحة وقيادته يجعل من يخططون لمصر يفكرون ألف مرة لأن الثمن سيكون غاليا، لذلك يفضلون ان تكون المواجهة مع مصر بعيدة عن الاشتباك العسكرى المباشر لأنها خاسرة لا محالة، ويلجأون إلى صناعة الفتن والأكاذيب ومحاولة استنزاف الدولة وتفكيكها داخليا بكسر العلاقة والثقة بين المواطن والدولة، ورغم يقظة المصريين وتنبههم لهذا الأسلوب يظل الخطر قائماً والحذر منه مطلوباً، والتأكيد على دعم الدولة ضرورة، لو تطلب الأمر الخروج لإعلان ذلك فى لحظة بعينها فسيكون هذا جزءاً من المواجهة الشعبيةالأزمة المهمة، لأن الرسالة يجب ان تصل بكل السبل، وإذا كانت صفحات «السوشيال» تعبر بحق عن وعى المصريين وتماسكهم خلف دولتهم وتصديهم للمخططات التى تستهدف الدولة، وهو ما أكد الرئيس أنه يطمئنه، لكننا نحتاج أيضاً ان يستمر هذا ويزيد الوعى لأن الخطر قائم ويزداد.
التحدى الثانى الذى نبَّه إليه الرئيس السيسى هو «الخلايا النائمة» التى يمكن ان تحاول تنفيذ بعض العمليات الإرهابية خلال الفترة المقبلة، فالوضع بالمنطقة والأزمة السورية وقبلها الفلسطينية واللبنانية تجعل الأجواء مهيأة لظهور هذه الخلايا، فى العديد من الدول وبالطبع فى مقدمة الدول التى يستهدفون التوجه إليها مصر.
بالتأكيد الأمر يحتاج يقظة وحسماً فى المواجهة، وهو ما يقع على عاتق الجيش والشرطة المصرية، وهما قادران على هذه المهمة، وحماية أمن مصر وحدودها بكفاءة واحترافية، المؤسستان تمتلكان القوة والقدرة على التصدى للإرهاب أياً كان، وفى الوقت نفسه كافة مؤسسات الدولة تعمل فى المواجهة بجهد كبير، الرئيس تحدث عن الدور المهم الذى يقوم به الأزهر والأوقاف فى مواجهة أصل البلاء فى الإرهاب وهو دحض الخطاب المتطرف، والثقافة أيضاً لها دور والإعلام يساهم بشكل كبير فى المواجهة، وفى الوقت نفسه هناك تنسيق وتعاون بين الدولة المصرية والدول الصديقة للمواجهة وتجفيف منابع الإرهاب ومصادر تمويله.
كل هذا يؤكد أن الدولة تتخذ خطوات استباقية وبرؤية شاملة ونتحرك بتنسيق وتكامل بين كافة الأجهزة للتصدى للخطر ولا تنتظر وقوعه، لكن أيضا الأمر يحتاج تجديد الوعى والتأكيد على الخطر خاصة فى ظل اعتماد التنظيمات الإرهابية على استهداف العقل وتشويهه ومحاولة الوقيعة بين الشعب ومؤسساته الوطنية وفى مقدمتها الجيش والشرطة مما يستدعى الحذر.
تجربتنا السابقة أكدت نجاحنا الكبير فى القضاء على الإرهاب واستئصال جذوره، وكان هذا بتضحيات غالية لرجال الجيش والشرطة وبفضل الدعم الشعبى الكبير للدولة التى تحملت الكثير فى سبيل المواجهة وتطهير الوطن من هذا الخطر، ولهذا ليس مقبولا ان نعيد الكرة مرة أخرى، ولن تسمح الدولة بوجود أصحاب الأفكار المتطرفة والتكفيريين أومنحهم مساحة مجتمعية لينفثوا سمومهم ويتلاعبوا بالعقول، ولن تسمح بالتهاون فى مواجهتهم، الجيش والشرطة يقومون بواجبهم ويتحملون مهمتهم بكل قوة، لكن الدعم الشعبى يظل أساساً وضرورة حفاظا على دولتهم واستقرارها.
ارتباطا بهذا يأتى الحديث عن الدولة الوطنية التى تتعرض الآن بالفعل لخطر حقيقى، الدولة الوطنية تعنى الانتماء من الجميع للعلم مهما اختلفت دياناتهم وانتماءاتهم الطائفية والسياسية والعرقية، وان تعمل المؤسسات فى إطار الدولة وليس الجماعة أو التنظيم أو التوجه السياسى، هذه الدولة الوطنية مستهدفة وخاصة مؤسساتها الحامية، سقوط للدولة الوطنية يتم عندما يسقط جيشها.
التاريخ يقول إنه لم تستطع دولة البقاء بعد ان سقط أو انهار جيشها، ولذلك تظل الجيوش الوطنية هى الملاذ والمدافع عن كيان الدولة وتماسكها، وتظل الشرطة أيضا ركناً أساسياً فى الاستقرار وثبات الدولة، وهذا يفسر لنا ما يحدث من استهداف واضح للمؤسستين طوال الفترة الماضية، فالهدف هو إسقاط الدولة، ولن يحدث هذا إلا إذا سقط الجيش أو انفك عقده وضعف تماسكه ووحدته، وترهلت الداخلية، وعندما نتابع حجم الشائعات والأكاذيب التى يتم نسجها وترويجها حول المؤسستين تحديدا سندرك مدى خطورة المخطط، وما يتم رصده من شائعات حول الجيش فى الفترة الأخيرة بهدف الفتنة الداخلية أو بينه وبين الشعب يؤكد أن الأمر محسوب ومخطط من المتربصين بمصر.
بالتأكيد لا خوف على جيش مصر وشرطتها فهما الآن فى أقوى حالتهما، فعلى مدى عشر سنوات كان التوجه لدى القيادة السياسية ان الجيش لابد من تطوير قدراته ليمتلك أحدث الأسلحة والامكانات لأداء مهمته المقدسة، وبالفعل تم التطوير بشكل غير مسبوق حتى أصبح الجيش رقما صعبا فى معادلة المنطقة بالكامل، تسليحا وتدريبا قتاليا وجاهزية وقدرة ردع، كما امتلكت الشرطة أحدث المقومات لدعمها فى مهمتها، وطوال السنوات الماضية كان المستهدف من المتربصين بالدولة المصرية والراغبين فى اسقاطها هو الزج بالجيش فى معارك استنزاف، وحروب تدميرية إسرائيل، وعندما لم ينجحوا مارسوا محاولات الفتنة الداخلية وفشلت أيضا، الآن الأمور واضحة ونشر أكاذيب للتشويه والإساءة للجيش، وهنا يأتى الرهان مجددا على الشعب الذى يحمى مؤسسات بلده، ويدافع عن جيشه وشرطته بوعيه وادراكه ووطنيته.
بالطبع كل ما سبق ليس هدفه بث رعب فى قلوب المواطنين، وليس خوفًا من الخطر، فالدولة المصرية تمتلك القوة الكبيرة والقدرة المميزة على مواجهة التحديات وكل المخاطر المحتملة، الدولة جاهزة تماما لكل السيناريوهات وبفضل الله ثم الرؤية المبكرة للقيادة السياسية لما يمكن ان يتعرض له الأمن القومى المصرى والعربى، كان التحرك السريع لامتلاك عناصر القوة التى تحمى الدولة وتدافع عن مقدراتها، ولهذا فنحن الآن نقف على أرض صلبة صنعناها بأيدينا، تحملنا بسببها الكثير ونحصد الآن الثمار بأننا دولة مستقرة فى إقليم مضطرب، دولة قادرة فى ظل هذا الاستهداف غير المسبوق ان تحمى حدودها وتفرض خطوطها الحمراء على الجميع، دولة تدير أمورها بشكل علمى يعتمد على التخطيط الإستراتيجى والمعلوماتية، من يزر مركز القيادة الإستراتيجية بالعاصمة الإدارية يستطع ان يطمئن أكثر لأنه سيعرف كيف تدير الدولة الملفات والأزمات وتتعامل مع كل التحديات بأسلوب عصرى وعلمى، وكل سيناريو محسوب، وإذا كان الرئيس الراحل السادات قال بعد نصر أكتوبر إن الشعب المصرى الآن من حقه ان يطمئن ويأمن بعد خوف أنه أصبح له درع وسيف، فنستطيع أن نقول الآن إن الشعب المصرى من حقه ان يطمئن ويأمن ان لديه دولة تمتلك كل عناصر القوة والقدرة العصرية، وهذا كــان جــزءاً من رســائل الطمأنـــة التــى أكـدها الرئيــس عبدالفتاح السيسى خلال لقائه المهم مع عدد من رؤساء التحرير والإعلاميين، كانت رسائل كلها تؤكد وعى الدولة بحجم المخاطر وجاهزيتها للتصدى والمواجهة، وكذلك التأكيد على ثوابت الدولة التى لم ولن تتغير، الرسائل الرئاسية الحاسمة التى كانت موجهة للداخل، اطمئنوا دولتكم قوية وقادرة على حماية أمنكم ومقدراتكم، ورسائل للخارج، إن مصر لن تسمح بالمساس بأمنها القومى أو الاقتراب من حدودها واستقرارها، فمصر دولة سلام تبحث عن انهاء الصراعات والتعاون من أجل التنمية وليس الحروب، لكن فى الوقت نفسه تمتلك ما يجعلها تردع كل من يفكر فى التأثير على أمنها، أو مصالحها ومقدراتها
هذه الرسائل عندما تكون من رئيس دولة بشخصية وثقافة ورؤية الرئيس السيسى وفى هذا التوقيت تحديدا فهى بمثابة خطوط واضحة وتعبير عن واقع حقيقى لمصر، التى اختلفت تماما واستعادت قدراتها، ولكن كما قال الرئيس فأول وأهم عناصر هذه القدرة صلابة الشعب وتماسكه، وإذا كان شعب الدولة هو من يحدد مصيرها، يبنيها أو يهدمها فإن الشعب المصرى شعب بناء، لا يفرط فى دولته ولا يتهاون فى الدفاع عنها حتى لو بحياته، والسنوات العشر الماضية أكدت أن معدن المصريين يظهر فى أوقات الخطر والمحن ولذلك فلا خوف على مصر، نعم مطلوب أن نكون حذيرين ومتيقظين للمخطط، وعلى وعى بما يحدث من اكاذيب وفتن لكن لا نخاف لأن مصر قوية وقادرة.