الكلام عن أن الرئيس الأمريكى الجديد سيوقف الحرب فى غزة ولبنان كلام غريب لا يتوافق مع الواقع ولا مع طبيعة ترامب ولا مع المنهج الغربى والإسرائيلى فى التراجع عن هدف ما.
أما عدم توافق هذا الكلام مع الواقع فإن الرئيس الأمريكى الجديد سيتسلم مهام عمله فى عشرين يناير يعنى بعد قرابة ثلاثة شهور من الآن فى وقت تواجه غزة شمالاً وجنوبًا ووسطًا جوعًا وعطشا ونقصًا فى كل شيء من شأنه مع الإبادة اليومية من قبل الآلة الإسرائيلية أن يصل بالقطاع إلى الانهيار التام. وما تعلن منظمة الأونروا صباح مساء من الخطر الذى يواجه الفلسطينيين المتمثل فى الموت جوعاً وعطشا ومرضا لا يخفى على أحد وما أعلنته إسرائيل من حظر عمل الأونروا يؤكد على مضيها فى تفريغ القطاع بالموت أو الطرد.
فإذا اخذنا فى الاعتبار النقص الواضح فى الأسلحة وربما الرجال لدى المقاومة التى لم تعد تستخدم ما كانت تستخدمه فى الماضى من طائرات مسيرة وصواريخ وغيرها مما كانت تملكه وتصنعه فإن علينا أن نقر بأن إسرائيل ماضية فى مخططها غير عابئة بأحد.
أما عدم توافقه مع طبيعة ترامب فترامب هو الذى أعطى إسرائيل بسخاء وعلانية ودون تغليف لعطائه بمصطلحات سياسية خادعة فهو الذى أعلن عن صفقة القرن التى لا تجعل للفلسطينيين دولة حقيقية فى أرضهم وهو الذى نفذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وهو الذى أقر بضم الجولان إلى إسرائيل وهو الذى أعلن أن إسرائيل دولة صغيرة على الخريطة ولا بد أن تكبر أى تتوسع على حساب من حولها وهو الذى دعا نتنياهو إلى الإسراع فى تنفيذ المهمة لأن إسرائيل تخسر فى العلاقات العامة أى أن وقف الحرب بالنسبة له هو العمل على الإسراع فى الاجهاز على الفلسطينيين وأرغام اللبنانيين بالتراجع إلى حيث يريد الإسرائيليون وقبول شروط أمريكا وإسرائيل والفصل بين المقاومة اللبنانية والفلسطينية بل وإلزام كثير من الدول العربية بالتطبيع مع إسرائيل وغير ذلك مما شأنه أن تتغول إسرائيل على الشرق الأوسط كله.
أما عدم توافقه مع المنهج الغربى الإسرائيلى فيتمثل فى أن إسرائيل لا تتراجع عن اعتدائها إلا إذا واجهت إيذاء يردعها وخوفاً من قوة المعتدى وخسارة فى البشر عسكريين ومدنيين وحصار لمصالحها لأنها تؤمن بأن من حقها ومن وسائل تقربها إلى خالقها يتمثل فى إبادة غير اليهود أو استبعادهم وتغرس ذلك فى نفوس أبنائها فى المدارس وكل وسائل التنشئة فغير اليهود لا يستحقون المعاملة كبشر وهو نفس الثقافة الغربية فى التعامل مع غير الغربيين.
بالتالى فعلى العالم الذى يسعى لوقف الحرب أن يبحث عن آليات جديدة تقنع المعتدى بأن من مصلحته وقف الحرب وإلا فإن خسارته لن تتوقف وأن اعداءه لا يعبأون بإطالة الحرب أيضاً أما الامل فى ترامب وأنه سيوقف الحرب لأنه لا يريد حرباً كما يقول فلا يعنى ايقاف الحرب وإنما معناه استخدام الضربة القاضية والانتصار الحاسم الذى يتحدث عنه نتنياهو.