لا تعكس العضوية الحالية فى المجلس التوازن العالمى
عجز مجلس الأمن الدولى الأربعاء، عن تمرير مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار فى غزة ورفع القيود عن المساعدات الإنسانية، نتيجة استخدام الولايات المتحدة حق النقض.
مشروع القرار الإنسانى الذى تقدمت مجموعة الدول العشر غير دائمة العضوية فى مجلس الامن(E10)، ويطالب بالوقف الفورى وغير المشروط لاطلاق نار دائم فى غزة من قبل جميع الأطراف وإطلاق السراح الفورى والكريم وغير المشروط لجميع الرهائن المحتجزين لدى حماس والمجموعات الفلسطينية الأخرى والرفع الفورى وغيرالمشروط لكافة القيود المفروضة على دخول المعونات الإنسانية الى غزة، وتأمين وصولها وتوزيعها الآمن دون أية عراقيل، وبكميات كبيرة بما فيها تلك التى توفرها الأمم المتحدة وشركاؤها، فى جميع أنحاء غزة، بالإضافة الى استعادة الخدمات الأساسية تمشيا مع القانون الإنسانى الدولى والمبادئ الإنسانية والحيادية وعدم التحيز والاستقلالية ووفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
كانت الجزائر ــ من بين الدول العشر غير دائمة العضوية بالمجلس ــ قد تفاوضت مع البعثة والمندوبة الأمريكية دوروثى شيه وعرضت تقديم تنازلات واحدة تلو الأخرى لا تغير المضمون، فعرضت مثلا التخفيف من شدة لغة القرار، كاستخدام مفردة المناشدة بدلا من المطالبة, واختصار القرار بفقرة إجرائية واحدة، للحصول على موافقة أمريكية بتمرير مشروع القرار إما بالامتناع عن التصويت أوالتصويت لصالحه، ولكنها فشلت فى إقناع واشنطن، لهذا قررت مجموعة الدول العشر إبقاء مشروع القرار كما هو وبلغته القوية التى تطالب ولا تناشد وعرضته للتصويت، لكن الفيتو الأمريكى كان بالانتظار.
جاء التصويت على المشروع بتأييد 14 دولة، بينما عارضته الولايات المتحدة وحدها, وبررت واشنطن موقفها بأن مشروع القرار يعرقل الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل للنزاع.. وأكدت المندوبة الأمريكية دوروثى شيا أن لغة القرار غير متوازنة ويخلق مساواة زائفة بين إسرائيل وحماس ويشجع الأخيرة على الاستمرار، معتبرة أن الحل يجب أن يعكس الواقع الميدانى واعتبر السفير الإسرائيلى دانى دانون أن مشروع القرار يضر بجهود إدخال المساعدات ويتجاهل الخطر الذى تشكله حماس، زاعما أن الطرف الوحيد الذى يعرض المدنيين الفلسطينيين للخطر هو حماس.
هذا أول تصويت يجريه المجلس بشأن حرب غزة منذ نوفمبر الماضى، حين عطلت واشنطن مشروع قرار مشابه فى عهد الرئيس السابق جو بايدن. أما آخر قرار صدر عن المجلس فكان فى يونيو 2024، حين تبنى خطة أمريكية تدعو إلى وقف إطلاق نار تدريجى وإطلاق سراح رهائن إسرائيليين، لتتحقق الهدنة مؤقتا فى يناير 2025.
استخدمت واشنطن حق النقض «الفيتو» فى مجلس الأمن 42 مرة ضد قرارات تدين إسرائيل. من بين 83 مرة استخدمت فيها «الفيتو»، و استخدمت واشنطن «الفيتو» 34 مرة ضد قرارات تساند حق الشعب الفلسطينى. هذا يعنى أن الولايات المتحدة استخدمت «الفيتو» بشكل رئيسى لحماية ومنع إدانة حليفتها إسرائيل.
يظل الفيتو من وجهة نظرى هو الآفة الكبرى فى مجلس الأمن حيث يمتلكه الأعضاء الخمسة الدائمون فى المجلس «الصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة» ويمنحهم القدرة على عرقلة أى قرار يصدر من المجلس، حتى لو كان هناك توافق عام بين الأعضاء الآخرين وهذا يمنع المجلس من اتخاذ إجراءات فعالة فى العديد من الأزمات، خاصة عندما تكون الدول دائمة العضوية طرفًا فى النزاع واستخدم الفيتو منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، عدد 293 مرة فاستخدمه الاتحاد السوفيتى ووريثته روسيا 143 مرة، والولايات المتحدة 83 مرة وبريطانيا 32 مرة و فرنسا 18 مرة، بينما استخدمته الصين 16 مرة.
معضلة أخرى تواجه مجلس الأمن تتمثل فى أن عدد الأعضاء الحاليين «الخمسة عشر» لا يتناسب مع التمثيل العادل للدول فى المجتمع الدولى، حيث لا تعكس العضوية الحالية فى المجلس التوازن العالمى فى القوى السياسية والاقتصادية هذا يؤدى إلى شعور بالظلم وعدم الشرعية لدى بعض الدول وهنا أتذكر ما قالته المندوبة الأمريكية فى مجلس الأمن «دوروثى شيا»وكأنه نكنة سياسية عندما بررت استخدام الفيتو ضد القرار الأخير لأنه «يخلق مساواة زائفة بين إسرائيل وحماس ويشجع الحركة على الاستمرار»، معتبرة أن الحل يجب أن يعكس الواقع الميدانى.. وكأنها «دوروثى شيا» تبحث عن العدل فى التمثيل, لكن لاغضاضة لديها من إفشال قرار دولى إنسانى قد يوقف مأساة إنسانية يبكى منها ضمير العالم.