تدرك القناة الوثائقية المصرية حجم التنوع الثقافى فى المجتمع المصري، ولذلك قدمت للمشاهد فى مصر والعالم الفيلم الوثائقى «يونانى مصري» وهو واحد من أجمل الأفلام التى تؤرخ للجالية اليونانية فى مصر، وهى جالية عريقة اختارت أن تعيش فى مصر منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اليوم، اندمجت فى المجتمع وأصبحت جزءًا من تاريخه فى القاهرة والإسكندرية والمنصورة وسيناء والصعيد، ومعروف أن دير سانت كاترين بسيناء يتمتع بالرعاية الروحية للجالية اليونانية بالإضافة إلى المستشفى اليونانى بالعباسية وعشرات الكنائس والمدارس.
الفيلم من إخراج د. يسر فلوكس وسيناريو حسن الزوام ويبدأ بصوت الماندولين اليونانى الشهير كما سمعناه فى فيلم «زوربا اليوناني» ويتحدث الراوى باللغة العربية فى الفيلم عن حياته فى مصر وهو الخبير السياحى المصرى اليونانى الأصل أندريا روسوس وقد درس بكلية السياحة والفنادق وأقام العديد من المشروعات الناجحة وهو يرفض الهجرة من مصر ويقول إنه ابن لحضارتين عظيمتين هما الحضارة المصرية والحضارة اليونانية وهما من أقدم حضارات العالم، ويؤكد أن الوطن هو مكان ما ينتظم نبض القلب، وقد ولد أندريا فى الدقى وتعلم بالمدرسة اليونانية فى القاهرة وعاش فى شارع سليمان الحلبى وافتتح مشروعاته السياحية فى الإسكندرية وهكذا.
يتحدث فى الفيلم عدد كبير من اليونانيين فى مصر من كافة الأجيال حتى المقيمين فى دار المسنين التابعة للمستشفى اليونانى بالعباسية تحدثوا فى الفيلم وقالوا إن المصريين شعب طيب ومضياف ويحب مساعدة الآخرين دائمًا، كذلك تحدث فى الفيلم رئيس الجمعية اليونانية بالقاهرة أندريه ڤافياديس، وتحدث أيضًا خريستو كافاليس الذى قال إن اليونانيين يعيشون مع المصريين فى كافة المناطق والأحياء وليس لهم أماكن تجمع معينة وان كانوا يرتبطون بوسط البلد حيث القاهرة الخديوية، ويقع النادى اليونانى فى ميدان طلعت حرب وقد تأسس عام 1893.
وأكد ينى خرينوديس رئيس المركز الثقافى اليونانى بالقاهرة أن النشاط الثقافى والفنى كان له الدور الكبير فى نجاح اندماج الجالية اليونانية فى المجتمع المصرى خاصة فى مجال العمل بالسينما، حيث قاموا بتأسيس ستوديو الأهرام، وفى تاريخ الثقافة اليونانية يوجد ما يسمى بالمرحلة المصرية فى السينما خلال خمسينيات القرن العشرين مع المخرج توجو مزراحى مكتشف ليلى مراد، ومدير التصوير ألفيزى أورفانيللى والمممثل جورج يوردانيدس الذى ظهر فى عشرات الأفلام مع فريد شوقى ومحمود المليجى وتحية كاريوكا وكذلك ظهرت الراقصة كيتى والموسيقار الكبير أندريا رايدر واضع الموسيقى التصويرية للفيلم الشهير «دعاء الكروان» وعشرات الأفلام الأخري، بالإضافة إلى المطرب المعروف ديميس روسوس الذى عاش بالإسكندرية وكذلك الشاعر العظيم كفافيس والذى تحول منزله بالإسكندرية إلى متحف.
تستحق «الوثائقية المصرية» التحية لقيامها بدور كبير فى حفظ ذاكرة المجتمع المصرى والتوثيق لتاريخ وحياة أبنائه عبر العصور.