بعد السقوط المفاجئ للنظام السورى المتآكل من الداخل، دخلت الدولة الوطنية السورية فى نفق مظلم بفعل عوامل معظمها داخلية يقودها السوريون أنفسهم بمساعدة أطراف إقليمية ودولية لها مصالح داخل سوريا، فأبناء الشعب السورى انتصروا لطوائفهم وانتماءاتهم الأيديولوجية على حساب الوطن والدولة، فأبناء الطائفة الشيعية والعلوية مدوا أياديهم لإيران وحزب الله لنصرتهم ونجدتهم، وأبناء الطائفة الدرزية مدوا أياديهم لإسرائيل، أما الطائفة السنية فمدت أياديها إلى دول وتنظيمات عربية وأخرى غير عربية لنصرتها على العدو الشيعي! تحوَّلت مدن حلب وإدلب وحماة إلى ما يشبه دولة داخل الدولة مثلما هو الحال فى محافظات الشمال السورى الذى يديره الأكراد.
الخلاصة ودون الدخول فى تفاصيل منهكة فإن ما جرى فى سوريا هو نتاج ما صنعه أبناء سوريا، حيث تحرك الشعب فى 2011 طالبا التغيير- وهذا حق يراد به باطل- وتم عسكرة الثورة السورية وإنشاء جيش مواز تحت اسم الجيش السورى الحر، نخرج من سوريا ونحاول ان نقرأ قليلا فى دفتر «الماورائيات المزيفة».
فوسط هذه الصراعات والحروب التى تبدو مترابطة وفق نسق هندسى محكم التخطيط لكنه خفى مختبئ خلف تلك الكتل الضبابية المصطنعة أمام أعيننا، وسط كل هذا وجب علينا أن نفكر بشكل مختلف فى أسباب ومسببات ما يدور حولنا وبيننا وهل حقا نحن المستهدفين من كل ما يجري؟
حاولت أن أسبح بعيدا عن المياه الضحلة والهادئة والمريحة، فمصارعة الأمواج والأعاصير قد تجعلنا أكثر حنكة فى فهم لغة البحار شديدة التعقيد، بعيدا عن تفسيرات وتأويلات البعض بأن إسرائيل ومن خلفها أمريكا يديرون العالم ويشعلان الأزمات والحرائق والحروب فى منطقتنا العربية! وهنا أتساءل وماذا عن منطقة الساحل الأفريقى ومنطقة الهند وباسيفك وشرق أوروبا؟ من يدير الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين فى الولايات المتحدة؟ ومن الذى أخرج ترامب من البيت الأبيض وحاصره وقطع عنه كل الاتصالات مع كافة منصات التواصل الاجتماعى والسياسى ثم أعاده بعد أربع سنوات؟ من الذى صعد بهذا الرجل الذى فقد أو كاد يفقد ذاكرته إلى حكم الولايات المتحدة خلال أربع سنوات هى للأسوأ فى تاريخ الولايات المتحدة؟ من الذى جعل أمريكا وقادتها ذليلة أمام نتنياهو وحكومته العنصرية؟ من الذى جعل الاقتصاد العالمى يصل إلى حافة الهاوية مترنحا على أنغام الرأسمالية المتوحشة والليبرالية الجديدة؟ من الذى حوَّل الذكاء الاصطناعى إلى قنبلة العصر التكنولوجية والتى ستصل خطورتها إلى آفاق لم يسمع لها البشر من قبل؟ من الذى يدير البورصات العالمية ومن يتحكم فى أسعار النفط والغاز؟ من الذى قرر دخول روسيا وأوكرانيا الحرب ولماذا لم يسمح بحسمها على مدار ثلاثة أعوام تقريبا؟ من الذى صنع داعش ومن قبلها القاعدة ومن قبلهم الإخوان المسلمين؟ من الذى خطط ودبر ما يسمى بالربيع العربى وما الذى صعّد الإخوان على عرش مصر؟ من الذى أشعل حرب غزة الحالية ومن بعدها حرب لبنان ثم إسقاط سوريا؟ ومن الذى وسّع دوائر الصراع لتصل إلى خنق الملاحة العالمية عبر قناة السويس؟ من الذى حاصر إيران وجعلها تقرر ألا تدخل فى الصراع الدائر إلا بشكل هامشى ذراً للرماد؟ من الذى يفعل كل هذا ويتحكم فى تفاصيل كل هذا؟؟
أمامنا خيارات محدودة ولكل وجاهتها فى الإجابة عن كل ماسبق من تساؤلات:-
– كل هذه الاسئلة فى غير محلها ولن تقودنا الإجابة عنها إلا إلى مزيد من الغموض المغلف بغموض والموجود فى مكان اشد غموضا.
– هذه الأسئلة والتساؤلات ما هى إلا محاولة للربط المخل بين زوايا متنافرة وبعيدة ولا يربطها رابط.
– هذه الاسئلة تصنع سياقا لتأكيد أوهام نظرية المؤامرة التى تحكم الكون.
– هذه الاسئلة ضرورية لفهم ما يدور حيث إن هناك من يخطط ويحكم هذا العالم بشكل غير بعيد عن حكامه المباشرين- كل هذه الأمور تحتمل النقاش والجدل والاتفاق والاختلاف، لكن عندما نقرأ ونعرف ونفهم ونربط ونحلل أفكار الماسونية والصهيونية ونستزيد بمعرفة تفاصيل «النادى البوهيمي» الذى أنشيء عام 1872 ولا يضم فى عضويته إلا ثلة من الأثرياء والفنانين وكبار السياسيين فى العالم وتفاصيل عديدة مرعبة عن هذا النادى وأندية أخرى كثيرة، والسؤال المهم والمفصلى هل يدار العالم من هذا المكان؟