بعيداً عن هذا الكم الهائل من التفاصيل التى تحجب عنا الرؤية فلا نرى أبعد من تحت أقدامنا ومن ثم تضيع العناوين الكبرى فيما يجرى حولنا، فتفاصيل ما جرى ويجرى ومن فعل ماذا وكيف فعله ولحساب من وما هى الخطوات التالية كل هذه تفاصيل لا قيمة لها ولا وزن فى المعادلة الفاعلة، وهنا وحتى لا تتوه الخطوط الفاصلة أعيد واذكر نفسى والقارئ الكريم بما جرى سريعاً حتى اللحظة، البداية كانت فى السابع من أكتوبر والهجوم الحمساوى على إسرائيل، بعدها ردت إسرائيل بإعلان غزة منطقة غير صالحة للحياة وقتل قادة حماس وعلى رأسهم السنوار ورفاقه، ثم تحويل حماس إلى رجل بعيد على كرسى متحرك.
اليوم التالى لغزة كان جنوب لبنان حيث قامت إسرائيل بضرب الحزب فى أعز ما يملك وهو أمينه العام السيد حسن نصرالله ورفاقه انتهت أسطورة الحزب بتوقيع اتفاق الهدنة حيث تم وضع الحزب على جهاز التنفس الصناعى والريموت فى أيدى إسرائيل وتم فى نفس الضربة تحييد إيران بشكل ملزم، فى التالى للبنان ارسل نتنياهو كلمة السر إلى الجولانى ورفاقه بإعلان النفير العام لاسقاط الأسد والزحف إلى دمشق، الترتيبات والاتفاقات كانت معدة سلفا بين كافة الأطراف الإقليمية الفاعلة والتى كانت قد وضعت الجولانى وجماعته فى حالة انتظار منذ سنوات، الخلاصة سقطت سوريا وليس الأسد.
هنا سنسأل ثم ماذا بعد؟ أقول علينا استدعاء المشهد العراقى بعد سقوط بغداد تحطيم تماثيل صدام وقد حطم السوريون تماثيل آل الأسد، اقتحام القصور والمؤسسات ونهب محتوياتها وتصويرها وبثها أمام الجماهير لتحقيق الأهداف النفسية الموضوعة، نفس المشهد والذى سينتهى بالبحث عن شخصية مدنية مثل أحمد الجلبى وسيتم حل الجيش السورى وإحلال الميليشيات محله، وستصبح سوريا ساحة لتصفية الحسابات مع حزب الله وروافده الشيعية فى سوريا والعراق ولبنان، ستجمع الشيعة لمواجهة السنة وسينضم مساجين القاعدة وداعش إلى المعركة الطويلة مع الشيعة، وستتحول منطقة الشام والعراق إلى ساحة الحرب الطائفية التى لن يستطيع أحد ايقافها مهما كانت قوته.
على الجانب الآخر ستقوم تركيا بمحاولة ضرب قوات سوريا الديمقراطية وتطويقها فى شمال سوريا وقطع أذرعها العسكرية والقضاء على الحلم الكردى بأيادى الجولانى وصحبه من الإرهابيين، فنحن الآن نعيش حالة السكرة ثم أيام قليلة ونعيش فى جو الفكرة، والفكرة هنا هى من المستفيد مما جري؟ ستكون الإجابة النموذجية هى إسرائيل وربما تركيا مرحليا، لكن الخاسرين كثر، سوريا الخاسر الأكبر وبعدها إيران وقبلها فلسطين ولبنان وبالطبع العراق ليس بعيداً عما يجري، سقط الجيش العراقى بعد حله بمعرفة الأمريكان وسقطت جيوش ثمانى دول عربية واليوم تسقط أمام أعيننا الدامعة – على سوريا وليس على الأسد- وهذا هو ما أعلنه نتنياهو بترتيبات الشرق الأوسط الجديد كما يحلو له تسميته.