لماذا وافقت إسرائيل الآن على وقف إطلاق النار فى لبنان؟.. سؤال يفرض نفسه خاصة بعد مرور أكثر من عام على تبادل القصف مع حزب الله وبعد مرور أكثر من أربعين يومًا على توغلها البرى فى جنوب لبنان.. الإجابة ببساطة شديدة هو فشل إسرائيل فى تحقيق أهدافها لأنها كانت تعتقد أنه بعد نجاحها فى تفجيرات «البيجر» واغتيال قيادات حزب الله وعلى رأسهم حسن نصرالله سيضعف هذا الحزب وينهار ويصبح التوغل البرى فى الجنوب اللبنانى مجرد نزهة فإذا بها تكتشف أن هجمات حزب الله بعد اغتيال قياداته صارت أكثر قوة وأشد ضراوة وصواريخه وصلت إلى عمق إسرائيل.
نعم.. إسرائيل فشلت فى تحقيق أهدافها.. فشلت فى تدمير قدرات حزب الله الصاروخية التى أصابتها بالرعب بعد أن نفّذ الحزب الاحد الماضى أكبر عدد من عملياته العسكرية فى يوم واحد حيث أطلق أكثر من مائتى صاروخ وعدد من المسيرات أصابت العديد من الأهداف العسكرية ووصلت إلى تل أبيب ودفعت سكان هذا الكيان إلى الاختباء تحت الأرض وظلت صافرات الإنذار تدوى.. كما واجه جيش الاحتلال مقاومة شرسة عند توغله البرى فى جنوب لبنان.
على هذا الأساس يعتبر وقف النار بالنسبة لإسرائيل اتفاقًا بطعم الهزيمة بعد فشلها فى وقف هجمات حزب الله رغم تفوقها العسكرى كما فشلت فى إعادة سكان مستوطنات الشمال بالقوة وفشل توغلها البرى حيث ينص اتفاق وقف النار على انسحاب قوات الاحتلال من كافة الأراضى اللبنانية خلال ستين يوما مقابل التزام كل طرف بعدم القيام بأى عمل عسكرى ضد الطرف الأخر فهل يصمد هذا الاتفاق؟.. وبمعنى آخر هل يتخلى حزب الله عن دوره الذى تبناه بعد عملية «طوفان الأقصي»؟.. أم أن هذا الاتفاق مرهون باتفاق آخر لوقف النار فى غزة فى غضون شهرين حسب ما يتردد وهو موعد تولى ترامب زمام السلطة فى أمريكا؟.
لقد أعلن حزب الله فى بيان عقب سريان وقف النار أنه سيبقى ملتزما بمسيرته النضالية ضد دولة الاحتلال رغم دخول اتفاق وقف النار حيث التنفيذ استجابة لتوجيهات قيادات الحزب وعلى رأسها الأمين العام نعيم قاسم وأن المقاومة ستتابع تحركات وانسحابات قوات الاحتلال إلى ما خلف الحدود وأن أيدى رجال المقاومة ستبقى على الزناد دفاعًا عن سيادة لبنان وفى سبيل رفعة وكرامة شعبه كما تعهد الحزب فى بيانه بالوقوف إلى جانب المظلومين والمستضعفين فى فلسطين .
إن نجاح اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحزب الله مرهون بأمرين لا ثالث لهما الأول عدم حدوث انتهاكات خطيرة لوقف النار خلال مدة الستين يوما والأمر الثانى هو التوصل لوقف النار فى غزة خلال الشهرين المقبلين وفيما عدا ذلك لن يصمد وقف النار فى لبنان طويلاً وسيصبح الخطر قائمًا والقصف مستمرًا.