منذ قرن مضى من الزمان وتحديداً فى عام 1952، وقف الزعيم السورى الدرزى الكبير فوق جبل حوران أو جبل السويداء أو جبل العرب يلهب مشاعر الجماهير بكلماته النارية يستنهض هممهم ويلهب مشاعرهم الوطنية للخروج ثائرين ضد المستعمر الفرنسي، كانت المنطقة مشتعلة والتنافس الفرنسى الإنجليزى على تقسيم الإرث العثمانى على أشده، وكان الشعور الوطنى والقومى والعروبى أيضاً على أشده، صرخ الرجل فى الجماهير قائلاً “هذا يوم انتباه الأمم والشعوب. فلننهض من رقادنا ولنبدد ظلام التحكم الأجنبى عن سماء بلادنا، لقد مضى علينا عشرات السنين ونحن نجاهد فى سبيل الحرية والاستقلال، فلنستأنف جهادنا المشروع بالسيف بعد أن سكت القلم، ولا يضيع حق وراءه مطالب”.
>>>
أيها السوريون، لقد أثبتت التجارب أن الحق يؤخذ ولا يعطي، فلنأخذ حقنا بحد السيوف، ولنطلب الموت توهب لنا الحياة، أيها العرب السوريون، تذكروا أجدادكم وتاريخكم وشهداءكم وشرفكم القومي. تذكروا أن يد الله مع الجماعة، وأن إرادة الشعب من إرادة الله، وأن الأمم المتحدة الناهضة لا تنالها يد البغي، لقد نهب المستعمرون أموالنا، واستأثروا بمنافع بلادنا، وأقاموا الحواجز الضارة بين وطننا الواحد، وقسمونا إلى شعوب وطوائف ودويلات، وحالوا بيننا وبين حرية الدين والفكر والضمير، وحرية التجارة والسفر، حتى فى بلادنا وأقاليمنا.
إلى السلاح أيها الوطنيون، إلى السلاح، تحقيقاً لأمانى البلاد المقدسة. إلى السلاح تأييداً لسيادة الشعب وحرية الأمة، إن حربنا اليوم هى حرب مقدسة. ومطالبنا هي: وحدة البلاد السورية، ساحلها وداخلها، والاعتراف بدولة سورية عربية واحدة مستقلة استقلالاً تاماً.
>>>
كانت هذه الكلمات الصارخة بمثابة الوقود الذى ألهب مشاعر السوريين فى كل مكان، فكانت الثورة العربية السورية الكبرى والكفاح والنصر والاستقلال وإقامة دولة، وقبل أن يرحل ترك وصيته لبلاده قائلاً “وصيتى لكم، إخوتى وأبنائى العرب هى أن أمامكم طريقاً طويلة ومشقة شديدة تحتاج إلى جهاد مع النفس وجهاد مع العدو. فاصبروا صبر الأحرار ولتكن وحدتكم الوطنية وقوة إيمانكم وتراصّ صفوفكم هى سبيلكم لردّ كيد الأعداء وطرد الغاصبين وتحرير الأرض. واعلموا أن الحفاظ على الاستقلال أمانة فى أعناقكم بعد أن مات من أجله العديد من الشهداء وسالت للوصول إليه الكثير من الدماء. واعلموا أن وحدة العرب هى المنعة والقوة وأنها حلم الأجيال وطريق الخلاص”.
>>>
واعلموا أن ما أُخِذَ بالسيف، بالسيف يُؤخَذ، وأن الإيمان أقوى من كل سلاح، وأن كأس الحنظل فى العز أشهى من ماء الحياة مع الذل وأن الإيمان يُشحَن بالصبر ويُحفَظ بالعدل ويُعَزّز باليقين ويُقوّى بالجهاد. عودوا إلى تاريخكم الحافل بالبطولات، الزاخر بالأمجاد لأنى لم أرَ أقوى تأثيراً فى النفوس من قراءة التاريخ لتنبيه الشعور وإيقاظ الهمم لاستنهاض الشعوب فتظفر بحريتها وتحقق وحدتها وترفع أعلام النصر. واعلموا أن التقوى لله والحب للأرض وأن الحق منتصر وأن الشرف بالحفاظ على الخلق، وأن الاعتزاز بالحرية والفخر بالكرامة وأن النهوض بالعلم والعمل، وأن الأمن بالعدل وأن بالتعاون قوة.
وأنا بدورى أرسل ذلك المقال الذى يحوى بين سطوره رسالة غير مشفرة للشعب السورى الحبيب.