ما فعله الاحتلال فى قطاع غزة فاق ما حدث من تدمير خلال الحرب العالميتين الأولى والثانية.. خاصة ضد شعب أعزل يطالب بحقوقه المشروعة بعد إغتصاب الأرض من أصحابها الأصليين وهذا ما جعل الكثير من الدول تتعاطف مع القضية الفلسطينية بعدما بلغ الظلم مداه على يد سلطان الاحتلال ورؤية العالم مشاهد يندى لها الجبين ولاتخاذهم سياسة الأرض المحروقة فى قطاع غزة كى يستحيل العيش فيها ثانية وهى سياسة صهيونية معلومة لدى الجميع، والأكثر من ذلك محاولة إجبار أهل غزة على التهجير بتشجيع من الرئيس الأمريكى الذى قرر بتهجيرهم إلى الدول المجاورة خاصة فى الأردن ومصر والسعودية وتشجيع بعض الدول الأخرى على قبولهم للعيش فى أراضيهم.. وهو ما لاقى الاستهجان والرفض خاصة من مصر التى رفضت رفضاً قاطعاً لذلك من مسئولياتها التاريخية وعروبتها ووضعت خطة لإعادة الإعمار فى مدة زمنية قصيرة لقطع الطريق على إدعاء ترامب باستحالة الحياة ثانية بحجة التدمير الكامل والاحتياج لملايين من المليارات لإعادة الحياة للقطاع، ناهيك عن اعتراض اليهود المتدينين أنفسهم وعلى رأسهم ألا وهو دوف لاندو الحاخام اليهودى الشهير.. فماذا قال:
قال هذا الحاخام وهو شخصية بارزة فى مجتمع الحريديم المتشدد وأحد القادة الرئيسيين فى عالم التوراة الحريدى.. أن الصهيونية جلبت الكوارث المادية والروحية على إسرائيل واصفا الإسرائيليين بأنهم لصوص لأن أى مطلع على الفكرة الصهيونية يعرف كيف كانت فى الماضى منذ إنشائها عن طريق حركة بنى عكيفا والتى مازالت قائمة حتى الآن.
أضاف الحاخام أن اليهود العلمانيين اليوم لم يتربوا على أى تعليم يهودى تورائى ولا يملكون أى شىء بل لا تربطهم صلة باليهودية وأن النقاش معهم لم يعد مجدياً حيث تربوا على البدع وشوهوا التوراة، ورداً على سؤال حول ما يقوله الحكماء بأن إسرائيل مستمرة فى النزول إلى الاسفل أكثر فأكثر أكد الحاخام أن ذلك أمر مؤسف وأن العديد من الشباب الإسرائيليين يضحى بحياته بحجة حراسة الشعب والأرض وهم يموتون لأن حاخاماتهم يعلمونهم توراة مشوهة، مشيراً إلى أنه كان من الممكن العيش حياة طيبة بدون دولة مع العرب وأننا إذا عدنا إلى الوراء أكثر فربما كان يوسعنا أن نفعل كما فعل الحاخام حايين سونينفيلد الذى قال إن الوضع كان طيبا عندما كان العرب يحكمون تلك الأرض بقصد «فلسطين» واصفا العرب بأنهم عندما كانوا فى السلطة كانوا محترمين ولم يتدخل أحد فى شئونهم وكانوا يجلبون المال إلى البلاد، مؤكدا أنهم أى «اليهود» كانوا يعيشون بسلام مع العرب فى الماضى قبل احتلال الأرض المقدسة، وفى النهاية دعا الحاخام دوفى لاندو العرب إلى حكم إسرائيل مرة أخرى.
الحقيقة كلام هذا الحاخام لم يأت من فراغ لأنه من الذين يؤمنون بأن العودة إلى الأرض المقدسة لا تكون إلا بعد نزول المسيح وبعد الخلاص من الذنوب التى اقترفوها فى حق الرب يهوذا، وربما هذا المعتقد التورائى ما جعل بعض اليهود المتشددين فى أمريكا يقفون بالأعلام الفلسطينية أمام البيت الأبيض الأمريكى خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو رافضين السياسة الإسرائيلية الصهيونية فى حق الفلسطينيين واتخاذهم العنف والتهجير وسبله للقضاء على الفلسطينيين ومنعهم من العيش سويا كما كان فى السابق.
صراحة شهادة هذا الحاخام وغيره تؤرق بال الحكومة الإسرائيلية التى لا تستمع إلا لآلة الحرب والتى كانت سببا فى تدمير هيكل سليمان على يد بنوخذيف البابلى والذى أخذ عشرات الآلاف من اليهود أسرى وكانت سببا أيضا فى تدمير الهيكل الثانى على يد الرومان للأسباب نفسها والتى منها إثارة الفتن والشغب والثورات، كما أن شهادة هؤلاء العقلاء أو الحكماء من اليهود ستغير نظرة الكثير من دول العالم فى الفكر الاستعمارى الإسرائيلى وتجعلهم يعيدون قراءة التاريخ الأسود لإسرائيل وإعمال العقل وإمعان الفكر فيما يصدره الإسرائيليون بأحقيتهم فى أرض الميعاد دون غيرهم من السكان الأصليين مع إنهم الذين اختاروا الشتات فى مختلف أصقاع الأرض وهذا إدعاء باطل كشفه الحاخامات والحكماء وعلى الذين يتعاطفون مع الإسرائيليين خاصة فى الغرب وأمريكا ألا ينجرفوا خلف إدعاءات إسرائيل الباطلة ويصدقونهم ويعينوهم فى تحقيق دولتهم المزعومة من النيل إلى الفرات، كما إنه على دول الغرب استعادة ما فعله اليهود فى بلادهم الأمر الذى جعلهم يطردونهم منها والبحث عن وطن بديل خارج أوروبا للتخلص من مشاكلهم وفتنهم ولكن للأسف جاء وعد بلفور البريطانى بمثابة قبلة الحياة التى أعادت لهم الروح والعودة إلى أرض الميعاد التى طالما حلموا بها وتحققت بمساعدة بريطانيا العظمى التى انطفأت شمسها ومن بعدها أمريكا العظمى التى واصلت الدعم المادى والعسكرى مما مكن الإسرائيليين أكثر من الفلسطينيين وتعقيد القضية الفلسطينية أكثر وأكثر خاصة بعد وعد ترامب الأكثر ظلما من وعد بلفور بتهجير الفلسطينيين وطردهم من أرضهم المغتصبة أمام أعين العالم.. ولكن هيهات هيهات فلا الذين عرفوا حقيقة الإسرائيليين وأطماعهم من اليهود المتدينين أنفسهم ومن غالبية دول العالم التى استفاقت وبدأت تعيد حساباتهم من جديد.. شكراً لهذا الحاخام الجرئ وشكراً لليهود المتدينين والشكر الموصول لموقف مصر المشرف التى تقف بقوة فى وجه الظلم للفلسطينيين وفتحت أبوابها ومستشفياتها لعلاج آلاف الجرحى ومعاملتهم كالمصريين ناهيك عن المساعدات الإنسانية التى لاحصر لها ولا تزال ولم تكتف القيادة السياسية بذلك بل دعت إلى قمة عربية وإلى توحد العرب فى مواجهة الغطرسة الأمريكية والأطماع الإسرائيلية.